عكس حديث نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مايكل ميتشيل، للإذاعة العبرية الرسمية، توافقاً أميركياً- إسرائيلياً بشأن المسار السياسي الخاص بلبنان، أي اليوم التالي للحرب في لبنان، وكأنه مفتاح الحل الحاسم "للصراع العسكري مع حزب الله، وتحييده نهائياً"، ويقوم على انتخابات رئاسية، وتشكيل حكومة، وإبعاد نفوذ إيران عن الداخل اللبناني.
وخلال استضافته صباح الأحد، للوقوف على أهداف زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، في بحر هذا الأسبوع، طُرح عليه سؤال حول ما إذا كانت مفاوضات غزة مرتبطة بلبنان، بطريقة أو بأخرى. لكن ميتشيل لم يقدم إجابة واضحة بخصوص هذه العلاقة، لكنه حاول الفصل بينهما، لمجرد قوله إنه "منذ سنوات طويلة، من الواضح أن الحكومة اللبنانية تحت ضغط حزب الله".
انتخابات وحكومة جديدة
ودعا ميتشيل إلى "انتخابات لبنانية جديدة، تقود إلى اختيار رئيس للبنان، وتشكيل حكومة لبنانية جديدة صامدة وقادرة على السيطرة على كافة الأراضي اللبنانية، من دون نفوذ إيران وحزب الله، وبلا تأثير منهما على شؤون لبنان الداخلية".
وقال ميتشيل في تصريحه أيضاً إن التنازلات "الصعبة" مطلوبة من كل الأطراف، سواء ما يتعلق بلبنان أو غزة، للوصول إلى الصفقة المنشودة. وشدد على أن التطورات الميدانية الأخيرة، سواء "محاولة" اغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يحيى السنوار، لم تغيّر موقف الولايات المتحدة، ورؤيتها للصفقة وضروراتها وشكلها.
وقال إنه في حالة عدم التوصل إلى صفقة، سواء بخصوص غزة، أو لبنان، فإن الأمور ستستمر على ما هي عليه، وهو ما لا تريده واشنطن التي "ترغب بإنهاء الحرب"، بموجب صفقة لها محدداتها وسقوفها.
"شكل لبنان الأفضل"
وكثف الإعلام الإسرائيلي خلال الأيام الماضية، حديثه عن المشهد السياسي اللبناني، و"شكل لبنان الأفضل بمنظور إسرائيل"، إذ تحدث تارة عن الحل "الفيدرالي" كبديل لاتفاق الطائف، وبعيداً من المحاصصات الطائفية، زاعماً أنه يُطرح في لبنان الآن بطريقة أكثر جدية من قبل.
ولم تُخفِ التحليلات والقراءات العبرية أن المسار السياسي في لبنان مُلازم لما يجري في الميدان، بل تتفق أميركا وإسرائيل على أنهما يجب أن يكونا ضمن الصفقة النهائية، عند التوصل إليها في وقت ما.
استهداف منزل نتنياهو
وسيطر حدث قيساريا على القراءات في وسائل الإعلام العبرية والتي أجمعت على أنّ استهدف منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المدينة السبت، هو مؤشر على انتقال "حزب الله" إلى مرحلة جديدة للقتال، ترجمةً لحديث نائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم في كلمته أخيراً، عن "لحظة إيلام العدو".
وأدرج محللون عسكريون إسرائيليون الحادثة "غير التقليدية"، في سياق بحث حزب الله عن وسيلة ردع بهذه اللحظات، بعد تلقيه سلسلة "ضربات موجعة"، معترفين أنها "ضربة نوعية تستهدف رئيس وزراء إسرائيل، لأول مرة منذ نشوئها، وسيكون لها وقعها وتداعياتها على المعركة".
كما أقرّ مراسل التلفزيون الإسرائيلي في الجبهة الشمالية، بأن عمليات الاغتيال "تحولت إلى شيء روتيني بالنسبة لحزب الله، وليس لها أي تأثير عملية على القتال"، وأن الحزب "يهمّه إكمال القتال الآن، دون تأثر باغتيال قياداته، أو تدمير أسلحته".
"بناء شرعية متراكمة".. لضرب بيروت
وأقرّت هذه القراءات أن نتنياهو وجد ضالته في ما وُصفت بـ"محاولة اغتياله"، كي يبني "شرعية متراكمة" لتصعيد وتيرة وسقف عدوانه المستمر أصلاً على لبنان، وأيضاً ما يتصل بأهداف الهجوم الإسرائيلي المرتقب على إيران، رداً على هجومها الصاروخي الأخير. واللافت أن المراسل العسكري لراديو "مكان" أقرّ بهذا الاستثمار، ضمناً، وذلك بإشارته إلى عودة قصف ضاحية بيروت الجنوبية، بعد أن توقف لأيام؛ "نتيجة ضغوط دولية على إسرائيل".
وطرح مذيع النشرة الصباحية لـ"مكان" سؤالاً مركزياً، عما تحمله الساعات المقبلة في لبنان، رداً على "مسيّرة قيساريا"، التي عدّها بالحدث "الأبرز والأخطر"، منذ اندلاع القتال بين حزب الله وإسرائيل في 8 تشرين أول/أكتوبر 2023.
حرب إيرانية- إسرائيلية
مع العلم، أن تل أبيب تعاملت مع المسيّرة التي استهدفت منزل نتنياهو على أساس أنها "هجمة إيرانية"، ولو أطلقها حزب الله، كما أن محللين وجنرالات إسرائيليين اعتبروا خلال أحاديثهم لمحطات التلفزة العبرية، أن ما يجري على أرض لبنان، هي حرب "إسرائيلية- إيرانية"، وهو ما يفتح الباب أمام محاولات إسرائيل شرعنة "ضربات أقسى" ضد إيران، ضمن حساب مفتوح بين الطرفين.
لكن ما جرى دفع الإعلام العبري إلى التساؤل عن قدرات إيران وحزب الله الاستخباراتية، لدرجة تحديد منزل نتنياهو بـ"دقة"، وما إذا كانت مجرد رسالة تحذير، أو محاولة اغتيال جدية؟
"احتلال قرى لبنانية.. لفترة محددة"
بالعموم، يُستشف من تحليل الخطاب الرسمي والإعلامي في الدولة العبرية، أن انتقال حزب الله إلى مرحلة جديدة في القتال، لن يلجم العدوان الإسرائيلي، بل سيدفع حكومة تل أبيب، إلى تشديد الضربات في عمق لبنان بهذه المرحلة.
ودعا جنرال إسرائيلي بالاحتياط، في حديث للتلفزيون العبري الرسمي، إلى احتلال كافة القرى اللبنانية المطلة على المستوطنات لفترة زمنية معينة؛ حتى "تأمين عودة السكان، والتأكد من تذليل المخاطر"، بذريعة أن هذه البلدات تقع على مرتفعات أعلى من المستوطنات الإسرائيلية المقابِلة، وهو أمر يجعلها في دائرة "الخطر"، وفق قوله.