المصدر: الحرة
الثلاثاء 2 شباط 2021 16:09:19
في ظل تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد في لبنان، واكتظاظ الطوارئ وأسرة العناية المركزة في المستشفيات، بدأت ملامح أزمة جديدة تظهر بين المستشفيات الخاصة والدولة، وبينهما يقف المصاب بكوفيد - 19 باحثا عن علاج لمرضه.
وتواردت معلومات مؤخرا عن توقف بعض المستشفيات عن استقبال المرضى على حساب وزارة الصحة، ما دفع الجزء الميسور ماديا من المرضى لـ"حجز سرير" على حسابه الخاص في المستشفى لتلقي العلاج اللازم، ما أعاد طرح التساؤلات بشأن من يتحمل "فاتورة علاج" مرضى كورونا، والواقع الصحي في المستشفيات الخاصة.
"رهائن لأصحاب المستشفيات"
مستشار وزير الصحة، الدكتور محمد حيدر، يحمل في حديث لموقع "الحرة" المستشفيات الخاصة المسؤولية، ويتهمها أيضا بأخذ المواطنين رهائن، ويقول: "ممنوع جعل المواطنين رهائن لأصحاب المستشفيات، وهناك واجب طبي وأخلاقي لتقديم العون والمساعدة الكافية للمرضى قبل أي تفصيل مالي".
وأشار حيدر إلى أنّه "هناك نوعاً من الاستنسابية لدى المستشفيات الخاصة، وهناك عدد كبير من المرضى يُجبرون على دفع كلفة العلاج على عاتقهم الشخصي حتى لو كانوا من المستفيدين من ميزانية الوزارة أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، وذلك كي لا تنتظر المستشفى الإجراءات الرسمية لتحصل على مستحقاتها من الوزارة.
كلفة العلاج بـ"آلاف الدولارات"
وأضاف حيدر: "كلفة العلاج تتجاوز عشرات آلاف الدولارات، وفي حال وافقت المستشفى على شمول المريض بتغطية الوزارة أو الصندوق الاجتماعي (يغطيان 85-90% من إجمالي التكلفة)، يتم إلزامه بدفع الفارق الذي يقدر بـ 40 مليون ليرة لبنانية (حوالى 26 ألف دولار أميركي وفقاً لسعر الصرف الرسمي وحوالى 4000 دولار وفقاً لسعر السوق السوداء).
في المقابل، يعاني القطاع الصحي في لبنان حتى قبل تفشي الفيروس من ضغوط مالية شديدة، ونقص حاد في الإمدادات الطبية والأدوية، وذلك بعدما خسرت العملة المحلية أكثر من 80 في المائة من قيمتها أمام الدولار، ووجود فارق كبير بين سعر الصرف الرسمي والموجود في السوق السوداء.
"لم نستلم الفواتير"
وهنا، يؤكد نقيب المستشفيات الخاصة، الدكتور سليمان هارون، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "حوالى 100 مستشفى خاص من أصل 127 تستقبل مرضى كورونا دون أي تمييز بينهم، ولكن الزيادة المتسارعة في عدد الإصابات تفوق قدرتنا الاستيعابية".
ورداً على كلام حيدر، قال هارون: "تلقينا وعداً من الحكومة بتسديد فواتير مرضى كورونا خلال أسبوعين، وبعد ما يقارب العام لم نستلم أي مبلغ منها، في وقت نحن نصارع الوقت ونسعى لمعالجة كل المرضى حتى في أقسام الطوارئ"، متسائلاً: "أين أموال البنك الدولي؟".
ويعتمد لبنان في تأمينه الكلفة العلاجية لمرض الكورونا على ميزانية الحكومة وعلى قرض من البنك الدولي، إذ أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور حمد حسن، في لقاء مع عدد من ممثلي المستشفيات الجامعية، في أكتوبر الماضي، إنّ "التعرفة الخاصة بمرضى كورونا يتم دفعها من قرض البنك الدولي خلال أسبوعين إلى شهر كحد أقصى بعد التدقيق في الفواتير".
وكان البنك الدولي قد خصص في نيسان 2020، مبلغ 40 مليون دولار لمساعدة لبنان على الاستجابة لفيروس كورونا.
"أين الفواتير؟"
وعن مصير الفواتير التي تحدث عنها هارون، قالت مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية، بترا خوري، في حديث لموقع "الحرة"، إنّ "الواقع الاقتصادي صعب للغاية، ولا نستطيع رفع الجهوزية دون مساعدات مالية"، معربةً عن امتنانها للمستشفيات الخاصة التي تستقبل 700 مريض تستلزم حالتهم عناية فائقة من أصل 900، مساعدة في ذلك المستشفيات الحكومية، على حد قولها.
وأضافت خوري: "ليس لدي معلومات حول مصير المبلغ المؤمن من البنك الدولي، وما هي المشكلة التي سببت هذا التأخير، فالموضوع مرتبط بوزارة الصحة".
وبالعودة إلى مستشار وزير الصحة، شدد حيدر على أنّ "كلام هارون غير دقيق، فنحن قلنا أسبوعين من تاريخ انتهاء التدقيق، فتسديد تكلفة مرضى الكورونا تستلزم إرسال الفواتير إلى وزارة الصحة التي ينتهي فريقها من التدقيق بها خلال أسابيع وأشهر، ومن ثم يدقق فريق تابع للبنك الدولي بها، ومن ثم تعاد إلينا للتوقيع عليها وإحالتها لوزارة المالية لكي تدفع قيمتها".
وقال: "لوزارة المالية إجراءات خاصة بها، نحن قمنا بواجبنا، ودفعنا جزءا من الفواتير لا أستطيع تحديد نسبته وقيمته بعد، ولكن لا يمكن اتخاذ المرضى رهائن لتسديد هذه المبالغ"، خاتماً بالقول "عتب نقيب المستشفيات الخاصة ليس بمحله، رواتب الطاقم الطبي إلى انخفاض ولا غرفا جديدة للعناية الفائقة دون طلب من الوزارة التكفل بتأمين أجهزة تنفس، إلى أين تذهب هذه الأموال؟ ماذا تفعل المستشفيات بها؟".
وفي الأسبوع الماضي، توفي مريض كورونا، في الستين من عمره، إثر نوبة قلبية حادة أمام مستشفى سانت تيريز، بعدما رفضت استقباله لـ"عدم توفر أسرة". كما رفضت مستشفى قبرشمون استقبال مريضة سرطان مشتبه بإصابتها بكورونا، بحسب وزير الصحة اللبناني، الذي أبلغ الجهات القضائية المختصة فتح تحقيق بالملفين.
ورصدت السلطات 2020 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، ليرتفع إجمالي الإصابات حتى اليوم إلى 303072، فيما وصل مجموع الوفيات إلى 3145 بعد تسجيل 63 وفاة جديدة.
وفرض لبنان حالة طوارئ صحية، منذ 14 كانون الثاني الماضي، قضت بإغلاق البلاد بشكل كامل، وقد تم تمديد إقفال البلاد وحظر التجول بشكل كامل حتى 8 شباط الجاري.