المصدر: Kataeb.org
الكاتب: بيار البايع
الأربعاء 17 آب 2022 11:23:39
صيف طرابلس متواصل وفي هذا الاطار استقبل بيت الفن في الميناء عددا من الاعلاميين بحضور ممثل عن وزير الثقافة وحشد من الفعاليات الانمائية والثقافية والاجتماعية والسياسية في المدينة. التراث اللبناني كان حاضرا بكل تجلياته ارتيزانا ورسومات وصوت فيروز الذي صدح في المكان موقظا لبناننا الاخضر حلو.
اما ختام اليوم الطويل كان مع كورال الفيحاء الذي قدم مقتطفات رحبانية تفاعل معها الجمهور بشكل كبير.
الد. جمانة تدمري رئيسة الجمعية الفرنسية للحفاظ على تراث طرابلس، والمديرة العامة لمدرسة باريس الدولية للتعليم العالي تحدثت في المناسبة وقالت:" اتوجهُ بالشكرِ الى مؤسسة العزم الثقافية بشخص مؤسسها دولة الرئيس نجيب ميقاتي كما اشكر وزيرِ الثقافةِ السيد محمد المرتضى لرعايتَهُ حملةَ "اهلا بهل الطلة" في مدينةِ طرابلس. كما اتوجهُ بالشكرِ الى معالي وزير السياحة وليد نصار ، ولشركة الصمد السياحية لجهودِها في تسهيلِ الخدماتِ للسياح، والى السيدة جنان مبيض منسِقَة هذا الحفل، واشكر ايضا المرجعيات السياحية والثقافية والاجتماعية التي اولتني ثقتَها للتكلمِ بإسمِها في هذا الحفل،
ايها الحضور الكريم.
قد يتفاجأ ُ البعض كيف يرعى وزيرا للثقافةِ نشاطاً سياحياً، لكنني كناشطةٍ ثقافيةٍ تراثيةٍ لا يمكنني الا ان اشد َعلى يدِهِ واثني على قرارِه برعايةِ هذا الاحتفال. قد يرى البعضُ بالسياحةِ المطاعمَ والفنادقَ والابنيةِ التراثيةِ حصراً، بينما السياحةُ في نظرنا هي التعايش والتآخي والتلاقي بين الحضاراتِ والثقافةِ الانسانيةِ والاجتماعيةِ المختلفة. هذا في العموم فكيف اذا كان الحدثُ في مدينتِنا الحبيبة؟
انها طرابلس، طرابلس المدينةُ التي تضربُ جذورَها عميقاً في التاريخِ، طرابلس المدينةُ الوحيدةُ من بينِ جميعِ أخواتِها في المدنِ اللبنانيةِ الأخرى، التي احتفظَت بثقافتِها وتراثِها.
طرابلس عاصمةُ التراثِ والعراقةِ والثقافة، طرابلس التي تضمُ المكتباتِ التاريخية ودورِ السينما الاثرية. طرابلس التي ترَعرعَ في ازقتِها وشوارعِها الادباءُ والشعراءُ، طرابلس المراكِزَ الثقافِية، طرابلس المتحفَ الطبيعي، طرابلس المدينة المملوكية الفريدة من نوعِها وهي المدينةُ الثانية بعد القاهرة. المدينةُ التي حافظَت على التراثِ الفينيقي والاغريقي والفاطمي والسلجوقي والصليبي والعثماني وصولاً الى العصورِ الحديثةِ في ابنيةِ القرنِ العشرين وابرزُها معرضُ اوسكار نيماير الفريدِ من نوعِهِ في منطقةِ الشرق الاوسط.
ما تمتازُ به طرابلس ايضا ًالتراثُ اللامادي والمهمُ جدا من المطبخِ الى الحلوياتِ الطرابلسية المشهورة وصولا الى الحرفِ كصناعةِ الصابونِ ونفخِ الزجاجِ والخياطةِ والتطريزِ ودقِ النحاس ونحتِ الخشبِ وصناعةُ الفِخار وغيرها.
تَطفو من تراثِ طرابلس روائحُ الماضي غيرِ البعيدِ، مما يجعلها ثروةٌ قادرةٌ على المساعدةِ في الانتعاش ِالاقتصادي في بلدِ الأرز، طرابلس تكتَنِزُ تراثاً دينياً يتمثلُ بالمساجدِ والكنائسِ التاريخية، اضافةً الى المولوية والعاداتِ الصوفية.
