ثاني أيام الكارثة.. ماذا يعني إعلان "الطوارئ" في 10 مقاطعات تركية؟

دخلت 10 مقاطعات تركية منكوبة إثر الزلزال المدمّر في "حالة طوارئ" تستمر لثلاثة أشهر، بناء على السلطة الممنوحة للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان بموجب المادة 119 من الدستور، في وقت أعلن الثلاثاء ارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 3500 قتيل و22 ألف مصاب، بينما تم إنقاذ 8 آلاف آخرين من تحت الأنقاض.

وفي اليوم الثاني للكارثة "الكبرى" وسّعت فرق البحث والإنقاذ عملياتها في المناطق التي ضربها الزلزال، التي تتركز بشكل أساسي في جنوب البلاد على طول الشريط الحدودي، إضافة إلى مناطق أخرى في وسطها. ومن هذه المناطق كهرمان مرعش، أورفة، غازي عنتاب، ملاطية، أديامان، أنطاكيا، ومناطق أخرى في ولاية هاتاي.

وقال إردوغان: "تم توجيه 53317 ضابط بحث وإنقاذ إلى المنطقة، ويتزايد هذا العدد بدعم محلي ودولي"، مشيرا إلى تحويل 100 مليار ليرة تركية للمؤسسات الفاعلة في إغاثة المتضررين، وأنه تم نقل 5 آلاف عامل صحي وما يقرب من ألف سيارة إسعاف إلى المقاطعات العشر.

علاوة على ذلك، تحدث إردوغان عن استنفار السلطات الأمنية التركية في الميدان، وعن دخول 10 سفن تابعة للقوات البحرية على خط الإنقاذ، إضافة إلى 54 طائرة عالية السعة من القوات الجوية، وآلاف العناصر من قوات الدرك و26 طائرة شحن، فيما دخلت الطائرات المسيّرة على خط العمل، من أجل تقييم حجم الضرر الذي ضرب المناطق من الجو.

ماذا يعني إعلان "الطوارئ"؟

والمقاطعات العشر التي تم تصنيفها على أنها "مناطق طوارئ" هي: كهرمان مرعش، أضنة، هاتاي، غازي عنتاب، أديامان، ديار بكر، ملاطية، شانلي أورفة، كيليس، وعثمانية.

وكان إردوغان يتحدث في مركز تنسيق الكوارث في أنقرة، يوم الثلاثاء، وقال: "إننا نواجه واحدة من أكبر الكوارث ليس فقط في تاريخ جمهوريتنا، ولكن أيضا في جغرافيتنا وفي العالم".

وفي حين أكد أن 70 دولة عرضت المساعدة في عمليات البحث والإنقاذ، أشار إلى أن الحكومة تخطط لافتتاح فنادق في منطقة أنطاليا الساحلية، لمساعدة المتضررين.

ووفقا للمادة 119 من الدستور التركي، يمكن إعلان حالة الطوارئ عند حدوث كارثة طبيعية أو أزمة اقتصادية قوية أو لدى انتشار حالات عنف ووقوع اضطرابات خطيرة في النظام العام.

وتذكر صحيفة "يني شفق" المقربة من الحكومة أنه، وفي المواقف غير العادية، مثل تهديد النظام العام والأوبئة الخطيرة والكساد الاقتصادي والكوارث الطبيعية، يمكن تنفيذ عدة إجراءات بموجب "حالة الطوارئ".

ومن هذه الإجراءات: التفتيش التفصيلي لجميع متعلقات الأشخاص وضبط البضائع الخطرة، وتحريم السير أو التجمع في مناطق وأوقات معينة، وحظر طباعة وتوزيع وتحصيل منتجات الصحف والمجلات والكتيبات.

إضافة إلى اتخاذ الاحتياطات ضد دخول الأشخاص إلى مناطق "الطوارئ" من الخارج، ومصادرة وحظر كافة الأسلحة المرخصة وضبط الذخائر التي يتم العثور عليها بجميع أنواعها.

ويوضح الباحث السياسي المختص بالشأن التركي، محمود علوش أن "الهدف الأساسي من حالة الطوارئ في المناطق المنكوبة هو تسهيل عمليات الإغاثة ومساعدة المتضررين وإعادة المناطق على النهوض من جديد".

وبموجب هذه الحالة "ستكون السلطات أوسع للأمن والجيش، وهو أمر طبيعي بسبب الاحتياجات الإنسانية الملحّة"، حسب ما يقول الباحث لموقع "الحرة".

