المصدر: النهار
السبت 23 آذار 2024 12:52:10
تزداد عالمياً حالات الإصابة بالسّرطان لمن هم دون الـ50 عاماً. واليوم، يشمل هذا المسار المخيف أميرة ويلز كيت ميدلتون التي أعلنت بالأمس أنّها شُخّصت بالسرطان، بعد خضوعها لعملية جراحية في البطن، في وقت سابق من هذا العام.
في كانون الثاني، خضعت ميدلتون إلى عملية جراحية في البطن في لندن، وكان يُعتقد في ذلك الوقت أنّ حالتها ليست سرطانية. وبعد نجاح العملية، أظهرت الاختبارات عن وجود سرطان. ونتيجة ذلك، نصحها الأطباء بالخضوع لدورة من العلاج الكيميائيّ الوقائيّ، وبالفعل كما أعلنت ميدلتون في رسالة مصوّرة لها "أنّها في المراحل الأولى من هذا العلاج".
ولم ينشر قصر كنسينغتون تفاصيل حول نوع السرطان الذي تعاني منه الأميرة، كما لم يُحدّد مرحلة السرطان أو تشخيصها المحتمل. ولكن ما نعرفه أنّها ليست وحدها، باعتبارها امرأة تبلغ من العمر 42 عاماً، مصابة بهذا المرض: ففي جميع أنحاء العالم، يُصاب المزيد والمزيد من الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 50 عامًا بالسرطان.
عادة، يصيب السرطان أولئك الذين هم في الخمسينات أو الستينات من العمر أو حتى أكبر. ومع ذلك، ففي العقود الأخيرة، أصبحت حالات السرطان المبكر - والتي تُعرف عادة بأنّها تصيب المرضى الذين تقلّ أعمارهم عن خمسين عاماً - بنسب أعلى، وخاصة في البلدان الغنية، وفق ما نشر موقع Vox.
كذلك وجد تحليل المجلة الطبية البريطانية BMJ لعام 2023 أنّ الظهور المبكر لـ29 نوعاً مختلفاً من السرطان قد ارتفع بنسبة 80 في المئة على مستوى العام بين عامي 1990 و2019.
بشكل منفصل، خلصت دراسة نُشرت في JAMA Network Open في العام نفسه إلى أنّ الإصابة بمجموعة واسعة من أنواع السرطان بين الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 50 عامًا قد ازدادت بين عامي 2010 و2019، بين البالغين الأميركيين، وخاصة بين النساء.
يعزى الجزء الأكبر من الزيادة إلى سرطان القولون والمستقيم: في عام 2019، كان هناك حوالى 5.7 حالات من سرطان القولون والمستقيم من بين كلّ 100,000 شخص في الفئة العمرية من 14 إلى 49 عامًا. هذا يمثل زيادة بنسبة 63 في المئة مقارنة بعام 1990، عندما كان هناك حوالي 3.5 حالات فقط لكلّ 100,000 شخص. لا يزال سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان الجلد هي الأكثر احتمالاً للتطوّر لدى البالغين دون سنّ الـ 50، لكنّ حالات فردية من سرطان القولون والمستقيم التي أودت بحياة مشاهير معروفين، مثل الممثل تشادويك بوسمان في عام 2020، جعلت هذا الاتجاه أكثر وضوحًا في الآونة الأخيرة.
كما أصبحت سرطانات المثانة والكلى والمبيض والبنكرياس والبروستاتا والغدّة الدرقية والرحم أكثر شيوعًا بشكل ملحوظ خلال العقود الثلاثة التي شملها البحث العالميّ المنشور في المجلة الطبية البريطانية.
وتحدّث جون مارشال، مدير مركز رويش لعلاج سرطانات الجهاز الهضمي في جامعة جورج تاون، مؤخّراً أنّه في بداية حياته المهنية، نادراً ما رأى مريضاً تحت سنّ الخمسين. أمّا اليوم، فيصف أنّ مرضاه من بين هذه الفئة العمرية، وكثير منهم يبدون بصحة جيدة ويتمتعون بلياقة جسدية. في البداية، كان هؤلاء المرضى الشبان يأتون بشكاوى من سرطان القولون والمستقيم، لكنّ مارشال يرى بشكل متزايد أنّ الأشخاص الأصغر سنّاً يعانون من أورام تصيب أجزاء أخرى من الجهاز الهضمي.
لا يمكن تحميل عامل واحد مسؤولية هذا الارتفاع الواسع في حالات الإصابة بأنواع عديدة من السرطان بين الشباب، خاصّة الارتفاع في الجهاز الهضمي، ولكن العلماء بدأوا في رسم صورة للواقع وراء واحدة من أهم الألغاز الطبية في عصرنا.
من جهة أخرى، وجدت إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة Frontiers in Nutrition في العام 2022 أن العديد من العوامل الغذائية كانت مرتبطة بالظهور المبكر لسرطان القولون والمستقيم. تناول كميات كبيرة من الأطعمة المقلية بالزيت والمعالجة، والأطعمة العالية الدهون، والمشروبات الغازية والحلويات كانت عوامل خطر كبيرة، فضلاً عن اتباع نظام غذائي منخفض الألياف. بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسات أخرى أنّ تناول الكحول بشكل مكثّف مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان في سنّ مبكر.
كذلك، يمكن أن تكون السموم الموجودة في بيئتنا، مثل المواد البلاستيكية الدقيقة، عاملاً مساهمًا أيضًا. يمكن العثور على هذه الجزيئات الصغيرة في كلّ شيء، بدءًا من حاويات الطعام وحتى الملابس الاصطناعية، قبل أن تشقّ طريقها إلى أجسامنا والجهاز الهضمي.
خلص فريق بحث نيوزيلندي إلى أنّ زيادة حالات الإصابة بالسرطان بين البالغين الشبان تتطابق مع الجدول الزمني الذي نتوقّعه من تضاعف المواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة. أظهرت النماذج الخلوية والجرذان أنّ المواد البلاستيكية الدقيقة يمكن أن تعزّز نموّ الأورام. وعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث، إلّا أنّ هذه المواد تحتوي على مواد كيميائية يمكن أن تعطّل الهرمونات وتشكّل خطراً على صحتنا.