المصدر: النهار
الثلاثاء 17 أيلول 2024 21:35:17
تطوّر أمني سيبراني كبير استجدّ بعدما لجأت إسرائيل إلى تفجير مئات أجهزة "بايجر" التي يحملها عناصر "#حزب الله"، ما أدّى إلى مقتل عدد من العناصر، بالإضافة إلى طفلة، وجرح أكثر من 2750، وفقاً لأرقام رسمية صادرة عن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض.
هذا التطور يطرح علامات استفهام عديدة، منها ما هو مرتبط بالخرق الذي يواجهه "حزب الله"، ومنها ما هو مرتبط بخلفيات تنفيذ إسرائيل هذه العملية الواسعة والموجعة بالنسبة للحزب وما إذا كانت مقدّمة لحرب واسعة أم مجرّد رسالة تندرج ضمن الحرب النفسية، بالإضافة إلى كيفية استجابة "حزب الله" وردّه على العملية.
ما هي أجهزة "بايجر"؟
المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عمر طبش كشف، في حديث مع "النهار"، تفاصيل عن هذا الجهاز وكيفية تفجيره.
ويقول طبش إنّه جهاز قديم يستخدمه "حزب الله" ضمن شبكة اتصالاته لبثّ عدد محدود من الرموز ينقل من خلالها رسائل مشفّرة مختصرة، مشيراً إلى أن هذه التقنية قديمة وكانت تُستخدم في تسعينات القرن الماضي، وثمّة بعض الدول والجماعات لا تزال تستخدمها.
ويختلف هذا الجهاز عن أجهزة الاتصال اللاسلكية Talkie Walkie بأنّ رسائله مكتوبة برموز ومشفّرة، وليست رسائل صوتية.
ووفق طبش، يُمكن خرق هذه الأجهزة من خلال الاستحصال على موجات الشبكة، وهذا الأمر ممكن على الرغم من أنها أجهزة قديمة، وذلك عبر معدّات كشف إلكتروني مخصّصة، ويحصل الانفجار عندما يتم تحميل الجهاز أكثر من قدرته "Overloading"، فتنفجر بطاريته.
ويرجّح طبش أن تكون البطارية هي الجزء الذي انفجر في الجهاز، وإذ يلفت إلى أن مكوّنات الأجهزة التي يستخدمها "حزب الله" تبقى سريّة، سرّية ولا يُمكن معرفة التقنيات الموجودة فيها ونوعية البطاريات، لكنّه يقول في حال كان الحزب يلجأ إلى بطاريات تعيش طويلاً ويُمكن شحنها، فإنها ستكون بطاريات ليثيوم التي تؤدّي إلى أذى بالغ وحروق في حال انفجارها.
مصادر مقربة من "حزب الله" أكدت بدورها، لـ"النهار"، أنّ البطارية المستخدمة في أجهزة الـ"بايجر" الخاصة بالتنظيم هي من نوع ليثيوم، واصفة ما حصل بأنّه "أكبر اختراق أمني حتى الآن، ولو أنه لم يطل كافة أنواع الأجهزة".
وقال أشخاص مطلعون إن أجهزة النداء المتضرّرة كانت من شحنة جديدة تلقاها التنظيم في الأيام الأخيرة.
هل العملية الأمنية مقدّمة لحرب واسعة؟
انفجار أجهزة "البايجر" أتى بعد ساعات قليلة من إعلان إسرائيل إحباط محطّط يقف خلفه "حزب الله"، كان يهدف إلى اغتيال مسؤول أمني كبير، وقد تحدّثت معلومات أن الشخصية المستهدفة كانت رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي.
هذا الواقع طرح مجموعة أسئلة، وما إذا كان الهجوم رداً على مُحاولة الحزب اغتيال كوخافي، وهذا ما سألته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، أم أنّه مقدّمة لهجوم إسرائيلي واسع ضد لبنان.
العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر يعتبر ما حصل "خرقاً أمنياً كبيراً، ويحمل رسالة لحزب الله مفادها أنّ إسرائيل قادرة على اختراق شبكات اتصالاته، لكنه يُشير إلى أن عدداً محدداً من العناصر أصيب وليس كافة عناصر التنظيم الذين يحملون هذه الأجهزة، وذلك لأن إسرائيل اختارت عيّنة لإيصال رسالتها إلى الحزب".
وفي حديث لـ"النهار"، يُشير جابر إلى أن "الحروب السيبرانية قد تسبق الحروب الميدانية لكن في بعض الحالات قد تستبدلها إذا حقّقت أهدافها السياسية"، وفي هذا السياق، لا يرى في العملية الأمنية "مقدمة لحرب واسعة، بل يُدرجها بخانة الحرب السيبرانية لزيادة الضغط على حزب الله بهدف إخضاعه، لكن وفي حال لم تحقق العملية السيبرانية هدفها، قد تستبع حرباً ميدانية".
ويربط جابر بين العملية الأمنية وإحباط الشاباك الإسرائيلي مُحاولة اغتيال قيادي أمني كبير في إسرائيل، ويقول إن التوقيت يستدعي التوقف عنده، وقد تكون رسالة إسرائيل إلى الحزب مفادها "حاولتم تنفيذ عملية أمنية فأفشلناها، وهذه قدراتنا الأمنية والسيبرانية".
وإذ أكّد جابر أن "حزب الله" سيرد على العملية الأمنية، لفت إلى أن "لا إمكانيات سيبرانية متطورة للحزب تُجاري إمكانيات إسرائيل، وبالتالي الرد قد لا يكون عملية اغتيال، لكن للحزب بنك أهداف سيلجأ إليه دون خرق الخطوط الحمراء".
إسرائيل تتنصّل من مسؤوليتها
العميد المتقاعد والباحث الاستراتيجي ناجي ملاعب يُشير، بدوره، إلى أن "يديعوت أحرونوت" نقلت معلومات مفادها بأنّ مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حذف ما كتبه عبر "إكس" عن مسؤولية إسرائيل عمّا حصل، وجرى التعميم على كافة الوزراء الإسرائيليين عدم إعطاء معلومات، وهذا ما تعتمده إسرائيل في التعتيم على عملياتها.
وفي حديث لـ"النهار"، يلفت ملاعب إلى أن "إصابة مدنيين بالعملية الأمنية تحمّل إسرائيل مسؤولية كبيرة، لكن إعلان إسرائيل قبل ساعات عن إحباط اغتيال مسؤول أمني كبير، على الأرجح هو كوفاخي، قد يكون مبرراً لما فعلته إسرائيل، وقد يكون مبرراً لما ستفعله، لأنها قالت أمام العالم إن الحزب حاول اغتيال مسؤول أمني سابق بات مدنياً بعد تقاعده، وبالتالي استهدفنا مسؤولين في الحزب، بينهم مدنيون ليسوا في الخدمة حالياً".