المصدر: النهار
الكاتب: روزانا بو منصف
الاثنين 27 أيار 2024 07:05:35
واجه "عيد المقاومة والتحرير" اشكالية تجويفه هذه السنة على نحو لم يشهده منذ عقد ونيف منذ اعلانه يوما للاحتفال بانسحاب اسرائيل من جنوب لبنان الذي يئن راهنا ومنذ ثمانية اشهر تقريبا من حرب تكاد تفقده معنى هذه الذكرى في ظل نزوح اكثر من مئة الف مواطن جنوبي من منازلهم وتدمير شريط واسع من القرى الحدودية لا بل عودة الحرب ليس عبر "حزب الله" فحسب بل في استعادة مؤلمة لما قبل انسحاب اسرائيل.
فمع ان الجنوب شهد في 2006 حربا وضعت تحرير لبنان و"المقاومة " في خانة الخطر الشديد ، فان هذه الحرب لم تستغرق اكثر من شهر على غير الحرب الحالية فيما ان الجنوبيين اعادوا بناء قراهم واملاكهم باعتقاد ان الحروب الكبيرة والمدمرة باتت وراءهم في شكل اساسي وان المناوشات المتبادلة بين اسرائيل والحزب غير مؤذية .
ولكن دخول تنظيمات فلسطينية على خط استخدام الجنوب على خلفية مساندة حركة " حماس" والتنظيمات الاخرى في غزة على طريقة "فتح لاند" وان كانت تحت رعاية الحزب او اشرافه اعاد عقارب الساعة ميدانيا الى ما قبل التحرير . وتطور الحرب عبر استهداف اسرائيل الدقيق لعناصر الحزب او قيادييه والمهام التي يضطلعون بها داخل الحزب ، بات عنوانا يرى مراقبون كثر وجوب عدم تجاهله لانعكاساته في تحديد الواقع القائم ومواصفاته ، بعيدا من الدعايات او البروباغاندا الاعلامية على رغم ان الحزب يملك قدرات الرد ويبقى مقيدا في الوقت نفسه من ضمن ضوابط معينة .
ما كان تبقى من نقاط لم تنسحب منها اسرائيل ينتظر اتمامه عبر الطرق الديبلوماسية بوساطة الامم المتحدة في شكل اساسي كما تم ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل بوساطة اميركية ولم يتبق سوى بضع نقاط لتحديد الحدود اضافة الى مزارع شبعا .
هذه الاخيرة رفع لبنان الرسمي الممثل راهنا في شكل اساسي برئيس مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال سقف المطالبة بها مع انطلاق الحرب الجنوبية ومساعي تهدئة الوضع الجنوبي تفاديا لتوسع الحرب في غزة في اتجاه المنطقة على خلفية التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701 وعدم القبول سوى بالتحرير الذي يشمل انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا والا لا تهدئة محتملة . ولكن سرعان ما انخفض هذا السقف عملانيا وتراجع خطابيا الى حد كبير خلال الاشهر الطويلة من الحرب المواكبة لحرب غزة .
اذ لا الموفد الاميركي أموس هوكشتاين الذي لم يظهر اي حماسة فعلية للقرار 1701 ويبحث عن تفاهم جديد بناء على المعطيات الميدانية والوقائع المستجدة وضعها على جدول اعماله وهو ابلغ بري ان مزارع شبعا ليست لبنانية ولا مجال للبحث فيها ما دامت سوريا لم تعترف بلبنانيتها رسميا وعليها ان تثبت ذلك امام الامم المتحدة وهي لم تفعل ذلك في اي وقت، والكلام الخطابي لا قيمة له .
ولا الورقة التي اقترحتها فرنسا تطرقت الى ذلك وفيها تحيي تفاهما مماثلا لتفاهم نيسان 1996 على اعتبار انها خريطة طريق تحت عنوان انها لتطبيق القرار 1701.
وهذا مهم ما دامت هذه هي الخيارات الوحيدة المطروحة بحيث ان لبنان الرسمي سيقبل بترحيل البحث في انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا في اي تفاهم او اتفاق يرسو عليه الوضع في الجنوب راهنا تحت عنوان عدم لبنانيتها حتى اشعار اخر من جانب الوسطاء ولن يلحظها هذا التفاهم او الاتفاق سواء قبل اصحاب القرار راهنا بالافكار الاميركية او الاقتراحات الفرنسية او لن يقبلوا باي منهما . وسيكون الامر متروكا لاي اتفاق بين اسرائيل وسوريا ما لم يقرر هذان الجانبان ان مزارع شبعا لبنانية ويقبلان باعادتها الى لبنان . وهذا ليس مرجحا في اي حال، والمعنيون مباشرة بالوضع الجنوبي لن يثيروا مشكلة ما دام يبقي على الربط اللبناني بسوريا تماما كما ارست ذلك سوريا ابان وصايتها على لبنان ويتابع حلفاؤها الطريق نفسها.
سيكون القرار 1701 الذي تم اعتماده في عام 2006 اذا كان عنوانا ولو فضفاضا للتهدئة المحتملة على الحدود مقتصرا مجددا على المنطقة الحدودية وعلى الارجح بنسبة اقل مما كان سابقا اي لمنطقة جنوب لبنان فقط من نهر الليطاني شمالاً إلى الخط الأزرق جنوبا. فيما تبقى مزارع شبعا خارج اي بحث .