تعقيد المساعي وتحول الجلسة الحكومية إلى محطة فاصلة

دخل لبنان مرحلة أكثر تعقيدا على صعيد تنفيذ اتفاقية وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل، بعدما سقطت الرهانات على اختراق ديبلوماسي قريب تقوده الوساطة الأميركية.

المحادثات الأخيرة للوفد الأميركي في بيروت لم تحمل أي ضمانات عملية من الجانب الإسرائيلي، بل بدت وكأنها أعادت الملف إلى نقطة الصفر عبر فرض شرط مسبق يتعلق بسحب سلاح «الحزب» قبل أي نقاش حول الانسحابات أو وقف الاعتداءات.

هذا التطور أسقط آمالا سادت في المرحلة السابقة التي ارتبطت بمسار «خطوة مقابل خطوة»، وفتح الباب أمام مناخ من الإحباط السياسي والقلق في الداخل اللبناني.

وقال مصدر سياسي بارز لـ «الأنباء»: «ارتكز الطرح الأميركي الأخير على مطلب نزع سلاح حزب الله كأولوية مطلقة، وهذا ما اعتبر انقلابا على ما سبق أن وعد به الجانب اللبناني. هذه النتيجة انعكست مباشرة في المشهد الداخلي، حيث باتت المؤسسات الدستورية أمام استحقاقات دقيقة، أبرزها الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، والمخصصة لمناقشة خطة الجيش الرامية إلى حصر السلاح بيد الدولة».

ورأى المصدر ان «الترقب الداخلي لهذه الجلسة يوازي في أهميته التعقيد الديبلوماسي الخارجي، إذ إنها تشكل محطة مفصلية على مستوى رسم التوجهات الرسمية المقبلة. فالمعادلة المطروحة أمام الحكومة دقيقة للغاية: من جهة، ثمة التزام مبدئي بدعم الجيش كمرجعية وحيدة في إدارة الملف الأمني. ومن جهة أخرى، يفرض الواقع السياسي والطائفي قيودا على كيفية مقاربة مسألة السلاح من دون أن تتحول إلى عنوان انقسام داخلي. لذا فإن الخشية قائمة من أن يتحول النقاش إلى ساحة اشتباك سياسي جديد، يعمق حالة الشلل بدل أن يفتح ثغرة في جدار الأزمة».

وفي موازاة هذه التعقيدات، كشف مصدر ديبلوماسي غربي في بيروت لـ«الأنباء» انه «يجري العمل خلف الكواليس على محاولة إعادة تدوير الحوار الأميركي - اللبناني لتفادي الانزلاق نحو مزيد من المواجهة السياسية. لكن المؤشرات حتى الآن لا توحي بسهولة المهمة، خصوصا وأن المزاج العام بات مشبعا بالتوتر، فيما الملفات الاقتصادية والمالية والاجتماعية تضغط بقوة على يوميات اللبنانيين».

وبذلك، ستتحول جلسة الثلاثاء (2 سبتمبر) إلى اختبار لمدى قدرة الدولة على الإمساك بالملف الأمني والسياسي معا، وإلى مناسبة لتظهير وحدة الموقف أو تضعضعه في مواجهة الضغوط الخارجية. وإذا كان من الصعب المراهنة على اختراق وشيك في مفاوضات وقف الأعمال العدائية، فإن ما هو أكيد أن لبنان لم يعد يملك ترف المماطلة، وأن أي تأجيل أو انقسام داخلي حول خطة الجيش سيعني عمليا ترك الباب مفتوحا أمام مزيد من التعقيد، وأيضا أمام محاولات متواصلة لاستخدام الشارع من قبل «الثنائي»، مما يعني تصاعد المخاطر، وهذا ما تسعى الرئاسات الثلاث لتجنبه بشتى الطرق.