المصدر: النهار
الثلاثاء 23 كانون الاول 2025 10:31:35
لا تزال تفاصيل اجتماع لجنة "الميكانيزم" الـ15، الذي عُقِد يوم الجمعة في بلدة الناقورة الحدودية، تتكشّف تباعاً، وسط تصعيد إسرائيلي متواصل واستهدافات متنقّلة في جنوب لبنان.
وبحسب ما أوردته الصحافية جويس كرم في موقع "المونيتور"، فقد استبعد لقاء الجمعة في الناقورة الحكومة الفرنسية، كما كَشَفت عن ضغوط أميركية على الوفد الإسرائيلي، وظهرت خلافات حول ما يُعرف بـ"المنطقة الاقتصادية" التي تسعى إسرائيل إلى إنشائها داخل الأراضي اللبنانية.
وترأست الاجتماع نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، وشارك فيه عن الجانب اللبناني السفير السابق والمبعوث المدني سيمون كرم، يرافقه ضابط في الجيش اللبناني؛ وعن الجانب الإسرائيلي نائب رئيس مجلس الأمن القومي يوسي درازنين، وأوري ريزنيك نائب رئيس قسم السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي؛ إضافة إلى رئيس آلية "الميكانيزم" الجنرال الأميركي جوزيف كليرفيلد.
يشرح موقع المونيتور"، أنّ فرنسا، العضو في لجنة "الميكانيزم"، أُبلغت بعدم مشاركتها في هذا الاجتماع، فيما طلب السفير الفرنسي لدى لبنان إيرفيه ماغرو تمثيل باريس، إلّا أنّ الطلب قوبل بالرفض من كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. كما أشارت مصادر صحافية إلى أنّ إسرائيل هدّدت بسحب ممثليها إذا سُمح لفرنسا بالمشاركة.
في المقابل، نفى مصدر ديبلوماسي فرنسي تقديم مثل هذا الطلب، لكنّه أقرّ بعدم مشاركة أي ممثل مدني فرنسي في الاجتماع، مكتفياً بالقول إنّ فرنسا كانت ممثلة بجنرال في الجيش ضمن آلية "الميكانيزم".
إلى ذلك، قال مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع لـ"امونيتور" إنّ فرنسا أبدت في تشرين الثاني 2024 اهتماماً بالانضمام إلى "الميكانيزم" للحفاظ على نفوذها في لبنان والمنطقة. لكنّ الحكومة اللبنانية اقترحت في ذلك الوقت إدخال قطر إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، معتبرة أنّ الدوحة ستخدم مصالح بيروت بشكل أفضل، غير أنّ إسرائيل رفضت مشاركة قطر، مما دفع لبنان إلى اقتراح فرنسا بدلاً منها".
خلافات حول المنطقة الاقتصادية
في السياق أيضاً، أفاد مصدر رفيع المستوى لـ"المونيتور" بأنّ الاجتماع كان "بنّاءً"، إلّا أنّ الجانبَين اللبناني والإسرائيلي عبّرا عن أولويات مختلفة بشأن المسار المستقبلي.
فالجانب اللبناني يضع أولوية لعودة عشرات الآلاف من المدنيين النازحين من القرى الحدودية الجنوبية منذ اندلاع المواجهات في تشرين الأول/أكتوبر 2023. في المقابل، ركز الجانب الإسرائيلي على إنشاء منطقة اقتصادية أو أمنية على طول الحدود، بحجة أنها ستوفر عمقاً استراتيجيّاً وتُقلّل من مخاطر الهجمات العابرة للحدود من قبل "حزب الله" وجماعات أخرى، بحسب معلومات "المونيتور".
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية للموقع إنّها "تخشى أن يكون حزب الله يُعيد تأهيل قدراته بوتيرة أسرع من قدرة الجيش اللبناني على نزع سلاحه".
وحول "المنطقة الاقتصادية"، علّق الرئيس نبيه بري لـ"النهار" على الأمر بقوله عبارة "أعوذ بالله". ويزيد عليه النائب علي فياض إنّ "إخلاء المنطقة الحدودية من سكانها يؤسس لحرب المئة عام".
في مستهل الاجتماع، قال مصدر رفيع المستوى إنّ الوفد الإسرائيلي شدد على أنه لا يملك أي طموحات إقليمية أو مائية أو بحرية في لبنان، وأن أولويته هي الأمن. وأضاف المصدر أنّ الوفد الإسرائيلي أوضح أنه ينظر إلى المنطقة الاقتصادية المقترحة باعتبارها منطقة عازلة تهدف إلى منع هجمات مستقبلية من "حزب الله"، لا سيما إطلاق الصواريخ ومحاولات التسلل عبر الحدود.
غير أنّ الجانب اللبناني لم يلتزم بفكرة المنطقة الاقتصادية، وأصرّ على أن عودة المدنيين النازحين يجب أن تأتي أولاً، تليها عملية تدريجية لمعالجة المناطق التي قد تشمل نشاطاً اقتصاديّاً. وأكد كرم أنّ بيروت لا يمكنها القبول بمنطقة خالية من السكان، معتبراً أن مثل هذا الترتيب سيُشكّل تهجيراً فعليّاً ويُقوّض السيادة اللبنانية.
ضغوط أميركية على إسرائيل
وخلال الاجتماع، قال مصدر رفيع المستوى إنّ أورتاغوس أبلغت الإسرائيليين بأنّ "إلحاق الأذى بالمدنيين خلال ضرباتهم في لبنان أضرّ بالعملية"، مضيفةً أنّ "هذا النهج لا يساعد الجهود الرامية إلى خفض التصعيد في لبنان وتثبيت الاستقرار على الحدود".
وبحسب التقرير، فقد طلب الوفد اللبناني أيضاً اعترافاً إسرائيليّاً بما أنجزته القوات المسلحة اللبنانية جنوب نهر الليطاني، على بُعد نحو 30 كيلومتراً (18 ميلاً) من الحدود مع إسرائيل.
وبحسب مصدر رفيع المستوى، أبدى الوفد الإسرائيلي استعداداً للاعتراف بهذه الخطوات بوصفها "إيجابية"، مع التشديد في الوقت نفسه على ضرورة استمرار تنفيذها.