ويضيف: "نتحدث عن دمار واسع في البنية التحتية وعدد كبير من السكان يحتاجون مساعدة ومشافي وإعادة تأهيل. إعلان الطوارئ جزء من استراتيجية تركيا للتعامل بشكل أفضل مع المأساة الإنسانية الكبيرة، التي تشكل اختبارا لحكومة الرئيس التركي".

من جهته يوضح الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن إعلان الحالة في عشر مقاطعات هي "إجراء إداري لا أكثر"، وأنه "جاء بعدما ضغطت أحزاب المعارضة لإشراك الجيش في عملية الإشراف على عملية الإنقاذ".

ومنذ اليوم الأول لوقوع كارثة الزلزال أعلنت وزارة الدفاع التركية الدخول على خط عمليات البحث وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، كما قالت إنها باتت تستخدم سفن تتبع لها في عمليات إجلاء المصابين إلى مشافي مدينة مرسين.

وتعتبر هاتاي، إحدى أكثر المناطق تضررا من الزلزال، وفي صباح اليوم الثاني من الكارثة تم إنقاذ طفلة ووالدتها بعد أكثر من 29 ساعة، وصرح رئيس بلديتها، لوتفو سافاش أن فرق البحث والإنقاذ بدأت في الوصول إلى المناطق المتضررة، وأن بعض الأعمال قد بدأت.

وقال سافاش: "بدعم من رؤساء بلديات أنقرة وإسطنبول وإزمير، يمكننا الآن توفير الغذاء والخيام ومياه الشرب"، مضيفا: "هناك ما يقرب من 2000 مبنى مدمر في هاتاي. معظم المباني العامة، مبناينا، إدارة الإطفاء، AFAD، ثلاثة مستشفيات تضررت بشدة. خسائرنا كبيرة جدا".

"مطار هاتاي غير صالح للاستخدام. أولئك الذين يأتون يجب أن يأتوا من أضنة وعنتاب. يجب أن تأتي فرق الإنقاذ عن طريق البر لأن لديهم معدات ثقيلة. نحن نركز على ما يمكننا استرداده بسرعة باستخدام معدات البناء، ولكن هناك حاجة إلى محترفين ذوي خبرة".

وتابع رئيس البلدية في حديثه لوسائل إعلام: "هناك مشكلة اتصال خطيرة في وسط المدينة وفي أجزاء معينة من هاتاي"، وأن "الأمر قد يستغرق ساعات للوصول إلى السلطات".

من جانبه يشير الباحث السياسي جوناي إلى أن أنطاكيا الواقعة في أقصى الجنوب التركي ضمن ولاية هاتاي هي "الأكثر تضررا قياسيا بالمدن الأخرى، التي ضربها الزلزال المدمّر".

ويوضح: "أنطاكيا يحدها البحر الأبيض المتوسط من الغرب ومن الشرق الحدود السورية. ترتبط فقط بجزئية برية من الشمال مع الوسط التركي. هذه الجزئية متعلقة بمعبر بالين عبر جبال الأمانوس".

"عندما يتضرر هذا المعبر أو يكون هناك ثلج أو عواصف وأمطار غزيرة من الطبيعي أن تتأثر عملية الوصول إلى المدينة".

ويتابع جوناي: "المعونات والوصول إلى أنطاكيا أصبح صعبا لأن الطريق الوحيد لها هو البر والطرقات البرية متضررة، إضافة إلى أن ميناء اسكندرون مشتعل ويصعب إطفاء الحريق هناك بسبب وجود مواد كيماوية تؤثر عزيد من لهيبه. هذه العوامل تجعل أنطاكيا المدينة الأكثر عناءً".

وكان نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكتاي قد أعلن أنه واعتبارا من الساعة 11:00 من صباح الثلاثاء تم إيقاف دخول المركبات إلى كهرمان مرعش وأديامان لمدة 48 ساعة، باستثناء تلك التي تقوم بشحنات متعلقة بالكوارث.

وأفاد أوكتاي أن 380 ألف 500 من ضحايا الكوارث يتم إيواؤهم في المهاجع التابعة لوزارة التربية الوطنية ووزارة الشباب والرياضة، فيما أضاف من جانب آخر أن "أكثر من 70 دولة قدمت طلبات للمساعدة، 14 منها موجودة بالفعل في الميدان".