تردّدات لبيان دار الفتوى محلياً وعربياً: "حزب الله" يُجدِّد الحملات على الرياض

كتب وجدي العريضي في النهار: 

أعاد بيان دار الفتوى الوطني التوازن على الساحة الداخلية، خصوصا انه غير موجه إلى أي طرف سياسي أو طائفي وإن كان الثنائي الشيعي من يمسك بمفاصل البلد عن بكرة أبيها، ولا سيما "حزب الله" الآمر والناهي ومن يدير الرئاسات وكل المؤسسات ويفرض نفسه وصياً متحكماً بالبلاد والعباد. وما شدّد عليه بيان دار الفتوى لناحية اتفاق الطائف، يؤكد ما تضمنه البيان السعودي – الأميركي – الفرنسي، ما قطع الطريق على ما يُطبخ لتعديل الدستور أو الوصول إلى مؤتمر تأسيسي والقلق في آن من الموقف الفرنسي الذي يساير طهران و"حزب الله" .

وتكشف مصادر سياسية عليمة لـ "النهار" على بينة من اللقاء الذي حصل في باريس مؤخراً بين الوفدين السعودي والفرنسي، أنّ الفرنسيين نفوا أي دور لهم أو قيامهم بخطوة ما لـ "قبة باط" لحزب الله للمس بالطائف بفعل تواصلهم معهم في بعض المحطات، دون أن يعني ذلك أنّهم ممتنون لسياستهم ودورهم في لبنان والمنطقة، بدليل أنّ البيان المشترك الثلاثي الذي صدر في نيويورك يقطع دابر الشك بأي توجه من باريس لنسف الطائف.

في السياق، تضيف المصادر المذكورة أنّ معالم الاصطفافات السياسية والنيابية بدأت تتوضح من خلال ما جرى مؤخراً من مؤتمرات ولقاءات وبيانات والتي بمعظمها ركزت على مسألتين أساسيتين هما الطائف واعتباره خطاً أحمر، تالياً مواصفات الرئيس العتيد للجمهورية والتي تماهت وتناغمت من البيان السعودي – الفرنسي – الأميركي وتغريدات السفير بخاري، إلى موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد لقائه السفير السعودي في كليمنصو، وإن كان جنبلاط يحذر دائماً من التعرض لهذا الاتفاق، لتُتوّج هذه الحركة بلقاء دار الفتوى والذي تناغم أيضاً مع مواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والمطران الياس عوده ومشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز، أي تلك المرجعيات الروحية والسياسية من دعاة الحفاظ على الطائف، مع الإقرار بأنّ روحية مواقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقوى شيعية أخرى مع هذا الاتفاق، وإن كان ثمة خصوصيات تبقيهم حذرين في التشدد والتحذير من المس به.

أما ماذا عن موقف "حزب الله" من لقاء دار الفتوى وكل ما يجري على الساحة الداخلية ولا سيما حول الطائف ومواصفات الرئيس العتيد للجمهورية وسوى ذلك من عناوين وأزمات تضج بها الساحة المحلية؟ هنا تلفت المصادر إلى ضرورة قراءة مواقف قادة "حزب الله" نهاية الأسبوع المنصرم في مناسبات تأبينية وسواها، والتي انتقدت المملكة العربية السعودية بشكل عنيف، وإن كان البعض لم يسمّها بالاسم، إلى تحرك ودور السفير بخاري، ومن ثم ما نشره الإعلام المقرب إلى هذا الحزب، ما يؤكد أنّ "حزب الله" لديه أجندته ولن يستسلم بسهولة أو ينصاع إلى ما تطالب به معظم القوى السياسية والروحية من رئيس توافقي حُدّدت مواصفاته، أو أنّ حارة حريك ستلتزم بالبيان الثلاثي الذي صدر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو هي ممتنة للدور البارز الذي يضطلع به السفير السعودي .

وثمة معلومات بأنّ "حزب الله" وبعد الموازنة والتفرغ لتشكيل الحكومة بعدما أقنع حليفيه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتسهيل حل هذه المعضلة، سيكون منكباً على معالجة الاستحقاق الرئاسي من خلال رؤيته واستراتيجية وأيديولوجيته الملتصقة بإيران، وقد يقوم بهجوم معاكس على خلفية ما جرى ويحصل اليوم من لقاءات ومواقف ضربت بقوة داخلياً وتحديداً بيان دار الفتوى بعدما غابت مرجعيات وقوى ونواب الطائفة السنية عن الوضع الداخلي بشكل غير مسبوق.

إضافةً إلى أنّ المملكة العربية السعودية هي اليوم لاعب أساسي على الرقعة اللبنانية لجملة اعتبارات، إن من خلال علاقاتها التاريخية بلبنان على الرغم مما اعترى العلاقة بين بيروت والرياض من فتور وخلافات، إضافةً إلى أنّها ترى الفرصة مناسبة لانتخاب رئيس حددت مواصفاته مع المجتمع الدولي وأطراف لبنانية أساسية، بعدما عانت من سياسة العهد الحالي وتياره المرتبطين بحزب الله ومحوره، ناهيك بمكانة المملكة اليوم تحديداً لدى عواصم القرار ما تبدى بزيارتي كل من الرئيسين الأميركي والفرنسي جو بايدن وإيمانويل ماكرون إلى المملكة. لذلك هناك توافق بين الرياض وواشنطن وباريس، إلى علاقة جيدة لبن سلمان مع موسكو، ما يدفع المملكة إلى مزيد من الحضور لبنانياً، وذلك ستكون حلبته الاستحقاق الرئاسي الذي إن جاء برئيس وفق المواصفات التي تم طرحها عربياً وغربياً وداخلياً، فمن شأنه أن يؤدي إلى إعادة الدعم السعودي والخليجي ومن الدول المانحة للبنان، وهذا ما ستظهر معالمه خلال الأسابيع المقبلة على ضوء ما ستبلوره التحركات الجارية على غير صعيد ولا سيما رئاسياً.