المصدر: العربية
الأحد 24 آب 2025 10:55:56
عاد ملف السلاح الفلسطيني إلى الواجهة مجددا مع بدء تنفيذ خطة تسليمه إلى الدولة اللبنانية.
فقد انطلقت قبل أيام قليلة عملية تسليم السلاح الفلسطيني، من مخيّم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، كخطوه أولى لتطبيق قرار مقررات القمة اللبنانية–الفلسطينية التي عقدت بتاريخ 21 مايو/أيار الماضي بين الرئيسين جوزيف عون ومحمود عباس، التي أكدت سيادة لبنان على كامل أراضيه، وبسط سلطة الدولة وتطبيق مبدأ حصرية السلاح.
صواريخ غراد
فيما أوضح مصدر عسكري للعربية.نت /الحدث.نت أن "خطوة تسليم السلاح من مخيم برج البراجنة بمثابة اختبار حسن نوايا من قبل الفصائل الفلسطينية لمدى استعدادها لاستكمال خطوة تسليم السلاح للجيش وعدم اقتصار العملية على الخفيف والمتوسط، وانما تسليم كل السلاح بما فيه صواريخ الغراد".
كما أشار المصدر الى "ان مخيم الرشيدية يقع ضمن منطقة جنوب الليطاني، وبالتالي فإن تسليم السلاح فيه يُفترض ان يختلف عن باقي المخيمات، اي انه يحتاج إلى ترتيبات خاصة". أما المرحلة الثالثة والأخيرة من تسليم السلاح الفلسطيني، ستكون بحسب المصدر في مخيمي عين الحلوة والمية ومية في منطقة صيدا جنوب لبنان، والبرج الشّمالي في منطقة صور".
اختلاف عقائدي
ويكمن التحدّي الأبرز بإلتزام معظم التنظيمات الفلسطينية على اختلافها العقائدي بقرار السلطات اللبنانية، علماً ان عدداً منها وبالتزامن مع تسلّم الجيش شاحنتي ذخيرة من مخيم برج البراجنة، سارع الى إصدار بيان وزّعه المكتب الإعلامي التابع لحركة حماس، اكدوا فيه أن "ما يجري داخل مخيم برج البراجنة هو شأن تنظيمي داخلي يخصّ حركة فتح". وجزموا بأن "السلاح لم ولن يكون إلا سلاحاً مرتبطاً بحق العودة وبالقضية الفلسطينية العادلة".
في المقابل، أكدت منظمة التحرير التي تنضوي تحت لوائها فصائل عديدة، التزامها بقرار الحكومة اللبنانية، من دون ان يصدر قرار مماثل من تنظيمات اخرى على خلاف مع منظمة التحرير، ما يطرح علامات استفهام حول قدرة الدولة اللبنانية على تطبيق قرار تسليم السلاح الفلسطيني، ومدى نفوذ إيران ومعها حزب الله على المخيمات وقرار الفصائل الحليفة لها.
الأكثر تطرفا
علما أنه يوجد في لبنان عدة فصائل فلسطينية، منها حركة "فتح"، وهي أكبر فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة "حماس" التي تعرض عدد من قياداتها لاستهداف إسرائيلي أبرزهم صالح العاروري، في ضربة بالضاحية الجنوبية لبيروت في الثاني من يناير (كانون الثاني) عام 2024، فضلا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، "الجبهة الشعبية– القيادة العامة"، و"عصبة الأنصار" و"جند الشام"، وهما فصيلان متطرفان ينشطان في مخيم عين الحلوة ويُعدان من بين الأكثر تطرفاً.
تحالفان بوجه منظمة التحرير
وأوضح سامر زريق، الصحافي المتخصص بالجماعات الاسلامية، ل"العربية.نت والحدث.نت" "انه مقابل منظمة التحرير، فقد نشأ تحالفان: تحالف “القوى الفلسطينية” المكوّن من حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية– القيادة العامة، وتحالف "القوى الإسلامية" المكوّن من "الحركة الإسلامية المجاهدة" وعصبة الأنصار وحزب التحرير، وينسب إليهم البعض مجموعات صغيرة مثل "جند الشام" وأنصار الله وفلول كتائب عبد الله عزّام وفتح الإسلام.
وأشار إلى "ان هذين التحالفين أسسهما حزب الله بالشراكة مع "حماس" وبرعاية ايران والنظام السوري السابق".
