تهديدات واضحة تلحق بالسياديين.. إجراءات أمنيّة خاصة لنواب المعارضة

ينقطع نوابٌ وسياسيون لبنانيون عن التحرّكات الاعتيادية مناطقيّاً متّخذين إجراءات أمنية تجعلهم يعتادون المكوث بين جدران المنزل أو اللجوء إلى تدابير خاصّة كلّما قرّروا أن يطأوا وجهة خارج عتبة البيت. وكانت تراكمت تحديات سياسية جعلت المرحلة يشوبها التوجّس مع ضرورة البقاء في مساحة جغرافية خاصّة. في طليعة الذين يعيشون داخل أجواء كهذه، يبدو رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل أبرز من يلتزم يوميات لا تعرف في غالبيتها حال الطرق. لا يزال سامي الجميّل مقيماً في بكفيا منذ أشهر ولا يتجوّل مناطقيّاً بعدما تحوّلت الدواعي الأمنية إلى ملحّة جداً وظهرت ظروف فاقمت مخاوف محيطه السياسيّ من تداعيات أمنية على المسؤولين السياديين في مرحلة لا يتراجع فيها هؤلاء عن مواقفهم المطالبة بسيادة لبنان وحريّته وشجبهم أداء الفريق الآخر واستنكارهم لما يجدون فيه اعتياداً على كمّ الأفواه وانتهاك الدولة اللبنانية ومؤسّساتها وقراراتها فإذا به يجيّرها لمصالحه الاقليمية والشخصية. ولطالما حاولت التهديدات أن توصل إنذارات غاضبة بشتّى الطرق من النائب سامي الجميّل وتصريحاته السياسية في الأشهر الماضية وهو تلقّاها شخصياً من دون إغفال الهجوم الذي يشنّ ضدّه على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً. لكنّ ما استلزم البقاء في بكفيا أنّ وتيرة التهديدات اختلفت في الأشهر الماضية وباتت اللهجة أقوى، وفق معطيات سردها لـ"النهار" من يواكب عن كثب تلك التحوّلات، حيث لم يكن ممكناً إهمال التحديات وبات لا بدّ من اتخاذ احتياطات. كما أكّدت قنوات التواصل مع القوى الأمنية أهمية التنبّه للأوضاع الحالية، التي تقوم بإجراءات استباقية من ناحيتها أيضاً. وفضّل الجميّل البقاء في بكفيا حيث مقرّه السياسيّ الأساسيّ في المنطقة ومركزه الخاصّ للاستقبالات والقدرة المتوفّرة على الحماية الأمنية أكثر من تنقلاته في بيروت.

شملت الرشقات السياسية التخوينية أيضاً عضو كتلة "تحالف التغيير" النائب وضّاح الصادق الذي تلقّى وابلاً من رسائل حاولت الإغداق في الاتهامات نحوه، فإذا به يتلقّاها على أنّها "تهديدات واضحة في إطار السعي للضغط على النواب المعارضين حتى يسكتوا ويقبلوا بالواقع الموجود". هذه الإنذارات التي تأتيه تجعله يستذكر مرحلة الاغتيالات التي طاولت نوّاب قوى 14 آذار سابقاً حينما اغتيل ساسةٌ بعد تهديدات كانوا تعرّضوا لها وصولاً إلى لقمان سليم الذي هُدِّد قبل استهدافه، ما يؤكّد له أولوية عدم الاستهانة بالوضع الحالي خصوصاً في ظلّ التحديات المتراكمة وغياب الأمن. ولا يغفل مراقبة منزله في مرحلة سابقة قبل أن تصله رسائل من أشخاص منهم أظهروا أسماءهم. ويرتّب وضّاح الصادق أوراقه للتعامل مع الإنذارات التي ازدحمت في يوميّاته، وفق تأكيده لـ"النهار" في قوله "لقد بدأت تحضير ملف أقدّمه للقضاء رغم أنّ ما من توقّعات كثيرة في إمكان الوصول إلى نتائج. ولا قدرة على اتّخاذ تدابير أمنية كبرى خاصّة لأنها تحتاج وجود عناصر أمنية وسيارات جمّة، إنما الاكتفاء ببعض الحماية الذاتية والتقليل من التحرّكات والتنقّلات". وهو لن يتوانى عن متابعة ملفّات سبق أن أخذها على عاتقه مع نوّاب التغيير بهدف محاربة الفساد، فيما إنّ حضور التغييريين في اللجان النيابية يفاقم امتعاض بعض القوى السياسية.

يندّد من يعارض الواقع اللبناني الحاليّ بما يحصل. وأن لا يستطيع سامي الجميّل التحرّك بسهولة خارج بكفيا فذلك يعني بالنسبة إلى من يتابع أسلوب عيشه الحاليّ كتائبياً، أنّ لبنان تحوّل بلداً غير مستقرّ فيما يتمثّل الخوف الأكبر من انعدام أوضاع لا تحمد عقباها، لأنّ كمّ الأفواه والاغتيالات التي اعتادها البعض قد تولّد أزمة كبيرة في البلد. ولقد بات من الضروريّ اتخاذ احتياطات وسط معطيات عن لجوء بعض السياسيين السياديين للأمن الذاتيّ بغية الحماية وتحييد لبنان عن كارثة قد تحدث جرّاء تلك التداعيات. لكن تلك التحديات لن تقف عثرة أمام الإبقاء على المواقف السياسية التي يتخذها رئيس الكتائب، الذي سيبقى ثابتاً على مبادئه الوطنية وفق ما يردف من يتابع أهدافه الحزبية لـ"النهار"، ذلك أنّ "مواقفه ناتجة عن قناعته الكاملة بكافة المواضيع التي يتحدّث بها بوطنية بعيداً عن الشعبوية".

لا تخلو التوتّرات السياسية من شرارات كلاميّة على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً وهذا ما واجهه عضو كتلة "تجدّد" النائب أشرف ريفي الذي يختصر المعمعة في التصويب على محور "الممانعة"، ذلك أنّه يقول لـ"النهار" إنّ "أزمة "حزب الله" الكبرى تكمن في عدم تحمّله للرأي الآخر وسط سلوكيّات إجرامية فإذا بفرقته تلجأ إلى سفك الدماء كلّما تأزّم". وإذ يشجب الحملات التخوينيّة التي يتعرّض لها النواب السياديون، يضعها في خانة "الممجوجة والمرفوضة والمدانة في وطن تعدّديّ غير متجانس لا بدّ فيه من تقبّل الرأي الآخر". لكنّ ردّ ريفي يتمثّل في استنتاجه أنّ "زمن التهديد قد ولّى بينما استطاعت المعارضة النيابية والسياسية أن تستفيد من العبر الماضية وهي تواجه مع اتخاذنا كنوّاب إجراءات أمنية أكثر حذراً منذ أشهر في ظلّ مرحلة مفتوحة على شتّى الاحتمالات، وسط خشية من الأوضاع الحالية ما يجعل من الاحتياطات مسألة ضرورية أكثر من المراحل السابقة".