المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نوال برّو
الجمعة 31 كانون الثاني 2025 07:35:17
فاجأت مؤسسة "القرض الحسن" بيئة المقاومة بقرارها تأجيل صرف كمبيالات التعويضات للمتضررين إلى 10 شباط، معلّلة ذلك بـ "مشاكل تقنية وإجرائية داخلية". وأعلنت أن أعمالها الأخرى "ستبقى قائمة ومنها صرف القروض والسحب والإيداع في الحسابات... وغيرها من الأعمال المالية".
بين وعود معلنة وتعليلات تقنية غير مقنعة، تتكشف أبعاد أعمق لأزمة مالية خانقة يعاني منها "حزب الله". وتشير مصادر إلى أن الموظّفين في "القرض الحسن" فوجئوا، كما عامّة النّاس، بهذا القرار والذي لم يُقدّم لهم تبريراً واضحاً له.
وكان "حزب الله " قد أعلن بعد أيام من انتهاء الحرب الأخيرة عن تقديم تعويضات للمتضررين. وبحسب ما أُعلن، تسلم مؤسسة "القرض الحسن" كلّ عائلة مبلغ 14 ألف دولار سنوياً: 8 آلاف دولار منها تخصص بدلاً للأثاث وتدفع لمرة واحدة، و6 آلاف بدل إيجار سكني لمدة سنة للمقيمين في بيروت وضواحيها، و4 آلاف بدل إيجار للمقيمين في الجنوب والبقاع وغيرهما.
ورجّح العميد عادل مشموشي أن المسؤولين الإيرانيين الذين زاروا لبنان منذ فترة، حملوا في جعبتهم مساعدات وضعوها بتصرف "حزب الله" لمعالجة الأمور الطارئة وللحفاظ على معنويات البيئة المناصرة له والتي ذاقت المرّ والذلّ من هذه الحرب. كما حاول "حزب الله"، برأي مشموشي، "امتصاص النقمة الشعبية" عبر إصلاح المنازل المتضررة بالمبالغ الصغيرة التي بحوزتهم، مؤجلاً موضوع إعادة الإعمار الذي يتطلب مبالغ مالية كبيرة. وبغض النّظر عن الخسائر التي مني بها "حزب الله" ومؤسساته، يبدو أن ما حصل، كما أوضح مشموشي، أن "الحزب" كان يقوم بصرف هذه الأموال في الفترة السابقة على أمل إمداده بالمزيد، إلا أن خط الإمداد تقلص ولم يعد مريحاً. كما أصبحت هناك عمليات تدقيق على منافذ العبور وبخاصة الجويّة منها سيّما بعد إقفال الخط البري. ولفت إلى انه لا يجب أن ننسى أن إيران تعاني من أزمات اقتصادية ومعيشية داخل المجتمع الإيراني،وبالتالي قد يكون هذا الأمر عاملاً مؤثراً. هذه العوامل وأكثر، وضعت "حزب الله" في موقف حرج. ولا يكفي ما تبقى من أموال لسداد كافة المتطلبات كما لا توجد أموال جديدة، ما اضطرهم إلى وقف التعويضات في الوقت الحالي.
ورفض مشموشي ربط توقف إعطاء مؤسسات "القرض" التعويضات باغتيال مسؤول مالي قبل يومين، لأنه هناك تدرج وتسلسل في المسؤولين وهذا الأمر لا يتطلب وقتاً طويلاً لمواجهة شغور أي موقع. أضاف: "القرض الحسن ما بيوقف على شخص". وعن احتمال صدور هذا القرار بسبب تمديد قرار وقف إطلاق النار إلى 18 شباط ، واحتمال تجدد الحرب، استبعد مشموشي هذه النظرية.
في السياق، علّق خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي على بيان مؤسسة "القرض الحسن" فرأى فيه نوعاً من "الجفاصة" السياسية. ودعا وزارة الداخلية إلى التدخّل انطلاقاً من المفردات في هذا البيان والتي تعتبر مخالفة للقانون. وقال: "إن جمعية "القرض الحسن" مرخّص لها بموجب علم وخبر من وزارة الداخلية، أي ليست ضمن المؤسسات المسموح لها استقبال إيداعات وصرف كمبيالات التعويضات والإقراض. أما المؤسسات المسموح لها بذلك، فهي تلك المصرفية الخاضعة لرقابة مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة".
ولفت إلى "أن مخالفات "القرض الحسن" لا تعدّ ولا تحصى، ومن بينها امتلاك صراف آلي". وشرح المخالفة فقال: "إن استيراد أو شراء مؤسسة لصراف آلي، يحتاج إلى إذن من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة ووزارة الداخلية. إلا أن "القرض" يملك هذا الصراف الآلي من دون الحصول على ترخيص من الجهات الرسمية". أضاف: "في ضوء الحديث عن المخالفات، فإن "القرض الحسن" مرخّص له بموجب العلم والخبر أن يعطي قروضاً صغيرة (100 أو 1000$ مثلاً)، وهذا ما لا تلتزم به الجمعية أبداً. ويمنع قانوناً على جمعيات على شاكلة "القرض" إعطاء قروض تصنّف كبيرة. وتعتبر المساعدات المالية التي يتلقاها "القرض الحسن" بشكل مباشر، دون المرور عبر الدولة اللبنانية، من الأمور التي تولّد جدلاً حول مدى شرعيتها. وتخضع هذه المساعدات لـ "شدّ حبال". فتخضع لاعتبارات سياسية ومحسوبيات، ما يثير تساؤلات حول مدى شفافيتها وعدالتها. ويتوقف تقديم المساعدة أو حجمها على مدى قرب المستفيد من "حزب الله" أو انتمائه إليه. وتبقى بيئة المقاومة، التي وضعت ثقتها في "القرض الحسن"، في حالة ترقب وقلق، بسبب وعود لم تستكمل وديون لم تسدّد بعد".
وفي ظل المشهد الضبابي، هل ستشكل هذه الأزمة بداية نهاية الجمعية؟