نفوذ خاص جنوبا
بدوره، أوضح مدير مركز تطوير للدراسات هشام دبسي ل"العربية.نت والحدث.نت" ان الفصائل الفلسطينية الوازنة اي حماس والجهاد تتمركز في كافة المخيمات، لكن تتمتّع بنفوذ خاص في المخيمات جنوب لبنان، تحديداً البرج الشمالي في مدينة صور، بسبب قربه الجغرافي من حيّ البرج الشمالي اللبناني الخاضع بشكل كامل لسيطرة حزب الله".
أما الأهمية الاستراتيجية والعسكرية لمخيم البرج الشمالي فتكمن بحسب دبسي، في "وقوعه على تلّة تُشرف على الطريق الساحلي في صور، حيث استفادت حركة حماس من هذه النقطة كي تتمركز هناك وتنشئ مستودعات اسلحة تحوي على الصواريخ والذخائر".
إضافة إلى مخيم البرح الشمالي، هناك تواجد للفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي ومجموعات اخرى في مخيمي الرشيدية والبص.
"مخيم شبه محايد"
وقال دبسي "ان مخيم البصّ "شبه محايد" لا يمكن للفصائل الفلسطينية ان تقوم باي اعمال امنية فيه لانه مفتوح على احياء لبنانية، فضلاً عن قوَة نفوذ الأجهزة الأمنية التابعة للدولة اللبنانية فيه". وأضاف "اما مخيم الرشيدية، فهناك توازن قوى بين الفصائل، والغلبة لمصلحة حركة فتح على رغم ان حماس تُشكّل تحدّياً لها".
مخيم المية ومية
فيما شهد مخيم المية ومية، في فترات سابقة اشتباكات من اجل إخضاعه لسيطرة حماس بتعاون بينها وبين الجهاد وانصار الله (تنظيم بقيادة جمال سليمان) التي تتبع مباشرة لحزب الله والمخابرات السورية بالنظام السابق، إلا ان المعركة النهائية حُسمت لصالح فتح، وعاد المخيم لسيطرتها بمساعدة قوات الأمن الوطني".
عين الحلوة
أما مخيم عين الحلوة فيبقى التحدّي الأبرز امام تنفيذ قرار سحب السلاح الفلسطيني نظراً لتمركز العدد الأكبر من الفصائل التابعة لحركة حماس داخله.
وأوضح مدير مركز تطوير للدراسات هشام دبسي "ان للمخيم خصوصية مختلفة عن باقي المخيمات، لانه محاط بمجموعة احياء لبنانية شعبية تحتضن تنظيمات متطرّفة مناهضة لمنظمة التحرير". وتحدّث عن"محاولات عديدة جرت لمنع حسم النفوذ داخله لمصلحة حركة فتح، لكنها باءت بالفشل".
لكنه اوضح في الوقت نفسه "ان نفوذ حماس والجهاد الإسلامي قوي بالمخيم، لكن لا يستطيعان حسم اي معركة لمصلحتهما بدليل ما حصل منذ سنتين من اشتباكات داخل المخيم بمخطط من قوى الممانعة التابعة لحزب الله من اجل كسر نفوذ حركة فتح داخله".
لذلك، اعتبر دبسي "ان مخيم عين الحلوة عاد إلى وضعه الطبيعي وتوازن القوة داخله يعود تدريجياً لمصلحة حركة فتح، علماً ان حماس والجهاد يشكَلhن اكثر من ٣٠٪ من المخيم، إضافة إلى تنظيمات معادية لمنظمة التحرير تعمل داخل غرف عمليات سوداء منتشرة في احياء المخيم، منها "أنصار الله" وفتح الإسلام وجند الشام".
مخيمات الشمال
في حين يخضع مخيم نهر البارد (شمال لبنان) بكامله للجيش اللبناني منذ حسمه لمعركة فتح الإسلام في العام ٢٠٠٤.
كما ان مخيم البداوي في شمال البلاد بات تحت سيطرة حركة فتح وقوات الامن الوطني التابعة لمنظمة التحرير، وذلك بالتعاون بين الحركة والجيش اللبناني.
البقاع لمنظمة التحرير
وفي البقاع، وتحديداً في بعلبك، هناك مخيم "ويفل" او الجليل كما يُسمّى، وهو مخيم صغير، لان ٨٠ بالمئة من سكانه هاجروا خارج لبنان، وهو الان بات تحت سيطرة منظمة التحرير بعد سقوط النطام السوري السابق.
أما بالنسبة لمخيمات العاصمة بيروت، فإن السيطرة بشكل كبير لمنظمة التحرير.
