المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم بيرم
الثلاثاء 12 آب 2025 07:46:53
بوادر أزمة ثقة متجددة، تبدت أخيرا بين "الأونروا" واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، على خلفية تحذير وصرخة أطلقتها الوكالة في الأيام الماضية نبهت فيها من أنها ستجد نفسها مضطرة في غضون وقت قصير إلى تقليص خدماتها وتقديماتها المتنوعة للاجئين، ما لم يتم نجدتها وإغاثتها من جانب الدول والجهات التي اعتادت منحها ودعمها لتؤدي المطلوب منها.
لكن صرخة الاستغاثة تلك لم تجد صدى إيجابيا عند اللاجئين، بل إنها أيقظت في نفوسهم مخاوف من أن يكون تقليص الخدمات مقدمة لتصفية الوكالة دورا ومهمات، بما هي وكالة إغاثة يعتمد عليها اللاجئون في لبنان في شكل أساسي.
التحذير أتى على لسان مديرة الوكالة في لبنان دورتي كلاوس، إذ أقرت بأهمية دورها في حياة اللاجئين لكونها تؤمن تعليما لنحو 35 ألف طالب وخدمات صحية لأكثر من 200 ألف مريض سنويا، فضلا عن مساعدات مالية للأسر الفقيرة والمعدمة والتي تشكل ما يزيد على 70 في المئة من عدد اللاجئين، لكنها في المقابل تكشف صراحة أن الأوضاع المالية للوكالة غير مستقرة لأنها لم تتسلم مساهمات الدول المانحة في الآونة الأخيرة.
وتذهب كلاوس في تحذيرها إلى القول إنه ما لم تتسلم الوكالة مساعدات شهري آب/أغسطس الحالي وأيلول/سبتمبر المقبل فثمة فجوة مالية ستفرض نفسها، مع احتمال أن يدفع هذا الوضع بالوكالة إلى تقليص خدماتها مقدمة لما هو أكثر سلبية، ومنها دمج الوكالة لمؤسساتها وإقفال بعضها الآخر.
لكن جهات فلسطينية معنية بمتابعة الموضوع تأخذ كلام كلاوس على محمل آخر لكونه يوقظ المخاوف من وجود مخطط خفي لشطب الوكالة نهائيا. وتؤكد تلك الجهات أن "الأونروا" أنشئت أصلا لتوفر كل الخدمات للاجئين في لبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية، لذا فإن أي خلل في موازنتها سيؤدي إلى إلحاق ضرر جسيم باللاجئين، وخصوصا أنهم اعتمدوا على خدماتها.
وتذكر تلك الجهات أن "الأونروا" لها وضع خاص بين وكالات الأمم المتحدة، فهي ليس لها موازنة ثابتة ودائمة بل تعتمد على إعانات ومساعدات ومنح من جهات مانحة، وهذا الأمر مقصود لإبقاء الوكالة على كف عفريت.
وحيال ذلك تخشى الجهات عينها أن يكون تقليص الخدمات مقدمة ليوم يصفى فيه دورها فتنتهي قضية اللاجئين الذين هم أهم اجتماع لفلسطينيي الشتات من حيث العدد والدور والتاريخ النضالي.
وتضيف أن "ما يزيد منسوب خوفنا وارتيابنا هو الخشية أن تبادر الوكالة في يوم ما إلى واحد من أمرين:
إما نقل خدماتها إلى وكالة أممية رديفة، وهي خطوة لإنهاء قضية اللاجئين.
وإما أن تتخلى عن خدماتها ودورها للدولة اللبنانية، وهذا معناه أعباء ومخاطر إضافية للشعبين اللبناني والفلسطيني".
ويقول المسؤول عن ملف العمل الجماهيري في حركة "حماس" رأفت مرة: "خشيتنا جدية أن يؤدي إنهاء دور "الأونروا" في لبنان إلى فتح الباب أمام زيادة الأعباء والمخاطر على اللاجئين والدولة اللبنانية، وفي كل الأحوال توجسنا حاضر من أن يكون ثمة خطة ممنهجة مدعومة دوليا لتفكيك "الأونروا" وإنهاء لدور الذي تضطلع به منذ إنشائها عام 1948. وليس خافيا علينا أن الاحتلال الاسرائيلي يمعن في استهداف الوكالة دورا ومؤسسات بقصد تصفيتها، وفي هذا الاطار نذكر ممارسات الاحتلال في حق الوكالة في غزة والتي إدت إلى تدمير 30 مركزا لها وقتل نحو 200 موظف وعامل فيها، فضلا عن أن الاحتلال يمنع الوكالة من العمل في القدس ويعرقل نشاطها في الضفة الغربية تحت عناوين شتى".