تداعيات وخيمة في حال عدم التمديد لليونيفيل!

مع اقتراب موعد التمديد، تواجه قوات اليونيفيل تجاذبات سياسية وتحديات "شعبية" خطيرة تضع مصيرها على المحك ومعها تطبيق القرارات الدولية خصوصًا القرار 1701، في وقت لايزال يحتاج لها لبنان في مسار تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار. 

وفي هذا الاطار، تشير المعلومات الى أن لا نية أميركية حتى الساعة لتعديل مهام اليونيفيل وسط دعم فرنسي كامل للموقف اللبناني بالمطالبة بالتجديد.
ولكن بعيدًا من السياسة، تواجه اليونيفيل رفض البيئة الشيعية لها في المناطق الجنوبية التي تشهد اعتداءات واحتجاجات شبه يومية على تحركات هذه القوات ما يصعّب عليها تنفيذ المهمات الموكلة إليها. والسؤال اليوم هل يمكن لتلك الاعتداءات أن تحول دون التمديد لليونيفيل أو تعديل نطاق مهامها؟
المحامي الدوليّ وأستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانيّة البروفسور أنطونيوس أبو كسم يوضح أنّ اليونيفيل هي قوات حفظ سلام، ودورها محوري لناحية مهامها الوقائية والرقابية لاستتباب السلم والأمن الدوليين في جنوب لبنان والمساندة للجيش اللبناني. علاوةً على ذلك، إنّ نشاط اليونيفيل معرّض للانتهاكات كونه يتمّ في منطقة نزاع مسلّح. ولهذا السبب، كرّس مجلس الأمن بموجب قراريه 2650 و2695 بشأن تمديد ولاية اليونيفيل لعامي 2022 و2023 والصادرين تحت الفصل السابع، مبدأ " كفالة الاحترام التام لحرية اليونيفيل في التنقل" (بموجب الاتفاق المتعلّق بمركزها والمبرم بين لبنان والأمم المتحدة ووفقًا لولايتها ولقواعد الاشتباك الخاصة بها)، حيث لا تحتاج الى ترخيص أو إذن مسبق للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، بما في ذلك عن طريق السماح بمرور الدوريات المعلن عنها وغير المعلن عنها.

ويشير في حديث عبر Kataeb.org الى أن الاعتداءات شبه اليوميّة لليونيفيل تؤكّد أهميّة استمرار مهامها ودليل على أنّ الأمن والسلم الدوليين لم يستتبا بعد وفقاً لمندرجات القرار، مضيفًا:" الاعتداءات الإسرائيلية على اليونيفيل وكذلك اعتداءات بعض الأهالي لأسباب سياسيّة، ليست سبباً من شأنها تقرير انتهاء ولاية اليونيفيل التي أنشئت من قبل مجلس الأمن بناءً لمطالبة الحكومة اللبنانيّة، ولا يمكن أن تنتهي ولايتها إلا عبر مجلس الأمن إمّا بإرادة أفراده أم بناءً لرغبة الحكومة اللبنانيّة."

ولكن في حال تم إنهاء مهام اليونيفيل كيف سيؤثر القرار على تطبيق القرارات الدولية ومنها القرار 1701؟

يؤكد أبو كسم في هذا السياق أن فرضيّة إنهاء مهام اليونيفيل، هي فرضيّة استثنائية، قد ينتج عنها تداعيات وخيمة على عدد من الصّعد وقد يشكّل الضربة القاتلة لقرار مجلس الأمن 1701، وبالتالي، سحب كافّة الضمانات الأمنيّة، وتشريع الحدود اللبنانية لكافّة أنواع الانتهاكات لسيادته الداخليّة والخارجيّة. 

ويضيف:" إلغاء دور اليونيفيل، سيفقد الدّور الرقابي لها لناحية توثيق الانتهاكات الاسرائيليّة وسينهي مفهوم الخطّ الأزرق، وسيؤدّي إلى وضع الجيش اللبناني بموقع المواجهة من دون غطاء الشرعيّة الدوليّة وحمايتها. وسحب اليونيفيل من جنوب لبنان سيؤدّي إلى إعلان الجنوب المدمّر منطقة مستباحة للحريق، وإعلانها منطقة مواجهة مفتوحة، تسهيلاً لأيّ مشروع اجتياح اسرائيليّ بغية تحقيق مخطّط المنطقة العازلة. علاوةً على ذلك، إنّ دور اليونيفيل يشكّل العامود الفقريّ "لاتفاقية وقف الأعمال العدائية" (إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بشأن تعزيز الترتيبات الأمنية وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 المبرمة في 27/11/2024). فوفقاً للفقرة التاسعة من الاتفاقيّة، إنّ اليونيفيل هي المناط بها إعادة صياغة الآلية (Mechanism) وتعزيزها لتصبح خماسية (برئاسة الولايات المتحدة إضافةً إلى فرنسا) بالتنسيق مع "إسرائيل" ولبنان، وهي التي تستضيفها من أجل مراقبة الالتزامات الناشئة عن هذه الاتفاقية والتحقّق منها والمساعدة في ضمان تنفيذها. ووفقاً للبند "ج" من هذه الفقرة، يستمرّ عمل اليونيفيل بموجب ولايتها من خلال دورها التنظيمي والجهود التي تقوم بها من أجل تعزيز فعالية الآلية. كما وبموجب الفقرة العاشرة من الاتفاقية، على "إسرائيل" ولبنان إبلاغ اليونيفيل بأيّة انتهاكات مزعومة للاتفاقيّة.

ويختم قائلا:" إنّ إنهاء ولاية اليونيفيل، ما هو إلا تعديل ضمني للقرار 1701 ولاتفاقية وقف الأعمال العدائية المنبثقة عنه. وغياب اليونيفيل يجعل القرار 1701 من دون جدوى حيث ينتفي دور الهيئة المناط بها الدور الرقابي باسم الشرعية الدوليّة. وسحب هذه القوات، يعني سحب الشرعية الدوليّة يدها من النزاع مع إسرائيل، وترك موجب تطبيق القرارات الدولية على عاتق الحكومة اللبنانية من دون أيّ مساندة أو غطاء، وإنهاء وجود اليونيفيل في الجنوب في حال إقراره، يشكّل خطوة عقابيّة من قبل الإدارة الأميركية وحلفائها تجاه الحكومة اللبنانيّة."