المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: داود رمال
السبت 8 آذار 2025 01:41:18
في ظل التصعيد المستمر على الحدود الجنوبية للبنان واستمرار الاحتلال الإسرائيلي بعض النقاط في الأراضي اللبنانية، تبرز سلطنة عمان كوسيط هادئ ومؤثر، يسعى إلى إيجاد حلول ديبلوماسية بعيدا من الأضواء.
الديبلوماسية العمانية لطالما اتسمت بالهدوء والسرية، وتلعب دورا حيويا في دعم لبنان على أكثر من مستوى، لاسيما في مساعي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق التي لاتزال تحت سيطرته، ووقف الاعتداءات المتكررة على الأراضي اللبنانية.
وأوضح مصدر سياسي لبناني رفيع لـ«الأنباء» ان «زيارة وزير خارجية سلطنة عمان السيد بدر البوسعيدي الأخيرة إلى بيروت جاءت في سياق هذه الجهود، إذ عقد لقاءات مكثفة مع المسؤولين اللبنانيين، ونقل رسائل دعم ومواقف تصب في مصلحة الحفاظ على استقرار لبنان ومنع انزلاقه إلى حرب جديدة واسعة النطاق».
وتابع المصدر: «لم تتوقف هذه الجهود عند حدود بيروت، بل تبعتها محادثات أجراها البوسعيدي مع نظيره الأميركي ماركو روبيو. وقد ركزت هذه اللقاءات على ضرورة وقف مستدام للعمليات القتالية في جنوب لبنان، والبحث في سبل الضغط على إسرائيل لإنهاء انتهاكاتها المستمرة».
وقال المصدر: «ما يميز الدور العماني أنه قائم على شبكة علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، إذ تحافظ السلطنة على علاقات جيدة مع الدول العربية، مع جميع الدول. هذا الحياد الإيجابي يمنحها مصداقية في وساطاتها، اذ لا تنطلق مساعيها من أجندات سياسية ضيقة، بل من مبدأ تحقيق الاستقرار الإقليمي وحماية مصالح الدول التي تتعرض للتهديد».
وأضاف المصدر: «لا يمكن فصل التحرك العماني عن سياق أوسع من الجهود الديبلوماسية المستمرة في المنطقة. ويكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى طبيعة علاقات السلطنة التي تمكنها من التحدث مع مختلف الأطراف دون إثارة حساسيات أو شكوك. ومن المعروف أن مسقط لعبت أدوارا سابقة في تسهيل التفاهمات بين دول متخاصمة، كما كانت محطة رئيسية في العديد من المفاوضات السرية التي أسست لاتفاقات كبرى، مثل الاتفاق النووي الإيراني. واليوم، يبدو أن هذا النهج يوظف لصالح لبنان في محاولة لتخفيف التصعيد وتثبيت نوع من الهدنة المستدامة على الجبهة الجنوبية، تحت سقف اتفاقية الهدنة للعام 1949».
وأشار المصدر إلى ان «النتائج المتوقعة من الحراك العماني قد لا تكون فورية، لكنها بالتأكيد تسهم في تحريك المياه الراكدة ديبلوماسيا».
ورأى «أن مسقط تمتلك القدرة على خلق مناخ تفاوضي أكثر هدوءا. وهذا ما قد ينعكس إيجابا على لبنان من خلال الحد من الاعتداءات الإسرائيلية، والتوصل إلى تفاهمات قد تؤدي لاحقا إلى انسحاب إسرائيل من النقاط التي لاتزال تحتلها. كما أن هذه الوساطة قد تسهم في تسهيل الوصول إلى اتفاقات أوسع مرتبطة بالوضع الإقليمي، خصوصا في ظل تقاطع ملفات غزة ولبنان وسورية ضمن مشهد أكثر تعقيدا».
وأكد المصدر أن «الديبلوماسية العمانية تبقى نموذجا فريدا في العمل السياسي، إذ تنجح في تحقيق اختراقات مهمة رغم ابتعادها عن الأضواء والتصريحات النارية. وإذا استمر هذا الحراك على الوتيرة نفسها فقد نشهد قريبا نتائج ملموسة تنعكس إيجابا على لبنان وأمنه، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التهدئة والتفاوض بعيدا عن منطق القوة والصدام».