المصدر: وكالة الأنباء المركزية
يسجّل الميدان السوري تطورات عسكرية متسارعة لافتة في الآونة الاخيرة. صباح اليوم، وفي شكل مفاجئ، شنت طائرات روسية غارات على جبل الزاوية في إدلب شمالي سوريا، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وشملت الغارات الروسية أماكن في محيط بلدة البارة، قرب نقطة عسكرية تركية، من دون معلومات عن خسائر بشرية. وأفاد المرصد أن القوات الحكومية السورية قصفت أماكن في محيط بلدة تقاد في ريف حلب الغربي، في حين استهدفت فصائل مسلحة بالقذائف الصاروخية أماكن في جورين بريف حماة الغربي، ضمن مناطق نفوذ الحكومة.
هذا التصعيد يأتي بعد ايام على قصف مدفعية قوات النظام السوري عددا من المُدن والبلدات في منطقة جبل الزاوية في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب الخارجة عن سيطرته، مما أدى لسقوط ثمانية ضحايا مدنيين. وكانت تخضع تلك المنطقة طوال الشهور الستة الأخيرة لتفاهمات الجولة الأخيرة لاجتماعات أستانا، بين المعارضة السورية والنظام السوري، التي تجري برعاية ثلاثية روسية إيرانية وتركية، والتي كرست في تلك المنطقة ما سمته "منطقة خفض التصعيد"، وعمليات القصف الأخيرة تُهدد بإنهائها والدخول في مواجهة مُسلحة بين المتصارعين. وفي التفاصيل، قالت الأنباء إن مقاتلات روسية حديثة نفذت أربعة غارات جوية مكثفة على بلدة "الشيخ يوسف"، غرب مدينة إدلب، في وقت كانت طائرات أخرى تراقب الوضع الميداني.
هذه المستجدات شمالا، التي يتعاون فيها الروس وحلفاؤهم السوريون، موجّهة بوضوح الى تركيا، خاصة وان لا مبررات او دوافع عسكرية واضحة لها. وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، هدف هذا التصعيد على ما يبدو دفع انقرة الى التراجع عن مكاسب ميدانية باتت تعتبرها، هي والفصائل المسيطرة على تلك المنطقة، امرا واقعا غير قابل للنقاش. فبقاء الوضع على ما هو عليه شمالا، سيكرّس واقع ادلب الانفصالي، وسيطرة الاتراك عليها، بينما يريد الروس والنظام اعادة ربطها بالداخل السوري.
اما جنوبا، فعمليات النظام متواصلة في محافظة درعا. في الساعات الماضية، استهدف مسلحون سيارة عسكرية تابعة لقوات النظام على الطريق الواصلة بين ناحتة وبصر الحرير بريف درعا الشرقي. وكان نشطاء المرصد السوري قد رصدوا، بعد ظهر يوم أمس ، سقوط قذائف صاروخية أطلقتها قوات النظام على حي طريق السد بمدينة درعا، في ظل الهدوء القائم الذي ارسته روسيا ليوم واحد "من باب رفع العتب" اذا جاز القول، على حد تعبير المصادر. وفي سياق متصل، خرج كل من محمد المسالمة ومؤيد حرفوش بشريط مصور يتكلمان خلاله عن خروجهما قبل أيام من مدينة درعا، "حقناً للدماء"، حيث أن خروج الاثنين يعد من أبرز مطالب النظام لإيقاف التصعيد على المحافظة. لكن هذه المبادرة يبدو لن تكفي لردع دمشق، في المقابل يعتبر معارضو النظام ان لا خيار امامهم الا الصمود.
وتدل المعطيات على إصرار واضح من جانب النظام على إحداث تغيير جذري في معادلة السيطرة في الجنوب السوري، مدعوماً بالموقف الإيراني، إذ جرى تداول أنباء عن نية الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، السيطرة على الجامع العمري ورفع علم النظام فوقه، أو هدمه بالقصف. وكانت لجان درعا المركزية قد قدمت عرضاً يقضي بتهدئة جديدة، يتضمن نشر نقاط عسكرية داخل الأحياء المحاصرة تابعة للفرقة 15 وفرع الأمن العسكري، مع نقاش إشراك قوات من اللواء الثامن في الفيلق الخامس الموالي لروسيا، وهو ما رفضه النظام.
عدم تدخل روسيا حتى الساعة، بقوة وحزم جنوبا، ستستفيد منه ايران وحلفاؤها للتمدد نحو الحدود الاردنية، تتابع المصادر. فهل يتبدل موقف موسكو الضبابي هذا؟ وهل يمكن ان تكون تسعى مثلا الى مقايضة مع تركيا، فمتى انتزعت منها تنازلات شمالا، طلبت من النظام وقف هجومه على المعارضين جنوبا؟