المصدر: نداء الوطن
الكاتب: رمال جوني
السبت 8 حزيران 2024 07:40:51
لم يعد مستغرباً ضرب المنشآت الاقتصادية في القرى الجنوبية، حيث أضاف الإسرائيلي إلى صندوق أهدافه تدمير الاقتصاد الجنوبي عن بكرة أبيه، بعد القطاعين الزراعي والتجاري. ويأتي تدمير مستودع لأدوية التنظيف ومنجرة خشب ومحل حدادة في وادي جيلو عيتيت جويا فجر أمس في هذا السياق.
كسرت إسرائيل قواعد الاشتباك، وباتت كل القرى الجنوبية داخل حلبة النار، وهذا ما بدا واضحاً من خلال نوعية الاستهدافات التي تكون بمعظمها منازل ومحالّ تجارية وصناعية، كما حصل في وادي جيلو التي نجت من كارثة محتّمة، فيما لو وقعت الغارة نهاراً.
الدمار هائل. لم تترك الغارة حجراً على حجرٍ. سوّت المبنى بالأرض، وأشعلت النيران في مستودعات مواد التنظيف حيث واجه عناصر الدفاع المدني صعوبة في إخمادها والسيطرة عليها.
أكثر من مليون دولار حجم الخسائر التي لحقت بمستودع مواد التنظيف ومستحضرات التجميل التابع لإحسان جابر، مشيراً إلى أنّ «المستودع يحوي مواد تنظيف أوروبية ويتمّ توزيع البضائع بالجملة على المحال، وهو يقع ضمن منطقة استراتيجية صناعية وتجارية، نافياً وجود منصات صواريخ أو أهداف عسكرية كما تزعم إسرائيل». ويؤكّد في المقابل أنّ «الضربة لن تثنيه عن الاستثمار مجدداً في لبنان، بل ربط الاستثمار في الوطن بالمقاومة، فهما لا ينفك بعضهما عن بعض»، وفق رأيه.
ساعات أمضاها جابر بمواكبة فرق الإطفاء حتى أخمدوا الحريق، الخسارة كبيرة، ولكنه يقول «لو حصلت الغارة نهاراً لكنّا أمام مجزرة، لأنّ المستودع يكون مكتظّاً بالعمّال والموظفين، ناهيك بحركة الناس في المنطقة التي توجد فيها تعاونيات وصيدلية ومحال متنوعة».
تُعدّ المنطقة التي استهدفها الطيران الحربي الإسرائيلي عند مثلث وادي جيلو عيتيت نوح، جويا صور، إستراتيجية، فهي نقطة وصل بين قرى بنت جبيل وصور والعديد من القرى، وحلّ الاستهداف الأول للمنطقة منذ بداية الحرب، بمثابة تحوّل جديد في مسار الحرب التي تتّجه نحو تصعيد تدريجي وخطير.
لا يخفي رئيس بلدية عيتيت ناصر بزون حجم الأضرار الاقتصادية التي أحدثتها الغارة، فهي استهدفت محالّ صناعية وتجارية مفتوحة يومياً أمام الناس وتشهد اكتظاظاً، بالنظر إلى كون المنطقة مركزاً تجارياً يربط القرى. وأشار إلى أنّ الغارة أسفرت عن عدد من الجرحى في صفوف المدنيين اللبنانيين والسوريين إلى جانب الخسائر الكبيرة في الماديات.
لم توقف الغارات الليلية مدارس عيتيت، على العكس، فتحت أبوابها وأكملت نهارها كالمعتاد، وفقاً لبزون الذي يشدد على أنّ «الناس اعتادوا القصف والغارات، فهم ينهون رفع الركام ثم يمضون لمواصلة أعمالهم».
ليس خافياً على أحد أنّ الأزمة الاقتصادية تدفع الناس لمواجهة كلّ التحديات، وتفرض عليهم مواصلة العمل، وهذا ما يبرّر عودة الحياة سريعاً إلى طبيعتها سواء في عيتيت، وادي جيلو أو أي منطقة. وتبعاً لبزون إن «الحياة يجب أن تستمرّ، غارة وبتمرق». واعتبر أنّ «تعايش الناس مع الحرب بمثابة ردّ واضح على مساعي إسرائيل لتهجير الناس، وهو أمر فشل فيه ولن ينجح على الإطلاق».
إذاً، مرة جديدة تضرب إسرائيل مقومات الناس الاقتصادية والمعيشية، في محاولة منها لزعزعة الإستقرار الداخلي، غير أنّها بحسب بزون كما جابر «فشلت، لأنّ الناس عادوا إلى محالهم ومتاجرهم، ورفعوا الزجاج المتناثر واستقبلوا الزبائن». وحضرت القوى الأمنية للكشف على الأضرار التي تسببت فيها الغارة «وهي كبيرة»، كما يقول بزون، متأسّفاً «لغياب الدولة، التي حضرت للكشف فقط، أما التعويض على الناس فهو ليس في حساباتها على الإطلاق كونها مفلسة».