بيان بو حبيب ليس من "عندياته"... وبوغدانوف يرفض استقبال موفد الرئيس عون

أدّت الاتصالات الأميركية المباشرة مع الرئيس ميشال عون، فضلاً عن المكوكية الدبلوماسية باتجاه قصر بسترس، وعبر حركة السفيرة دورثي شيا إلى ان يبقى لبنان في دائرة المحور الغربي لجهة الموقف من حرب روسيا الاتحادية على اوكرانيا، التي كانت لوقت غير بعيد ضمن منظومة الاتحاد السوفياتي السابق.
وعكس الاجتماع الذي عقد بعد ظهر أمس في بعبدا، وحضره إلى الرئيس ميشال عون الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب القرار الذي اتخذ وترجم بالتصويت لصالح القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ويدعو موسكو لوقف حربها على كييف.
وكشفت مصادر ديبلوماسية عن بوادر ازمة ديبلوماسية، تلوح بالافق بين لبنان وروسيا على خلفية البيان الذي اصدرته وزارة الخارجية بادانة الحرب التي شنتها روسيا على اوكرانيا منذ ايام، وصدرت على اثره ردود فعل مستاءة من الجانب الروسي بخصوصه، في حين حاولت رئاسة الجمهورية التملص منه من دون جدوى، فيما سارع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل غسل يديه للتبرؤ منه، بلا طائل.
واشارت المصادر إلى ان رئيس الجمهورية حاول الاستعانة بمستشاره للشؤون الروسية امل ابو زيد للاتصال بالجانب الروسي كعادته لتوضيح موقف عون ورئيس التيار الوطني الحر، الا انه تبين لاحقا، رفض ميخائيل بوغدانوف استقبال ابو زيد، للتعبير عن مدى الاستياء الذي تسبب به البيان لدى الجانب الروسي.
وكشفت المصادر ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حاول الاتصال ببوغدانوف لتوضيح ما حصل والتوسط لزيارة ابو زيد، ولكنه ام يستطع التواصل مع المسؤول الروسي.
ولاحظت المصادر انه لم تمض ايام معدودة حتى ظهرت دلائل جديدة، تؤكد ان بيان وزارة الخارجية المذكور، لم يكن من بنات افكار وزير الخارجية ومن عندياته، كما حاول ايهام الرأي العام سابقا، اولها، التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية أبوحبيب من بعبدا بالامس، واكد فيه ان البيان المذكور صدر بموافقة عون وميقاتي، وثانيا، ما ورد في ختام البيان الصادر عن السفارة الاميركية حول زيارة وفد الخزانة الاميركية الى لبنان، وتضمن توجيه الشكر للحكومة اللبنانية على موقفها بادانة الغزو الروسي غير المبرر والمتعمد على اوكرانيا، وثالثا، تصويت لبنان بتاييد قرار ادانة روسيا في الامم المتحدة يوم أمس.
وخضع البيان الرسمي إلى صياغة دبلوماسية دقيقة، بحيث بدا الحرص قائماً على استرضاء روسيا الاتحادية بعد غضب السفير في بيروت وردة فعله على البيان الأوّل، لكن الوجهة الأخيرة ستصب في الخيار الأميركي، نظراً لتشابك المصالح اللبنانية وارتباطها بالولايات المتحدة الأميركية لجهة الترسيم، أو استجرار الكهرباء والغاز أو العقوبات أو رقابة الخزانة الأميركية، ودعم صندوق النقد لإنقاذ الاقتصاد اللبناني.
لم يغفل بوحبيب الإشارة في البيان الصادر عن الاجتماع، إلى العلاقات التاريخية التي تجمع بين لبنان وروسيا الاتحادية.
وجاء في البيان: وحيث ان لبنان عانى من الاعتداءات والاجتياحات العسكرية على سيادته وارضه وشعبه، وعملا بمنطوق ميثاق الامم المتحدة الذي كان لبنان احد المشاركين في وضعه، وايماناً من لبنان بأن الصراعات العسكرية لا تخلف سوى المآسي والاضرار والخسائر والدماء والدمار على الدول والشعوب، وانطلاقاً من قناعة راسخة لدى لبنان بأن الحوار يبقى الخيار الوحيد المتاح لحل النزاعات بين الدول استناداً الى المواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان، الامر الذي يتيح الاخذ بهواجس طرفي النزاع وسيادتهما وامنهما، فإن لبنان يطالب الجمعية العامة للامم المتحدة بالعمل على تعزيز فرص التفاوض بين الجانبين الروسي والاوكراني للتوصل الى حل سلمي للنزاع بينهما يعيد الامن والاستقرار. وفي ضوء ما تقدم، يبقى لبنان منسجما مع موقفه المعلن يوم الخميس في 25 شباط الماضي.

بالطبع لم يكن في الإمكان إلا إصدار هذا البيان الذي عكس ضرورة الحوار وفرص التفاوض والمحافظة على العلاقات التاريخية بين لبنان وروسيا، لكنه ظل منسجما مع الموقف المعلن يوم الخميس في ٢٤ شباط الماضي، موقف اعلنه الوزير بوحبيب وحمل توقيع وزارته حول « إدانة الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية».

وحسب معلومات "اللواء" البيان الذي صدر بالأمس عزز تأكيدات بوحبيب لجهة عدم الاستفراد في الموقف، وهنا قد لا يكمن بيت القصيد. فهو بأختصار ثبت الموقف نوعا ما من الأزمة، حتى وإن رأى البعض أنه يراعي التوازن المنشود، والبعض الآخر أنه مبهم.

لم يقل لبنان أنه ينأى بنفسه، لكنه يسعى قدر المستطاع إلى تجنيب لبنان أي انعكاسات سلبية وفق الأوساط الرسمية، حتى أن ثمة رغبة في إلا يصل صدى الموضوع إلى مجلس الوزراء منعا لتفجيره.

وهنا أعربت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» عن اعتقادها ان استئخار جلسة مجلس الوزراء إلى الجمعة كان بهدف تجنب الحديث في هذه القضية من أي زاوية، مشيرة إلى أن هناك من يتمسك بمقولة ان السياسة الخارجية لا تبحث في مجلس الوزراء.

وتوقفت المصادر نفسها عند الحركة الديبلوماسية التي شهدتها المقرات الرسمية لأستطلاع الموقف اللبناني من الحركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما أن هناك سلسلة اتصالات خارجية رفيعة اجريت بالمسؤولين اللبنانيين في هذا السياق، موضحة أنه مكتوب على لبنان ان يبقى تحت الأختبار دائما لمعرفة الجهة التي عليه أن يسلكها. وقالت ان الضغط الأميركي كان جليا لحض لبنان على اتخاذ الموقف، وقد عكست زيارة السفيرة الأميركية إلى قصر بعبدا ظهرا هذا الأمر، ثم اتصال مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فكتوريا نولاند بالرئيس عون بعد الظهر.

ad

 

ولفتت إلى أن سواء جاء البيان مرضيا للبعض أو لم يأت، إلا أنه قد يكون افضل الممكن بالنسبة إلى لبنان في ظل الظروف التي يتخبط بها وتستدعي مواصلة دعمه من الخارج.

 

وعلمت «اللواء» أن وزير الخارجية والمغتربين لا يزال يستكمل مشاوراته بشأن ملف التشكيلات الديبلوماسية، وتردد أنه عازم على طرحها، وعلم أن يعمل على أن تضم سفراء من داخل الملاك وإغلبية الأسماء من سفراء يعملون في الخارجية سيتم اعتمادهم في الخارج وذلك في حال تم التوافق عليها.