زيارة بن فرحان واجتماع الميكانيزم: دعم سياسي وتشدّد ميداني

إنطباعان مختلفان تكوّنا في لبنان غداة زيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان، واجتماع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار "الميكانيزم"، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس.

على مستوى زيارة الموفد السعودي، كل المعلومات تفيد نقلاً عن المسؤولين والأشخاص الذين التقوا الموفد السعودي أنهم  خرجوا بانطباعات مريحة، أولها يتصل بتأييد قرار الحكومة وخطواتها لجهة سحب السلاح، على الرغم من أن خطة تنفيذه غير مكتملة حتى الآن، مع التشديد على ضرورة تطبيقها والالتزام بها، لكن ليس بالضرورة أن تكون صيغة صدامية؛ بل عبر التشديد على أهمية انخراط كل القوى والفئات في مشروع تحصين الدولة وقراراتها. ثانيها، ارتياح جهات سياسية عديدة لما يعتبرونه طمأنة سعودية للحلفاء. ثالثها، بدء النقاش الجدي والفعلي في الانتخابات النيابية مع سعي السعودية إلى تعزيز وضع حلفائها ونسج التحالفات. رابعها إبداء الاستعداد السعودي لعقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني في المملكة العربية السعودية، ونقله من فرنسا. وهذه فكرة كان قد طرحها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارتها الأخيرة إلى لبنان، ووفق المعلومات فقد حُدّد موعد أولي لهذا المؤتمر هو شهر تشرين الثاني المقبل، لكن يفترض أن يكون الجيش اللبناني قد حقق تقدماً فعلياً وجدياً في مسار سحب السلاح. رابعها، البحث مع رئيس الجمهورية حول مؤتمر حل الدولتين في نيويورك وتنسيق المواقف، إضافة إلى البحث في إمكانية عقد لقاء بين عون والأمير محمد بن سلمان. 

حتى الآن لم يبرز أي جواب سعودي على مبادرة الشيخ نعيم قاسم تجاه السعودية لطي صفحة الخلاف، إلا أن المصادر السعودية تؤكد أن المملكة حريصة على التعامل مع لبنان من دولة إلى دولة، وأنه يجب على حزب الله أن يحترم قرارات الدولة اللبنانية، وعندها ستكون السعودية معنية بمساعدة لبنان بكل أطيافه ومكوناته.

في هذا السياق تشير المصادر إلى أن بري كان أحد أكثر المساهمين مع حزب الله للتقدم ببادرة إيجابية تجاه المملكة، لأنه يعتبر أنه لا مجال للحصول على مساعدات وإعادة الإعمار إلا عبر ترتيب العلاقة مع السعودية، والتفاهم معها، وجعلها راضية عن الواقع اللبناني. في هذا السياق، تشير المصادر القريبة من بري إلى أنه كان مرتاحاً للقاء بن فرحان، وأنه لقاء يُبنى عليه، وفيه تفهم للوضع اللبناني، ويصف بري ما يجري بأنه دخول في مرحلة جديدة أكثر هدوءاً، إلا أن ذلك يبدو منفصلاً بالكامل عن المسار الإسرائيلي الذي لا يبدو مريحاً أو مطمئناً، وسط مؤشرات حول رفع منسوب التصعيد من قبل الإسرائيليين. 

أما على مستوى اجتماع لجنة الميكانيزم، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، فتفيد المعلومات بأنها كانت حاسمة وحازمة جداً لضرورة الإسراع في مسار سحب السلاح، وعدم المماطلة أو المراوغة لأن الوقت لا يسمح، وأنه يجب على الجيش اللبناني أن يواصل عمله على نحوٍ سريع ومكثف لأجل إنجاز مهمة سحب السلاح بالكامل من جنوب نهر الليطاني، وأن إسرائيل استهدفت العديد من المواقع في جنوبي النهر قبل أيام، وهو ما يفترض بالجيش أن يعمل على تفكيكه، بدلاً من ترك المجال لإسرائيل في مواصلة ضرباتها. في هذا السياق، قدم الجيش اللبناني تقريراً مفصلاً حول ما يقوم به، إضافة إلى المعوقات التي يضعها الإسرائيليون أمامه لتوسيع انتشاره ليصبح شاملاً لكل منطقة جنوب الليطاني، إلا أن الموقفين الإسرائيلي والأميركي كانا واضحين لجهة مطالبة الجيش اللبناني بعمل المزيد لأجل تجريد حزب الله من سلاحه. 

في موازاة ذلك، ووفق ما يرشح من معلومات فإن الأيام المقبلة يُفترض أن تشهد المزيد من النشاط والحركة لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، لجهة توسيع نطاق دورياتها وعمليات الدهم التي تقوم بها لمواقع تابعة لحزب الله، سواء في جنوب نهر الليطاني أو على ضفافه لناحية الشمال، لا سيما أن هناك تشديداً إسرائيلياً على ضرورة مداهمة عدد من المواقع والأنفاق، في مناطق حددها الإسرائيليون بالاسم في وادي السلوقي، ووادي الحجير، ووادي صريفا وغيرها. كما تفيد المعلومات بأن هناك مساع لاستقدام فرق جديدة إلى اليونيفيل، مهمتها تحديد مواقع الأسلحة أو تتبع أثر الحركة، لرصد أي مواقع أو عناصر لحزب الله ينشطون في الجنوب. 

الضغوط الإسرائيلية لا تتوقف عند هذا الحد، بل هناك ضغط عسكري يتواصل، بدءاً من التصريحات والتهديدات الإسرائيلية ضد حزب الله، ولجهة منعه من إعادة بناء قوته العسكرية، وصولاً إلى حد إجراء مناورات تحاكي اجتياحاً برياً للبنان وخوض معارك في مواقع تحت الأرض، إضافة إلى إرسال تعزيزات عسكرية جديدة باتجاه الحدود، وسط معلومات عن سعي إسرائيلي لتوسيع نطاق السيطرة على أكثر من 8 نقاط، وهو ما يعني إقامة نقاط عسكرية جديدة داخل الأراضي اللبنانية.