ففي مخيم مار الياس، هناك تواجد لمكاتب خدماتية ولوجستية واجتماعية تابعة للسلطة الفلسطينية. وفي مخيم شاتيلا، فإن معظم سكانه باتوا من المهاجرين، وما تبقّى شارع صغير يسكن فيه فقراء ومعوزين.
واوضح دبسي "ان لا سلطة فلسطينية على مخيم شاتيلا، لانه جزء من محيط لبناني كبير تنتشر فيه شبكات التهريب على أنواعها. لذلك فإن معالجة ملف مخيم شاتيلا يجب ان تكون اجتماعية وانسانية وليس امنية، لان الاشتباكات التي كانت تدور فيه معظمها بين عصابات التهريب على أنواعها".
مخيم برج البراجنة
وأخيراً مخيم برج البراجنة الذي بدأت فيه خطة تسليم السلاح الفلسطيني، اوضح دبسي "انه الأكبر في بيروت، ويضمّ هياكل عسكرية امنية واجتماعية تابعة لمنظمة التحرير". ولفت إلى "ان حركة حماس والجهاد الإسلامي وبعض قوات "أنصار الله" يتمتعون بفاعلية وسطوة داخل المخيم بفضل دعم حزب الله".
٣ انواع من الأسلحة الفلسطينية
أما بالنسبة للسلاح الفلسطيني داخل المخيمات، اشار دبسي الى "ان ٩٠ بالمئة منه، سلاح فردي تمتلكه جميع التنظيمات، لكن هناك بعض المخازن التي تحتوي على أنواع معينة من الصواريخ".
في الأثناء، أوضح رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني السفير رامز دمشقية ل"العربية.نت والحدث.نت" "ان اللجنة تتابع ملف السلاح الفلسطيني مع الجهات السياسية المعنية وعلى تنسيق تام مع الأجهزة الأمنية، واي خطوة ستُتخذ ستكون تنفيذاً لاتفاق الطائف ولخطاب القسم والبيان والوزاري ولمقررات القمة اللبنانية-الفلسطينية التي عقدت في شهر مايو/ايار الماضي، وكذلك للآلية التنفيذية التي اقرتها اللجنة بحضور رئيس الحكومة".
وضع المخيمات معقّد
وأكد "ان الأمور التقنية والأمنية دقيقة، ووضع المخيمات معقّد، وهناك منظمات فلسطينية غير منضوية تحت منظمة التحرير، وبالتالي هذا الموضوع يتابع بدقة، لذلك فإن بعض الترتيبات ستتم بعيداً من الإعلام وذلك بهدف تأمين معظم الشروط لتنفيذ قرار حصر السلاح".
واشار السفير إلى "ان معظم الفصائل الفلسطينية أعلنت احترامها والتزامها بسيادة لبنان وبقرارات الدولة اللبنانية".
كما اشاد بالقرار التاريخيّ الذي اتّخذته الحكومة بشأن السلاح الفلسطيني"، واكد السفير دمشقية "ان هذا المسار انطلق ولن يتوقّف، وسنشهد في الايام والأسابيع المقبلة مزيداً من عمليات حصر السلاح الفلسطيني".
تسلّم ٥ مراكز امنية
وفي مطلع العام، تسلّم الجيش اللبناني خمسة مراكز أمنية لفصائل فلسطينية مسلّحة وهي قوسايا والسلطان يعقوب ووادي حشمش في البقاع شرق لبنان، وعين البيضا والناعمة في جبل لبنان، وهي تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد سلمت هذه المراكز بما فيها من أسلحة إلى الجيش.
ويبلغ عدد الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في لبنان 489293 فلسطينياً، إلا أن الأرقام الفعلية تشير إلى تقديرات أقل، حيث يُعتقد أن العدد الحقيقي يقارب الـ300 ألف
بينما يتوزّع اللاجئون الفلسطينيون على 12 مخيماً هيمخيم عين الحلوة وهو الأكبر، مخيم الميّة وميّة، مخيم الرشيدية، مخيم البص، البرج الشمالي، ومخيم برج البراجنة، ومخيم صبرا وشاتيلا، ومخيم مار إلياس في بيروت، ومخيم نهر البارد شمال لبنان، والبداوي شمال لبنان، ومخيم الويفل في بعلبك ومخيم ضبية بجبل لبنان
يكر انه يُفترض أن تنجز اجندة تسليم السلاح الفلسطيني على ثلاث مراحل، تبدأ من مخيم البرج في بيروت، يليها مخيم البصّ في صور جنوب لبنان، ثمّ مخيّم البداوي في الشّمال ومخيّم الرشيديّة في الجنوب.