المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: ميريام بلعة
الجمعة 20 كانون الاول 2024 16:08:36
"علاقتنا مع سوريا يجب أن تنبع من مصدر واحد: إن لبنان هو لبنان، وسوريا هي سوريا.. في إطار أفضل العلاقات ضمن مبادئ التعاون والسيادة واستقلالية كل بلد واحترام كل بلد للبلد الآخر...وذلك لن يتحقق إلا بالتشريعات والقوانين التي يجب أن تصدر في كل من لبنان وسوريا، بما يساعد في الوصول إلى الاستقلالية المنشودة".
خلاصة استشرفها الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود من تاريخ العلاقات المشتركة بين البلدين دامت أكثر من 50 سنة، ومن تغيّرات طرأت على الساحتين اللبنانية والسورية في الأيام الأخيرة دفعت به إلى التشديد على تصويب المسار وتصحيح الأخطاء لتأمين مستقبل سليم وآمن، سياسياً واقتصادياً.
ويقول حمود لـ"المركزية": لقد مرّ لبنان بمرحلة صعبة جداً ترافقت مع مرحلة حساسة واجهتها سوريا على نحو غير متوقَع. إذ إن الأخيرة أنهت في فترة قصيرة مرحلة دامت 54 عاماً! فيما لبنان يجد نفسه أمام منعطف كبير جداً وهو لا يمكن إلا أن ينعكس على الواقعَين السياسي والاقتصادي.
بعيداً عن الواقع السياسي، يربط حمود على الأقل الواقع الاقتصادي بهذه التغيّرات الطارئة... وبدءاً من سوريا يقول: يجب أن تُدرِك تماماً أن الحرية لا تتجزّأ، فإذا كانت هذه التغيّرات أفرحت الشعب السوري فذلك ليس لأي سبب سوى لأنه وجد فيها فرصة لاستعادة الحرية وإعادة بناء دولة بكل ما للكلمة من معنى. وإذا أرادوا بناء هذه الدولة فعلى مَن يُمسك زمام السلطة في هذه الحقبة الجديدة، أن يعمل على أن تكون المرحلة المقبلة "مرحلة الاقتصاد الحرّ"، وإن لم يُعطَ الاقتصاد الحرية فلن يستفيد الشعب السوري من الحريات السياسية على الإطلاق.
ويُضيف: "الحرية الاقتصادية" هو العنوان الأساس الذي يجب أن تحققه سوريا الجديدة... والحرية ليست محرَّرة من الضوابط بل على العكس. والضوابط هي كناية عن تشريعات وقوانين ونُظُم يجب أن تُسَنّ وإجراءات يُفترَض اتخاذها من أجل حماية الحرية الاقتصادية التي لا تقتصر فقط على قطاع الإنتاج فحسب إنما أيضاً على قطاعَي المال والنقد... فبهذه القوانين والنظم والإجراءات تضمن الحرية وتمنع الفوضى والاستغلال والاحتكار.
ويستذكر أنه كان أكثر المتحمّسين لتواجد المصارف اللبنانية في سوريا، "إنما للأسف خابت آمالنا!" يقول حمود "لأن الحرية الاقتصادية تتطلب تشريعاً! إذ لا يمكن الاستفادة من عدم تشابه البنية التشريعية مع أي بلد في العالم. لم نستطع أن نعمل في سوريا خارج حرية النقد والصرف وسعر الصرف والتحويلات والادّخار والإقراض والمحاكم وثبات التشريع...إلخ. بدون تشريع ووجود محاكم حقيقية تجارية لا يمكن العمل بلغة اقتصاد صحيح ولغة مال صائبة".
ويتطلع إلى سوريا اليوم، "انطلاقاً من أنها كما خطت خطواتها في اتجاه الحرية السياسية والاجتماعية، عليها أن تخطو أيضاً نحو الحرية الاقتصادية... حتى تكون هويّة سوريا الجديدة "الاقتصاد الحرّ".
متفائل حيال لبنان...
أما على صعيد لبنان، فلا يتخوّف حمود على مستقبله "على أمل أن يشهد تاريخ 9 كانون الثاني انتخاب رئيس للجمهورية، وإلا يكون هناك عناد غير مقبول وإمعان في ضرب هذا البلد. لكنني إيجابي في هذا الموضوع وسيكون لدينا رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الأوصاف...".
ويؤكد أنه "لا يمكن إعادة بناء الدولة إلا إذا طبّقنا أربعة عناصر:
- الأول: الإدارة التي تشمل كل الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة: إنها الفرصة الحقيقية لإعادة بناء مؤسسات وإدارات القطاع العام كافة لتكون الإدارة صحيحة مع تأمين الكفاءة في التوظيف وتوفير رواتب مقبولة. يجب العمل على استقطاب خريجي الجامعات المرموقة برواتب وكفاءات مقبولة من دون أي مشكلة في التوزيع الطائفي، لأن المشكلة لا تكمن هنا، بل في عدم اختيار الأكفياء من كل طائفة.
لا قطاع خاص ولا اقتصاد ولا نمو إن لم يكن هناك قطاع عام صحيحاً لأن الأخير ليس فولكلوراً بل يساهم في الناتج القومي.
- الثاني: القضاء... لا يمكن النهوض بالدولة والاقتصاد الوطني بدون قضاء سليم يعطي صورة مُشرقة في حماية كل مستثمر وصاحب حق في الوقت المناسِب وفي الفترة المعقولة.
- الثالث: إعادة بناء قطاع مصرفي سليم... لا اقتصاد ولا قطاع خاص ولا نمو في لبنان إن لم يكن هناك قطاع مصرفي سليماً. كما أن لا قطاع مصرفياً صحيحاً من دون أن نحفظ أموال المودِعين وحقوق الناس.
- الرابع: التعليم... إن لم نذهب إلى بناء المدرسة الرسمية والجامعة الوطنية فنكون مخطئين وعلى درجة كبيرة من الضلال.
"لا أخاف على الاقتصاد اللبناني" يختم حمود، "البلاد ستنهض بشكل كبير إذا ما تم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة كفوءة والأهم أن تكون متجانسة ومنسجمة في ما بينها....أمامنا فرصة كبيرة علينا الاستفادة منها".