المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: طوني جبران
الأحد 22 كانون الاول 2024 16:17:43
لم يكن مستغربا ان ترتفع حماوة الاتصالات والمشاورات يوما بعد يوم كلما اقترب موعد جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل المخصصة لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية. وهو ما دفع بالمراقبين الى وضع جدول بياني جديد بخريطة القوى النيابية المتحركة التي افضت إليها الإتصالات الجارية على أكثر من مستوى بطريقة توحي بإمكان تكوين أكثرية نيابية جديدة ان بقيت على زخمها. وهو امر طبيعي يمكن رصده في موازاة المتغيرات التي انتهت اليها العمليات العسكرية والامنية الكبرى في سوريا التي انهت حكم آل الأسد وانتصار الثورة من دون اغفال اهمية خروج إيران منها وما ادت اليه الضربة الاسرائيلية الأخيرة على أراضيها من نتائج ظهرت على سوء حياة مواطنيها اليومية. وقبلهما ما انتجته الحرب في لبنان ولا سيما تلك التي أعقبت الإتفاق على وقف النار وما فرضه من شروط على حزب الله وما يمكن ان تقود اليها الخطوات التنفيذية لتطبيق القرار 1701 وما قد تقود إليه أعمال اللجنة الخماسية الدولية حيث بدأت الخطوات العملية المؤدية الى انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلية من القرى الجنوبية المحتلة وتسليمها الى الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل".
على هذه الخلفيات، عبرت مصادر سياسية وديبلوماسية عبر "المركزية" عن قراءة جديدة عكست ارتياحها للتحولات النيابية المحتملة التي بدأت تطل بقرنها من زوايا متعددة حتى اليوم وانعكاساتها على مصير الاستحقاق الرئاسي بشكل اقترب من تكوين مواقع قوى وتكتلات نيابية جديدة قبل ايام قليلة على جلسة الانتخاب. وهي عملية تحتاج الى بعض الوقت لاكتمالها بالشكل المتوقع دون استبعاد ان تنتج اكثرية جديدة يمكن ان تحسم المواجهة السلبية المفتوحة منذ 26 شهرا من خلو سدة الرئاسة من شاغلها.
واستنادا الى المعطيات الجديدة، تقرأ المصادر في الخريطة الجديدة، وتتناولها من أكثر الزوايا المؤثرة على الانقسام الحاد الذي كان قائما عشية جلسة الثاني عشر من حزيران العام 2023 والتي لم تعقد اي جلسة انتخابية من بعدها . وهذه بعض التعديلات الاساسية التي يمكن قياسها على مستوى الإنقسام الحاد الذي كان قائما من حول "الثنائي الشيعي" وحلفائه من جهة والمعارضة من جهة أخرى.:
- على مستوى الفريق الأول بات واضحا ان معظم الحلفاء الذي تحلقوا طيلة الفترة السابقة من حول "الثنائي الشيعي" الذي كان يتحكم باللعبة الانتخابية قد تفرقوا ولا سيما عند التوصل الى وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي وما شكله من هزيمة لا يمكن اخفاؤها على احد. وازداد بعدهم بعد انتصار الثورة السورية في 8 كانون الثاني الجاري وما شكلته من انقلاب في موازين القوى في سوريا والمنطقة ولا سيما على "محور الممانعة" الذي بات خارجها. ولعل في مواقف بعض التكتلات النيابية ما يشي بالواقع الجديد بعدما تفككت بعض الكتل النيابية ذات الاكثرية السنية وبدأت عملية تجميع اصواتها في تشكيلة جديدة اقتربت من ان تكتمل برعاية سعودية واضحة أنتجت مواقف ابعدتها عن أهداف الحزب ومواقفه الرئاسية وباتت تشكل نواة اكبر إن تحالفت مع كتلة الاعتدال الوطني ونواب مستقلين بدأوا بإعادة النظر بمواقفهم وقد يجمعون الى جانبهم نواب الطاشناق وآخرين.
-اما على مستوى المعارضة فقد اصيبت بندوب واضحة لكنها دون تلك التي أصيب بها الخصوم. وهي عملية حتمية بعد تردد كتلة نواب "لبنان القوي" عن امكان اي تقاطع جديد مع مجموعة الكتل التي تشكل لقاء النواب الـ 31 بمشاركة فاعلة من نواب القوات اللبنانية والكتائب وتجدد وبعض النواب المستقلين. وهي لم تخسر عمليا حتى اللحظة سوى تشكيلة "نواب اللقاء الديمقراطي" عند البحث بأي عملية تقاطع يمكن ان تنشأ في أي وقت بعد حسم موقفها، داعية للتصويت لقائد الجيش العماد جوزف عون.
والى هذه المعطيات، يبدو ان في الافق امكان تشكيل قوة ثالثة تجمع أكثرية النواب السنة مع مجموعات من النواب المستقلين بشكل وضعت فيه الثنائي الشيعي وحيدا في المواجهة المقبلة وباتت الاحصائيات تعطيه حجمه العددي الطبيعي ان بقي التفاهم قائما بين الحزب وحركة امل فإنه لن يتجاوز النواب الـ 27 سوى بصوت او صوتين على ابعد تقدير ان اكتملت التحضيرات لتركيبة القوة الثالثة.
وعليه، فقد ظهر فاضحا ان المتغيرات الاخيرة اعادت الى الواجهة تفسير الظروف والأهداف غير المعلنة لجهة إصرار الثنائي على تعطيل استحقاق انتخاب الرئيس بتطيير النصاب أكثر من مرة متتالية بعدما اظهر عجزا مطلقا في ايصال مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية قبل وأثناء "حرب الالهاء والاسناد"، اعتقادا منه ان الحرب ستنتهي لصالح المحور في المنطقة ولبنان، بطريقة ولو كانت ملتبسة كتلك التي انتهت اليها حرب العام 2006 بما يمكنه من بعدها فرض انتخاب فرنجية - او أي مرشح آخر على الأرجح - يمكن تسميته بعد استحضاره في لحظة معينة. ذلك ان بعضا ممن يدورون في فلك "محور الممانعة" سبق لهم ان تداولوا ببعض الاسماء في بعض المراحل على سبيل الاستخفاف بالمعارضة بكامل مكوناتها ان لم تكن من اجل المس بمكانة وموقع ودور رئيس الجمهورية.