بين "حماس" و"حزب الله"؟

ليس الأمر مقارنة بين "حماس" و"حزب الله". الطرفان كانا جزءاً من محور الممانعة في الحرب إن في غزة أو في لبنان، فالحزب قرر حرب إسناد لحركة "حماس" بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول 2023 تحت عنوان نصرة الفلسطينيين، محملاً لبنان ما لا طاقة له على خوض معركة غير متكافئة إلى أن شنت إسرائيل حربها في منتصف أيلول الماضي والتي تسببت بدمار هائل في الجنوب والضاحية والبقاع، ولا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تفجر أحياء بأكملها في قرى الحافة الأمامية.

بالتوازي جاءت هدنة غزة في مرحلتها الأولى بضغط أميركي – دولي، لكن بنود الاتفاق في القطاع تختلف عن بنود الاتفاق في لبنان، وهذا يعود إلى موقع غزة في الداخل الفلسطيني وطبيعة المشروع الإسرائيلي في هذه المنطقة حيث استمرت الحرب الإسرائيلية على القطاع 15 شهراً. لا مقارنة بين اتفاقي غزة ولبنان، إذ أن ظروف الجبهتين تختلفان بين الداخل والخارج وفي علاقتهما بالدور الإيراني وبتوظيفاته، إلى الأهداف الإسرائيلية المختلفة أيضاً. فاتفاق غزة وان كان أعطى حماس متنفساً وحققت خلاله جملة مطالب استندت فيها إلى أوراقها مع احتفاظها بالأسرى الإسرائيليين، إلا أن نتائج الحرب التي لم تنته بعد رغم أنها طوت الطوفان ليست بمثابة النصر بعد التدمير الذي حوّل القطاع إلى منطقة غير قابلة للعيش وضرب كل البنى المدنية وهجّر الفلسطينيين إلى الجنوب، وهو ما يطرح تحديات كبرى حول القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل ووظيفة الكفاح المسلح بعد النكبات الكارثية التي انتقلت إلى الضفة الغربية.

جبهة لبنان تختلف عن غزة، إذا اعتبرنا أن مساندة الفلسطينيين تقتضي الأخذ بالاعتبار المصلحة الوطنية اللبنانية وحدود المساهمة من دون تحميل البلد أكثر من طاقته بكثير، في وقت كل جبهات الطوق كانت هادئة بما فيها الجولان السوري قبل سقوط نظام بشار الأسد. جاء اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني في الجنوب بعدما وصلت الأمور إلى حد الاختناق مع الحرب الإسرائيلية الشرسة التي وجهت ضربات كبيرة لـ"حزب الله" وهجّرت بيئته والأهالي ودمرت قرى بأكملها، واستنزفت البلد إلى حدود كارثية، ولذا وافق الحزب على البنود الـ13 ولم يعد ممكناً معها العودة إلى الوراء بما في ذلك التزامه بتسليم السلاح للجيش اللبناني في جنوب الليطاني، علماً أن هناك ما هو مخفي في ما يتعلق بالضمانات الأميركية التي أوقفت الحرب، وعليه في المرحلة الحالية لم يعد هناك من جدوى أن يستمر "حزب الله" بالحديث عن القدرات وتوازن الردع وأوهام "الانتصار".

الفلسطينيون في غزة أمام مرحلة صعبة ومخاض ليس بإمكان "حماس" الاستمرار بسياستها وكأن شيئاً لم يحدث، أما في لبنان، فالتحدي هو في كيفية توفير المناعة الوطنية بالعودة الى الدولة، وهذا يستدعي من "حزب الله" تحمل المسؤولية والخروج من المغامرات ورهانات التوظيف الإقليمي للساحة اللبنانية.