المدينةُ متجذرةٌ في أعماقِ الماضي البعيدِ لأكثرَ من أربعة ِ آلافِ عام، جمعَت خلالها تراثاَ ثمينا، راكمَت خلالهُ مشاهداً من جميع ِعصورِها وحقباتِها. المدينةُ التي تُمَدِدُ أجنِحتَها في الزمنِ مثلَ قصيدةٍ كلاسيكيةٍ، أو كرقعةٍ شطرنجٍ. منازِلُها صورة ٌعن الشعبِ ذاتِهِ، بعضُها مصنوعٌ بين التنوعِ والثراء وهندساتٍ من المباني التي تضمُ القلاعَ، والكنائسَ، والمساجدَ، والمدارسَ (المدارس القرآنية)، والحمامات، والخانات، والنوافير مع الكتابات، والنقوشِ، والبلازون، وجميعِ معالِمِها الفنية.
في طرابلس كل عناصرَ السياحةِ المستدامةِ متوفِرة، لا بل متوفرةٌ بكَثرة، فهي عاصمةُ البهجةِ، مدينةُ الأرخبيلِ التي تضمُ خمسةَ جزرٍ احداها محميةٌ طبيعية، انها ببساطة جوهرةُ المتوسط حيث تتناغمُ فيها الحداثةُ مع التقاليد.
زيارتُكم معالي الوزير ورعايتُكم احتفال اهلا بهل الطلة ليست تفصيلا بالنسبةِ للمدينة، فالمدينة تحتاجُ الى كل جهدٍ رسميٍ لتثبيتها على خارطةِ السياحةِ العالمية، لم يعد جائزاً ان تبقى المدينةُ يتيمةً متروكةً تواجهُ مآسي الحياةَ منفردةً.
زيارتُكم معالي الوزير عزيزةٌ على المدينةِ واهلها، نتمنى ان تكون حافذا لمشاريع سياحية مستقبلية تجعل من طرابلس مدينة سياحية مؤهلة لاستقبال السياح كما نتمنى اعداد خطةٍ دعائيةٍ اعلانيةٍ واعلامية لتسويقِ اهميةِ طرابلس في بلدانِ الاغتراب، كما نتمنى مآذرة مؤسسات المجتمع المدني والاهلي في المدينة الذين نشكرهم على كل الجهود التي يبذلونها.
السياحة يا معالي الوزير هي البابُ الاسهلُ لادخالِ العملةِ الصعبة والتي نحنُ بأمسِ الحاجةِ اليها فكيف اذا اصبحَت السياحةٌ ثقافية تستقطبُ النخبَ من كلِ ثقافاتِ العالم؟ على مؤسساتِ الدولةِ ان تعملَ جسماً واحداً لان رعاية َ المؤتمراتِ فقط وعلى اهميتها دونَ تأمين مستلزماتِ الخدمات السياحةِ من كهرباءٍ وماءٍ وبنى تحتية يبقينا في حلقةٍ مفرغة.
ايها الحضورُ الكريم تملكُ طرابلس كل مقوماتِ المدينةِ السياحية، لكن على الجهاتِ الرسمية تأمينِ المستلزمات الاساسية لتكون طرابلس عاصمة السياحة بإمتياز، يمكن للقطاع الخاص ان يبادر لكن على كل القطاعاتِ العامة ان تُلاقيه. هل تعلمونَ ان في طرابلس فندقٍ واحدٍ يعملُ بنصفِ طاقَتهِ؟ اليست الفنادق القطاعَ الاساسي في الخدماتِ السياحية؟
في النهاية نتمنى ان نلتقي في ظروفٍ حياتيةٍ افضل، ونرجو ان لا يحِملَ السياحُ الصورةَ السيئةَ عن خدماتنا السياحية معَهم الى بلادِ الاغتراب.
في الختام بإسمي وبإسم كل الجمعيات التي اوكلَتني تمثيلَها في كلمتي، وبإسمي شخصيا اتمنى لهذه المبادرة كاملَ النجاحِ وادعو جميعَ اللبنانيين اينما وجدوا، زيارةَ طرابلس للاستمتاعِ بجمالِ معالمِها التراثيةِ والطبيعيةِ من 15 آب الى 15 ايلول.
تبقى بنظرُنا السياحة هي سياحة الـ 365 يوم في السنة، ولتحقيقِ الهدفِ، السرُ يكمُنُ في تضافرِ جهودِ كلٍ من القطاعين العام ِوالخاص كما ذكرتُ سابقاً مع رؤيةٍ ومباركةِ من وزارتي الثقافة والسياحة، وطِئتَ اهلاً وحلَلتَ سهلاً في مدينتِك طرابلس يا معالي الوزير. ومعا نستطيعُ تحقيقَ ما تحتاجَه مدينَتنا."