تجربة لبنان مع الحكومات العسكرية كانت فاشلة... فهل هذا الطرح قابل للحياة اليوم؟!

طرح نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أن يتسلم الجيش زمام الامور من اجل وقف تحلّل المؤسسات وانهيارها من قبل من هم في السلطة وخوفه من أن ينسحب الأمر على مؤسسة الجيش... الامر الذي ادى الى بلبلة في الاوساط السياسية، لا سيما وان تنفيذ مثل هذا الطرح يقطع الطريق امام الطامحين الى رئاسة الجمهورية، كما ان اطرافا عدة تبحث في "وراثة" الرئيس ميشال عون حين تنتهي ولايته بعد نحو عام ونصف العام.

اضف الى ذلك، ان تجارب لبنان مع الحكومات العسكرية لم تكن ناجحة لا سيما آخرها حكومة العماد عون في العام 1988...

فهل اليوم وسط الظروف الراهنة والتجاذبات الاقليمية والمحلية، الجيش جاهز لتولي اي ادوار سياسية.

فقد اعتبر العميد المتقاعد الدكتور محمد رّمال ان اي حكومة، سواء اكانت عسكرية او مدنية مشروطة بتنفيذ اصلاحات معينة يوافق عليها المجتمع الدولي وبالتالي، الحكومة المدنية - سواء اكانت حكومة حسان دياب او الحكومة العتيدة التي سيشكلها الرئيس سعد  الحريري-  ستكون مكبلة وغير قادرة على اجراء الاصلاحات، وهناك عراقيل كثيرة امامها، كما ان نفس العقبات ستكون حاضرة امام اي حكومة عسكرية.

وفي حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، قال رمال: حين يختلف السياسيون على الحكومة المدنية يعرفون انهم في نهاية المطاف سيكونون جزء من تركيبة سياسية معينة، ولكن المشكلة الكبيرة انهم اذا اختلفوا حول الحكومة العسكرية فان السؤال سيكون عن مدى التأثير (هذا الخلاف) على  الجيش وتماسكه.

وردا على سؤال، لفت رمال الى ان البند الاول على جدول اعمال اي حكومة سيتم تأليفها هو اجراء اصلاحات يوافق عليها المجتمع الدولي تمهيدا لاقرار مساعدات او هبات او قروض، وهنا يمكن القول ان الحكومة العسكرية تعطي الثقة للمجتمع الدولي، لكنها تحتاج الى التوافق الداخلي، مع العلم ان تجارب التوافق الداخلي مع الحكومات العسكرية فاشلة، حيث نذكر انه في الربع الساعة الاخير من ولايته  كلف الرئيس الاسبق امين الجميل العماد ميشال عون بتشكيل حكومة انتقالية، وكانت تتألف من خمسة اعضاء الى جانب رئيسها، ولكن في اليوم التالي من التأليف استقال ثلاثة وزراء.

وشدد رمال على ان الموضوع يتطلب بالدرجة الاولى التوافق الداخلي على تشكيل حكومة عسكرية، ثم توافق مماثل على برنامجها لتكون حكومة انتقالية ولديها مهمة محددة، وايضا  صلاحيات استثنائية، ومعلوم ان السياسيين يختلفون على شروط ادنى من ذلك بكثير، اذ انهم يختلفون على حكومات يشاركون فيها، فكيف اذا لم يكونوا مشاركين؟!

وردا على سؤال، رأى رمال ان ملف تأليف الحكومة ينتظر التسوية السياسية التي تعدّ للمنطقة، والتي للأسف حتى الآن ما تزال معالمها غير واضحة وغير محددة، وتحتاج بدورها الى اتفاق اميركي ايراني على الملف النووي وعلى الملفات الاخرى.

وفي المقابل، شدد رمال على ان المطلوب من الجيش الحفاظ على الاستقرار الامني في ظل التوتر السياسي الحاصل راهنا، وختم محذرا من تحميل المؤسسة العسكرية وزر انقسام السلطة السياسية حوله وحول دوره.

الحكومات العسكرية* في لبنان:

وتشكلت في لبنان منذ ما بعد الاستقلال 3 حكومات عسكرية، كان مصريها الفشل، وفقا للاتي:

*تاريخ 18 أيلول 1952 عين الرئيس الراحل بشارة الخوري حكومة ثلاثية مؤلفة من:

- قائد الجيش اللبناني فؤاد شهاب (ماروني) رئيساً للوزارة، ووزيراً للدفاع الوطني وللداخلية .

- ناظم عكاري (سني) نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية وللأشغال العامة، والتربية الوطنية، البريد والبرق، والأنباء، والزراعة والصحة.

- باسيل طراد (روم أرثوذكس) وزيراً للاقتصاد الوطني والشؤون الاجتماعية والعدلية والمالية.

وفي اليوم ذاته قدم الرئيس الخوري استقالته إلى مجلس النواب.