المصدر: النهار
الكاتب: عباس صباغ
الأربعاء 14 آب 2024 07:38:18
لفت في جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم، بند يتعلق بتعيين رئيس مجلس الخدمة المدنية رئيساً لإدارة التفتيش المركزي، وتعيين الأخير محل الأول. فهل هو تعيين جديد أم أنه أمر سيدرج عليه مجلس الوزراء بهدف تلافي الفراغ؟
فقد جاء في البند 14 من جدول الأعمال: "مشروع مرسوم يرمي إلى تعيين رئيس مجلس الخدمة المدنية رئيساً لإدارة التفتيش المركزي بالوكالة، وتعيين رئيس إدارة التفتيش المركزي رئيساً لمجلس الخدمة المدنية بالوكالة لمدة سنة".
هذا البند أثار تساؤلات في شأن ماهية التبديل، وسط استمرار الجدل حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال تعيين موظفي الفئة الأولى في غياب رئيس الجمهورية.
"إجراء روتيني"
أثار البند تساؤلات كثيرة ولاسيما أن المنصب من الفئة الأولى وهناك إشكالية لدى بعض الأطراف في ممارسة الحكومة الحالية تلك الصلاحية في غياب رئيس الجمهورية. وتبرز أكثر من وجهة نظر في ذلك "التبديل".
تؤكد مصادر حكومية لـ"النهار" أن البند المدرج في جدول أعمال الجلسة "إجراء روتيني، وسبق أن صدرت قرارات كثيرة مشابهة، لأنه عندما يغيب الأصيل يحل مكانه البديل، لسبب بسيط هو أنه يمارس صلاحيات أشبه بصلاحيات الوزير، وقد حلف اليمين لأدائها، وبالتالي لا يجوز أن يبقى المنصب شاغراً، وهذا الأمر يتكرر سنوياً ولا جديد فيه".
ليس غريباً أن يرافق الجدل أي إجراء يتعلق بالقانون أو الدستور، وقد درجت العادة منذ عقود على تفسير النص الدستوري أو القانوني وفق وجهتي نظر متعارضتين، لكل منهما مبرراتها القانونية.
يقول الأستاذ الجامعي والمحامي الدكتور عادل يمين إنه يجب تطبيق نظام الموظفين الصادر في 12 حزيران عام 1959 والذي نص في المادة 44 منه،
المعدلة وفقاً للمرسوم رقم 6412 تاريخ 29 آذار 1961، والقانون
المنفذ بالمرسوم رقم 58 تاريخ 15 كانون الأول 1982 على أن "الوكيل موظف مكلف بصورة موقتة إشغال وظيفة غير وظيفته الأصلية".
ويلفت الى أن البند الثاني من المادة المذكورة نص على أن "تعيّن الوكيل السلطة التي تعيّن الأصيل، ويجوز أن تعفيه موقتا من مهام وظيفته الأصلية أو أن تبقيه فيها".
ويذكّر يمين بما نص عليه قانون الموظفين الآنف الذكر: "لا يجوز تعيين الوكيل إلا في وظيفة شاغرة أو في وظيفة تغيّب الأصيل فيها، ويجب أن يكون الوكيل من سلك الأصيل. وإذا تعذر ذلك، فيمكن تعيينه من سلك آخر من بين موظفي الوزارة نفسها".
إضافة إلى ما سبق، "يجب أن تتوافر في الوكيل الشروط المفروضة للتعيين في الوظائف الشاغرة باستثناء شرطي السن والمباراة. ولا يجوز تعيين الوكيل لمدة تزيد على سنة. ويمكن تجديد التعيين بالوكالة بالطريقة نفسها".
وبعد تعداد تلك البنود من قانون الموظفين، يخلص الى أنه "لا يجوز تعيين موظف بالوكالة في وظيفة مشغولة تحوطاً لاحتمال شغورها، بل يُشتَرَط أن تكون الوظيفة شاغرة، الأمر الذي يقود إلى القول إنّ التعيين المعروض يكون غير قانوني في حال تناول وظيفة مشغولة".
الاستناد إلى قانون الموظفين
أما الخبير الدستوري والقانوني الدكتور سعيد مالك فيرى أن "مشروع المرسوم يخرج عن نطاق المفهوم الضيق لتصريف الأعمال"، ويؤكد لـ"النهار" أنه "لا بد من العودة إلى قانون إنشاء مجلس الخدمة الصادر بالمرسوم الاشتراعي 114 في 12 حزيران عام 1959، وقانون تنظيم مجلس الخدمة، وقانون التفتيش المركزي". ويلفت إلى أن "ليس هناك أي مادة قانونية في هذين القانونين تنص على تعيينات بالوكالة لأي من المنصبين المشار إليهما في المرسوم (البند 14)".
ويضيف: "بالعودة إلى قانون الموظفين الصادر عام 1959، وتحت الفصل الثامن في شأن التعيين بالوكالة، تم إعداد مشروع المرسوم المذكور، وتنص المادة 44 وما يليها من أصول تعيين الوكيل على أن التعيين يتم من خلال السلطة التي عينت الأصيل لوظيفة شاغرة، أو في وظيفة تغيب الأصيل فيها، ومن السلك عينه ولمدة سنة واحدة".
ويشير الخبير الدستوري إلى أن مشروع المرسوم "استند إلى قانون الموظفين، وليس إلى قانون إنشاء مجلس الخدمة المدنية وقانون إنشاء التفتيش المركزي، ولكن يجب الإشارة إلى أن هذا المشروع يخرج عن صلاحية حكومة تصريف الأعمال ويخرق مفهوم النطاق الضيق لجهة تسيير المرافق العامة، ولا سيما أن البند 3 من المادة 44 من نظام الموظفين حدد شروط التعيين بالوكالة في حالة الشغور، فيما أي من هذين المنصبين ليس شاغراً حتى تاريخه".
قرارات سابقة
وكان صدر أكثر من مرسوم لتبديل المراكز أو انتداب موظف لممارسة صلاحيات رئيس مجلس الخدمة، مع مراعاة الفئات، منها على سبيل الذكر لا الحصر، المرسوم رقم 1343 في 7 أيلول 2017 في عهد الرئيس ميشال عون، ونص على
"أن رئيس الجمهورية، بناء على الدستور، بناء على المرسوم الاشتراعي رقم 112 الصادر في 12 حزيران عام 1959 وتعديلاته يرسم ما يلي: تم تعيين القاضي فاطمة يوسف الصايغ، رئيس مجلس الخدمة المدنية، رئيسا لإدارة التفتيش المركزي بالوكالة لمدة سنة، وتعيين جورج أوكست عطية، رئيس إدارة التفتيش المركزي، رئيسا لمجلس الخدمة المدنية بالوكالة لمدة سنة".
وتعليل التعيين حينها جاء بعد اقتراح رئيس مجلس الوزراء، وبعد موافقة هيئة مجلس الخدمة المدنية (...)، وموافقة مجلس الوزراء.