المصدر: العربية
الأحد 22 كانون الاول 2024 16:37:34
حفلت السنوات التي سبقت سقوط بشار الأسد، بعدد من الإهانات التي وجهتها روسيا له، وقام بتقبلها بكل أريحية، كما وصف، متنازلا عن سيادة البلاد، كمكافأة منه، لداعمه العسكري الذي ساعده بقتل السوريين وسفك دمائهم، وهو الحليف نفسه، الذي قرر إخلاءه وتهريبه، من القاعدة الروسية في الساعات الأخيرة قبل إعلان السقوط الرسمي.
وتلقى رئيس النظام السوري الفار بشار الأسد، والذي أعلن عن سقوطه وفراره إلى روسيا، في الثامن من الجاري، أكثر من إهانة من حليفه الروسي الذي قدم له الدعم العسكري، طيلة سنوات حربه ضد الثائرين عليه. وكانت هذه الإهانات التي تقبلها الأسد "بصدر رحب" ثمناً لاستقوائه وتسلّحه بالجيوش الأجنبية، لقتل شعبه، كما ذكر في أدبيات الثورة السورية الممتدة لسنوات خلت.
ويشار إلى أن البيان الذي نسب لبشار الأسد، في السادس عشر من الشهر الجاري، والذي تحدث فيه عن ظروف فراره من البلاد، نقل ما يمكن أن يكون آخر الإهانات المعروفة المسجلة، حيث صرّح بأن حليفه الروسي، هو الذي طلب "إخلاءه" من قاعدته العسكرية في حميميم اللاذقانية.
وورد في البيان المنسوب للأسد أن موسكو "طلبت من قيادة القاعدة، العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا، يوم الأحد 8 كانون الأول" بحسب البيان المذكور. أي أن جيش الأسد لم يطلب ذلك، ولا هو طلب ذلك، بل قوات أجنبية هي التي قررت نقله لتأمين فراره.
وأشهر الإهانات العلنية التي تلقاها الأسد، من حليفه الروسي، بصدر رحب، كان في منعه من التحرك والسير في بلاده، ذلك أن رئيس النظام تنازل عن سيادة البلاد، في مقابل حماية كرسيه، بحسب التعليقات والانتقادات التي انهالت على الأسد، عندما امتدّت يد عسكري روسي، لمنعه من اللحاق بالرئيس الروسي، بوتين، في مشهد "مخزٍ" كما قال عدد من المعارضين السوريين.
وتعود أشهر الإهانات الروسية لبشار الأسد، إلى شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2017، عندما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بزيارة إلى قاعدته العسكرية في منطقة "حميميم" التابعة لمدينة "جبلة" اللاذقانية.
وبحسب فيديو حقق انتشارا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك الوقت، وحين كان بوتين يسير برفقة الأسد، سار الرئيس الروسي قبله بمسافة، بنية إلقاء كلمة بين عناصر الجيش الروسي، إلا أن بشار الأسد حاول اللحاق ببوتين، فقام عسكري روسي، بمنع الأسد من السير وراء بوتين، عبر وضع يده على مرفق الأسد، مانعاً إياه من التقدم، فقام الأسد بكل رضى، بهزّ رأسه موافقاً مستجيبا للمنع.
ومن الجدير بالذكر، أن أشهر الإهانات المشار إليها، لم تقتصر وحسب، على منعه، باستعمال اليد، من اللحاق ببوتين، إذ إن الأسد همّ باللحاق بالرئيس الروسي، لأنه لم يكن يعلم ما عليه فعله، في هذه الأثناء، حيث كان من الواضح أن الروس لم يخبروه بترتيبات الزيارة في الفعالية التي سيحييها بوتين، ولم يقوموا بإجراء أي بروتوكول معه كرئيس، لتحديد فقرات الفعالية، فهمّ باللحاق ببوتين، فمُنِعَ، وكان تقبّله لتلك الإهانة، واضحاً من خلال إيماءة رأسه للعسكري الروسي الذي منعه، مع ابتسامة رضى، حيث وقف الأسد مع بقية حراس الرئيس الروسي وجنوده، منتظرا فراغ بوتين من كلمته.
في المقابل، ما وصف بتنازل رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، عن سيادة بلاده، في مقابل حمايته من السقوط، كان سببا بقبول أكثر من إهانة من حليفه الروسي، بحسب متبابعين، فقد فوجئ الأسد، مرة، ومن على باب قصره، بزيارة مسؤول روسي رفيع، دون أن يعلمه أحد بذلك.
وتعود حادثة الإهانة المذكورة إلى تاريخ الثامن عشر من شهر يونيو/حزيران عام 2016، حيث نشر إعلام النظام صورا للأسد وهو يستقبل سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي في ذلك الوقت، وهو يرحب به قائلا: "أنا سعيد جداً بلقائكم. مفاجأة سارّة!"
إلا أن المفاجأة الحقيقية والمهينة أن الأسد لم يكن يعلم بهوية ضيفه الذي سيقوم بزيارته، فقال له وفي فيديو شهير: "لم أكن أعرف أنكم ستأتون شخصياً!" حيث أقر الأسد بأنه لم يتلق إخبارا من أحد بأن وزير الدفاع الروسي سيقوم بزيارة إلى البلاد، بل فوجئ به على باب قصره، وهذا هو سبب قول الأسد: "مفاجأة" وصفها بالسارة.
ويذكر أن مسلسل الإهانات التي تقبلها الأسد بصدر رحب من حليفه الروسي، تعود فصوله إلى أزمان مختلفة، أحدها يعود إلى العشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017، ففي ذلك اليوم، ظهر الأسد في "سوتشي" الروسية، والتقى فيها الرئيس الروسي.
وكان وحيداً من دون وجود أي مسؤول في نظامه، وقام الأسد خلالها باحتضان وعناق الرئيس الروسي، في صورة أثارت سخرية شديدة بسبب الوضعية "المذلة" التي ظهر فيها الأسد، حيث انحنى معانقاً الرئيس الروسي، بشكل يتجاوز الأعراف الدبلوماسية، حيث قام الرئيس الروسي باحتضانه لـ"يبدو في الصورة كأن الأب يحتضن ابنه المذعور ويهدّئ من روعه ويربت على ظهره. منظر يدعو للشفقة على الرئيس" بحسب ماورد في الصحافة العربية.
ومن جملة الإهانات التي تقبلها الأسد، نقله إلى روسيا، بطائرة شحن روسية. حيث أشارت الأنباء في عام 2017، إلى أن بشار الأسد تم "شحنه" بطائرة شحن روسية، أقلعت من مطار القاعدة الجوية الروسية في "جبلة" الساحلية.
ومن الجدير بالذكر، أن خبر سفر الأسد إلى موسكو، بطائرة شحن، لم يقتصر على مصادر محلية أو عربية، فقط، بل نشرته في ذلك الوقت، وسائل إعلام روسية. وعزز ذلك، عدم قيام إعلام الأسد بنفي الخير، وكذلك فعلت وسائل إعلام حليفه الروسي.