بكركي مرتاحة للمسار الجديد... الانتقال من الإحباط الى بناء الدولة القويّة

كل المؤشرات تدل على ان الطريق سالكة امام ولادة طبيعية لحكومة العهد الاولى بإزالة كل المعوقات، فالكتل النيابية تبدي استعدادا لتسهيل مهمة الرئيس المكلف نواف سلام، ومن المتوقع ان تضم الحكومة اصحاب الكفاءة وشخصيات غير حزبية، وعمليا يمكن الحديث عن انحسار المناخ السلبي الذي نتج من مسار تسمية القاضي نواف سلام. ووفق المعلومات، فإن لقاء الرئيس المكلف مع رئيس المجلس تمكن من تبديد الهواجس وصياغة تفاهم بين سلام و "الثنائي الشيعي"، حيث يسعى "الثنائي" لتحسين شروط المشاركة في الحكومة، وقد فتحت ابواب التفاوض بين الحزب وقصر بعبدا والسراي.

مسيحيا، يبدو الوضع بأحسن حالته، فانتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية بإجماع داخلي ودولي، يلاقي ارتياحا في الوسط المسيحي، ومن شأنه ان يعيد الدور المسيحي الى الواجهة من جديد، بعد مرحلة من  التقهقر السياسي ومصادرة الصلاحيات،  كما ان حصول عون على ٩٩ صوتا من أكثرية الكتل السياسية، أضفى المزيد من الارتياح على كل الجو السياسي.

ومن الواضح تقاطع مصالح القوى السياسية التي ضمنت انتخاب عون رئيسا، فالثنائي الشيعي يتطلع الى مرحلة تخطي الحرب وإعادة الاعمار، فيما يعوض السنة مرحلة الإحباط السني، بعد خسارة الشهيد رفيق الحريري  ومغادرة سعد الحريري، فيما يرى الجزء الأكبر من المسيحيين في شخص العماد عون  نسخة عن الرئيس فؤاد شهاب، وترى غالبية المسيحيين في شخصية عون صورة الرئيس القوي  القادر على الاصلاح والنهوض بالدولة.

فانتخاب عون أنهى الإحباط المسيحي، ولاقى ارتياحا مسيحيا عارما لدى بكركي والطوائف المسيحية، التي سارعت لتهنئة الرئيس في قصر بعبدا، مع ان الرئيس تمنى على القيمين على الكنيسة عدم المبالغة بالوفود الكنسية، احتراما للوضع السياسي العام، وخروج لبنان من محنة الحرب التي كلفت لبنان دمارا وعددا كبيرا من الشهداء. المشهد المسيحي بات مختلفا بالكامل، فلبنان على أبواب مرحلة جديدة، والثقة معقودة على العهد لاعادة بناء الدولة والمؤسسات ومحاربة الفساد.

وتؤكد مصادر كنسية ان المسؤولية تقع اليوم على عاتق المسيحيين بمؤازرة العهد الجديد، والوقوف الى جانب العهد لاطلاق يده في عملية قيام الدولة، وعلى المسيحيين التخلي عن الأنانية وتغليب منطق الدولة على المصالح، وتقديم التنازلات وعدم المطالبة بحصص، وتحميل العهد فوق طاقته في عملية تأليف الحكومة، فالكنيسة مرتاحة للجو الجديد، وعظات بكركي من لحظة انتخاب الرئيس وانهاء الشغور في بعبدا، تأخذ منحى مغايرا وحيويا، بعدما كانت بكركي تشكو دائما من الشغور الرئاسي، وفراغ وتعطيل وشلل المؤسسات.