تمديد منتظر لحراك "اللجنة الخماسيّة" ولقاءاتها

يهدف الحراك الذي يأخذه سفراء "اللجنة الخماسية" على عاتقهم إلى البحث عن إنهاء المراوحة على مستوى استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية من دون كللٍ أو تراجعٍ، حيث لا تزال حيوية الاجتماعات على حالها استكمالاً للحثّ على التوصّل إلى نقاط مشتركة بين القوى السياسية اللبنانية حول المؤهّلات الرئاسية التي يمكن اتّخاذها نقطة بدايةٍ أقلّه قبل الانتقال إلى مراحل متقدّمة.

ويبحث الديبلوماسيون عن مقترحٍ يمكن أن يشكّل باكورةً للحلّ الناجع، لكنّ العراقيل الناشبة لم تخفت رغم المرونة التحفيزيّة التي لا تتقلّص والمشاورات التي لا تضمحلّ. ويثني متابعون سياسيون لبنانيون على الاهتمام الذي لا تزال تبديه اللجنة لإنهاء الشغور الرئاسيّ رغم العثرات أمامها. لكن، ماذا عن التحدّيات التعطيلية التي تواجهها هذه اللجنة ومدى التأثير على ما يمكن أن تطرحه بعد كلّ محاولاتها المتتالية للبحث عن حلّ؟ التقى مرجع لبنانيّ سفيرَيْن من "اللجنة الخماسية" حديثاً، فيما تداولت النقاشات في التفاصيل التي استقرّت عليها الاجتماعات المتسارعة حتّى الآن والخطوات الإضافية المنتظرة.

واستقت "النهار" تفاصيل فحواها أنّ سفراء "اللجنة الخماسية" سيشاورون الوزراء المعنيين في بلادهم للتداول في ما استطاعوه نتيجة اللقاءات التي عقدوها مع تحضير تقرير عن تفاصيل حراكهم. وتبيّن أنّ هناك أفكاراً متداولة حول ترسيخ جدول عمل لاستكمال الحراك الرئاسيّ، حيث سيلجأ سفراء من اللجنة نهاية أيّار الحاليّ للتشاور مع الوزراء المعنيين في بلادهم حول محتوى المرحلة الحالية من اللقاءات، قبل الاتّجاه إلى مواكبة إضافيّة في الأشهر المقبلة من دون إغفال هاجس تفاقم المناوشات الحربيّة المندلعة على الحدود اللبنانية الإسرائيليّة.

يختصر من يواكب عمل "اللجنة الخماسيّة" عن كثب الاستنتاج الأساسيّ الذي يشكّل فحوى الملاحظات، في الإشارة إلى أنّه في حال لم يهتمّ اللبنانيون في وضعهم الداخليّ لن يستطيع أيّ مكوّن خارحيّ معالجة مشاكلهم رغم المحاولات التي لا تتراجع على مستوى السفراء.

لا يلغي ذلك التوجّه نحو تمديد مهمّة سفراء "اللجنة الخماسيّة" لأشهر إضافية، وفق معطيات "النهار"، حتّى يكون في مقدورهم استكمال المشاورت وتحقيق الأهداف التي يعملون عليها توازياً مع انتظار ما يمكن أن تستقرّ عليه أوضاع المنطقة شمولاً في حرب غزّة وتأثيراتها على المناوشات المندلعة جنوب لبنان. لكن، إذا لم تسارع القوى السياسية اللبنانية في حلّ خلافاتها الخاصّة على مستوى الاستحقاق الرئاسيّ تحديداً، سيتحوّل لبنان ملفّاً على طاولة المفاوضات الإقليمية، فيما لا بدّ له أن يكون جزءاً من طاولة المفاوضات الإقليمية.

وتوصي أجواء "اللجنة الخماسيّة" في أن تتحرّك القوى السياسية اللبنانية للبحث عن حلول لأنّ سفراء اللّجنة لا يستطيعون أن يتوصّلوا إلى متغيّرات لوحدهم، إذا لم يكن اللبنانيون متحفّزون من ناحيتهم لتغيير أوضاعهم التي لا تزال راكدة في غياب اقتناع كافّة المكوّنات اللبنانية البرلمانية في أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، ما يرجع المحفّزون للانتخابات من نواب التكتلات المعارضة سببه إلى تعطيل محور "الممانعة" للدورات الانتخابية الرئاسية المتتالية وعدم تحرّكه لإعادة النازحين السوريين رغم اللقاءات التي عقدها وزراء لبنانيون في دمشق.

يقلّل من تابع الاجتماعات الحديثة على النطاق اللبناني من القدرة على بلورة متغيّرات رئاسية إذا لم يكن هناك أيّ قرارٍ لبنانيّ في العمل باتجاه حلحلة صريحة على مستوى استحقاق انتخابات رئاسة الجمهوريّة اللبنانية. ولا يمكن أيّ حراكٍ خارجيّ أن يؤدّي إلى نتيجة من دون توفّر إرادة في الداخل اللبنانيّ لانتهاج حلّ ينهي المراوحة الرئاسية مهما تعددت المحاولات. وكذلك، بالنسبة إلى ملفّ النزوح السوريّ الذي لا بدّ من إرادة لبنانية للحلّ فيه، فيما ثمة فئات كثيرة من النازحين السوريين الموجودين في لبنان كانت نزحت من المناطق الحدودية السورية. وهناك من لا يغفل الاقتراحات التي كانت هادفة لإقامة مخيمات على الحدود اللبنانية السورية للعمل على إيواء النازحين عندما نشبت الحرب في الداخل السوريّ، لكنّ محور "الممانعة" كان رفض اقتراحاً مماثلاً قبل أن يتقلّص العمل على تسجيل الولادات السورية في الداخل اللبناني. وتضاف الأوضاع الحربية الناشبة جنوب لبنان إلى مجمل التحديات حيث لم يتجاوز لبنان مرحلة الاحتدام ولا تزال احتمالات الحرب الشاملة متساوية مع احتمالات التوصّل للتسوية الديبلوماسية.

في المحصلة، تشير استنتاجات اجتماعات "اللجنة الخماسيّة" إلى أهمية انتخاب رئيس للجمهورية يعيد انتظام عمل المؤسسات الدستورية بما يشمل تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات في استطاعتها اتّخاذ قرارات. ولا يمكن الحديث عن متغيّرات في إطار عمل "اللجنة الخماسيّة" الهادف لمساعدة لبنان على إنهاء الشغور. في الأروقة اللبنانية التي تحبّذ الوصول سريعاً لانتخاب رئيس، ثمّة من يقول إن كلّ المحاولات لن تكون قادرة على التوصل إلى نتيجة إذا لم يوافق "حزب الله" على الانتقال إلى فكرة "المرشّح الثالث" وهذا ما لن يكون متاحاً قبل انتهاء حرب غزّة، ذلك أنّ القوى السياسية البرلمانية اللبنانية التي تحفّز انتخاب رئيس للجمهورية لا تستطيع إنهاء تعطيل الاستحقاق الرئاسيّ، فيما لا يوافق فريق "الممانعة" على التنازل عن شروطه حاليّاً رغم قدرته على إنهاء المراوحة. إلّا أنّ هذه الحال لن تلغي عمل "اللجنة الخماسيّة" مع ترجيح أن يبقى لبنان في مرحلة انتظار حتّى الانتقال إلى مرحلة متغيرات في المنطقة.