بين الإستطلاع والحاجة الى التنسيق المباشر السريع... إيران بين ملعقة نتنياهو وصَحْن بن سلمان!

بمعزل عن النّفي السعودي لخبر الزيارة السرية لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السعودية، إلا أن التداوُل بمعلومات من هذا النّوع ليس مزحة.

فعلى قاعدة أن "لا دخان من دون نار"، قد يتخطى هذا الإجتماع إذا حصل بالفعل، ملف التطبيع بين الجانبَيْن، ليشكّل ما يُمكن وصفه بلقاء أمني سريع ومُصغَّر، بالتزامُن مع تكثيف الضغوط على إيران، قُبَيل مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "البيت الأبيض". 

مرفأ بيروت!

فالإدارة السعودية مُدرِكَة جيّداً لأهمية الاستفادة من المدّة المتبقّية لترامب في السلطة، لحَسْم الملف اليمني، قبل ضغوط ستتلقّاها من الرئيس الأميركي المُنتَخَب جو بايدن لوقف الحرب في اليمن، بحسب معظم الخبراء. فضلاً عن أن إسرائيل بحاجة أيضاً الى تحطيم الميليشيات الإيرانية في الدول المحيطة بها، بالحدّ الأقصى، قُبَيْل رحيل ترامب، وهو ما يتطلّب تنسيقاً عربياً - إسرائيلياً كبيراً وسريعاً، لا بدّ من الحديث المباشر مع السعودية في شأنه.

وتبقى العين على لبنان، لكَوْنه البقعة الجغرافية للذّراع الإيرانية الأقوى في المنطقة، أي "حزب الله"، ولا سيّما بعد كارثة انفجار 4 آب الفائت، التي فتحت الأعيُن الدولية على مرفأ بيروت، وعلى الأنشطة فيه. 

مستشاران سعوديان

شدّد العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر على أن "التعليق على هذا الخبر لا بدّ له من أن يأخذ في الاعتبار أنه ليس مُثبَتاً بالكامل بَعْد، وذلك بمعزل عن أنه قد تكون هناك اتصالات بين الطرفَيْن، تأخذ طابع السريّة".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "المصدر الأساسي للخبر كان إسرائيل نفسها، وهو اكتسب قيمة من خلال الإشارة الى أن اللّقاء بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، حصل بحضور وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بحسب الرواية الإسرائيلية. والمُلفِت أيضاً هو أنه عندما انتشر (الخبر)، سارعت السعودية الى نفيه جملة وتفصيلاً. ورغم النّفي السعودي، تمّ نشر أنباء تستند الى معلومات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مستشارَيْن سعوديَّيْن، تُفيد بأن الاجتماع حصل بالفعل، وبحضور بومبيو ورئيس الموساد الإسرائيلي أيضاً". 

استطلاع 

ولفت عبد القادر الى "أننا نعلم من تاريخ العلاقات العربية - الإسرائيلية، أنه عندما كان التعامل مع إسرائيل لا يزال مُحرَّماً بالكامل في الماضي، حصلت اتصالات واجتماعات عربية - إسرائيلية، ولا سيّما بين الملك حسين، أو قطر، أو سلطنة عمان، مع مسؤولين إسرائيليين". 

وقال:"من هذا المنطلَق، يُمكن لهذا الخبر أن يكون بداية لنوع من استطلاع، لمستقبل العلاقات بين السعودية وإسرائيل، قد لا تكون قريبة، ولم يَحِن الوقت بَعْد للإعلان عنها". 

لواء النّخبة 

وأكد عبد القادر أنه "إذا سلّمنا بحصول الإجتماع، فإن جلسة مماثلة ستكون إيران في رأس قائمة أولويات البحث فيها، خصوصاً أن طهران باتت تشكل العدو الفعلي للدول العربية، كما هي بالنّسبة الى إسرائيل أيضاً". 

وأضاف:"إيران والميليشيات التابعة لها، هم فريق واحد، إذ إن تنظيم وتمويل وتسليح وتدريب تلك الميليشيات، والأوامر التي تعمل بموجبها، هي كلّها من "الحرس الثوري". فعلى سبيل المثال، "حزب الله" هو لواء النخبة في قوات "الحرس الثوري"، ولا فرق بين إيران وميليشياتها، سواء تلك التي تعمل في لبنان أو في سوريا والعراق واليمن". 

ضربة كبيرة 

وفي ما يتعلّق بمرفأ بيروت، اعتبر عبد القادر أن "محصّلة كل ما جرى فيه هو أن ضربة كبيرة تلقّاها الإقتصاد اللبناني، ومستقبل لبنان الإقتصادي، ودوره في المنطقة". 

وتابع:"التقارُب الخليجي مع إسرائيل، والإعتراف الديبلوماسي المتبادَل بين بعض الدول الخليجية وتل أبيب، وتسيير الرحلات، هي مستجدات تُنذِر بعودة مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الى الواجهة من جديد، وهو مشروع كان خطّط له في السابق (الرئيس الإسرائيلي الراحل) شيمون بيريز". 

وختم:"على هذا الأساس، صار مرفأ بيروت الذي كان بوابة لهذا الشرق، ومطار بيروت الذي كان أيضاً بوابة جويّة للشرق، في تراجُع واضح. وقد يكون قُضِيَ على الدور الإقليمي لمرفأ بيروت، الذي كان يُعتَبَر مقوِّماً بارزاً في الإقتصاد اللبناني. هذا بالإضافة الى الخسائر الكبيرة في الأرواح، والدمار الهائل، بعد انفجار 4 آب الفائت".