المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الأربعاء 19 شباط 2025 17:16:19
جازما عدم وجود أي مبرر لبقاء الإحتلال الإسرائيلي في أي جزء من الأراضي اللبنانية، وداعيا الدولة إلى اتخاذ موقف صلب وحاسم وعدم القبول بأي تسويات على غرار ما يعرف ب"النقاط الخمس"، إلا أن أياً من الموقفين اللذين أعلن عنهما أمين عام حزب الله نعيم قاسم تحقق أقله في المهلة المقررة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان أمس الثلثاء 18 شباط.
فمطلب إسرائيل الاحتفاظ بخمسة مواقع استراتيجية على طول الحدود مع لبنان تشرف على المستوطنات الإسرائيلية تحقَق وإلى أجل غير مسمى، بحجة أن هذه المواقع ذات أهمية بالغة كونها تشرف على المستوطنات الإسرائيلية القريبة من المنطقة الحدودية على الشكل التالي:
تلة العزية: تبعد 2 كلم عن الحدود خراج دير سريان، وتشرف على كل من مجرى نهر الليطاني، من قرية المحمودية الى زوطرين، كما تشرف على الجانب اللبناني.
تلة العويضة: تبعد كيلومترا واحدا عن الحدود، وتقع بين بلدتي العديسة وكفركلا وهي التلة الوحيدة المشرفة على المطلة وباقي المستوطنات الإسرائيلية.
تلة اللبونة: تبعد 300 متر عن الحدود، وهي على امتداد منطقة خراج علما الشعب والناقورة، وهي عبارة عن مجموعة غابات كثيفة وتشرف على الجهتين اللبنانية والإسرائيلية.
تلة الحمامص: تبعد 1 كلم عن الخط الأزرق - خراج الخيام وتشرف على المطلة من جهة الشمال.
جبل بلاط: يبعد 1 كلم عن الخط الأزرق بين بلدتي راميا ومروحين، ويشرف على القطاع الغربي والأوسط من الجهتين.ويأتي هذا القرار في ظل التوترات المستمرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز وجودها العسكري في النقاط التي تعتبرها حساسة واستراتيجية لأمنها القومي. لكن خلفيات بقاء إسرائيل في هذه النقاط تحتلف في القراءة العسكرية المتأنية.
العميد المتقاعد حسن جوني يحدد أهداف بقاء إسرائيل في هذه التلال المسمّاة استراتيجية بثلاثة:معنوية ونفسية وسياسية لكن ليس عسكرية حتما،"لأن التكنولوجيا قهرت الجغرافيا بحسب تعبيره. ويوضح لـ"المركزية" أن دور المرتفعات والتلال هو الإشراف والإستهداف وهذا الدور تدنى في المفهوم العسكري مع التطور التكنولوجي إذ بات يمكن تحقيق ذلك من "مسيّرات" وهي عبارة عن قمم جبال متحركة وتتمتع بقدرات عالية للرصد والتنصت والإستهداف،وبالتالي فإن مزاعم إسرائيل بالبقاء في هذه النقاط الخمس الإستراتيجية للدفاع عن أمن المستوطنات الشمالية وسكانها غير مقنع وهو يعلم بذلك".
في ما خص الأهداف الخمسة يوضح العميد جوني أن الهدف المعنوي يتماهى مع رغبة الإسرائيلي في التأكيد لبيئة حزب الله بأنه خرج من هذه الحرب على لبنان منتصرا وتحدَى نص الإتفاق. اما الهدف النفسي فموجه حصرا لسكان مستوطنات الشمال بهدف تحفيزهم على العودة إلى منازلهم على قاعدة أن جيشكم موجود في الجهة المقابلة لضمان أمنكم وسلامتكم.
يبقى الهدف السياسي وهو بمثابة ورقة عسكرية لربطه بمسألة سحب سلاح حزب الله أو تطبيق قرار 1701 وفقاً للرؤيا الإسرائيلية أو أنه يخطط لتطبيق اتفاقيات والتطبيع لاحقاً".
ثمة من يقول بأن أهمية هذه النقاط بالنسبة لإسرائيل تعود إلى أن جغرافية لبنان هي المسيطرة والمشرفة على مناطق في فلسطين المحتلة. ويعتبر الإسرائيلي أنه إذا احتلّ هذه النقاط يستطيع تأمين الحماية من خطر هجمات لحزب الله أو تحقيق إنجاز تجاه شعبه في الداخل. "من هنا يمكن التأكيد على أن بقاء إسرائيل في هذه النقاط الخمس بغض النظر عن الأهداف في المفهوم العسكري هو بمثابة احتلال كامل الأوصاف". إلا أن كلام رئيس الجمهورية جوزاف عون عشية تنفيذ الإنسحاب الإسرائيلي يؤكد أن الدولة وضعت خارطة طريق للجهود الديبلوماسية والضغط على الدول الراعية للإنسحاب إلا أنها تركت الباب مفتوحا لأي عمل مقاوم قد يحصل في المستقبل وإن كان هذا "العمل" محلياً، خصوصا أن هذه التلال قد لا تكون مجرد مشاعات للدولة إنما مملوكة من أبناء الجنوب ومن حقهم المطالبة باستردادها".
هذا الأمر وارد بحسب العميد جوني "لكن المطلوب الآن ترك هامش للحل الديبلوماسي الذي تعمل عليه الدولة وفي حال فشلت في التوصل إلى ذلك لا يمكنها أن تمنع مساعي تحرير الأرض من قبل الناس". ويشير العميد جوني إلى المساعي الحثيثة التي يبذلها رئيس الجمهورية جوزاف عون للتوصل إلى حلول بالطرق الديبلوماسية عن طريق استثمار علاقة الثقة مع الولايات المتحدة الأميركية للضغط عليها وإخراج ورقة الجنوب من التداول كونها تمهد لبقاء المقاومة العسكرية وتعطي حزب الله الذريعة للإحتفاظ بالسلاح. وفي حال اقتنعت الولايات المتحدة يصبح بالإمكان الإنصراف إلى الملفات الداخلية".
ما لا يقبل الشك ان مسألة مقاومة المحتل مشروعة وفق المواثيق الدولية من هنا "سيجد العهد نفسه محرجاً في تطبيق القرار 1701 لناحية احتكار الدولة للسلاح في ظل وجود الإحتلال والادّعاء حول التلال التي يحاول الإسرائيلي البقاء فيها فهو ادّعاء ساقط، لأنه كما هو معروف من الناحية العسكرية ووفق المعايير الحديثة في الحروب، فلا لزوم للبقاء في التلال، طالما هناك أجواء. أيضا يذكر العميد جوني بأن المرتفعات الخمس مستقلة وغير متصلة بخط دفاعي مما يجعلها منعزلة ومعرضة للهجوم كونها تشكل منطقة عازلة".
الدور الآن مصوب نحو الجهود الديبلوماسية واحتمال حصول أي احتكاك بين عناصر تابعة لحزب الله والجيش الإسرائيلي المتمركز على التلال ضئيل إلا إذا حاولت أيادٍ خفية اللعب بالنار وهذا ممكن. لكن الواضح أن بقاء الإسرائيلي في الجنوب يشكل مصدر قلق لشعبه لأنه جيش محتل ومقاومة المحتل عمل مشروع وهو يدرك ذلك حتما "يختم العميد جوني.