ثلاث حروب يواجهها ترامب.. شد حبال وحلول معقدة!

 خلال حملته الانتخابية، كرر الرئيس المنتخب دونالد ترامب وعده بإنهاء حرب أوكرانيا قبل توليه السلطة رسميا في 20 كانون الثاني، من دون أن يوضح تفاصيل خطته لتحقيق الهدف. لكنّ المعروف ان ترامب تربطه علاقة جيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تمكّنه من ذلك.
في المقابل، يقول الرئيس ترامب أن حربه المقبلة ستكون مع الصين ما يعني وجوب فك التحالف الروسي – الصيني القوي فهل ينجح؟ وماذا عن المقابل الممكن ان يقدّمه لروسيا لتحقيق أهدافه؟ السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ"المركزية" ان "في كل حملة انتخابية، عادة ما يقدّم المرشحون وعودا لا يحققونها بالسهولة التي يتوقعونها. ترامب مشهور بوعوده وهذا ما حصل معه أيضاً في الانتخابات الرئاسية الاولى. وتبقى مسألة السلام بشكل عام إحدى الوعود الكبيرة التي قطعها، وكان يقول بأن الرئيس جو بايدن أشعل الحروب في عهده  بينما هو في العهد الذي سبقه لم يقم بأي حرب بل حقق السلام. هذا الأمر غير صحيح ،مع ان ترامب كرر هذه المقولة مرات عدّة، لذلك هو مضطر لتحقيق إنجاز في هذا الاتجاه، وعليه ضغوط لتحقيق ما وعد به"، مشيراً الى ان "ترامب كان يردد بأن بايدن يواجه 3 حروب، الاولى في اوكرانيا والثانية في غزة، وحرب ثالثة مع الصين كانت على وشك الاندلاع. لذلك، فإنه سيركز على الحروب الثلاثة".

ويضيف: "في اوكرانيا، كل الحديث يتسرّب من جهة ترامب ووزير خارجيته ووزير الدفاع وأفكاره، إذا ما ربطناها معاً، يتبيّن أنهم بدأوا بتسريب طريقة السلام بين اوكرانيا وروسيا، وتقوم على الأرض مقابل السلام. لم يتحدثوا بالأمر بعد بشكل رسمي، خاصة ممن عيّنهم ترامب حديثاً، لكن كلامهم في الماضي يدلّ على أنهم أولاً يعتبرون ان اوكرانيا هي من بدأت الحرب، وأن حلف شمال الاطلسي "الناتو" يحارب لإضعاف روسيا من خلال اوكرانيا، والامور وصلت إلى مفترق خطر، لأن "الناتو" اصبح متورطاً في الحرب بشكل شبه كامل، منها أن بايدن أعطى الرئيس الاوكراني فلوديمير زيلينسكي الضوء الأخضر لضرب الداخل الروسي. فكيف سيقنع حلفاؤه في "الناتو" للسير بهذا المبدأ اي الارض مقابل السلام؟ والمبالغة أن ترامب قال بأنه سينهي حرب اوكرانيا قبل ان يستلم السلطة. أعتقد ان القضية طويلة، لأن عليه أن يضغط على الاوروبيين للقبول بالأمر، لأن الاوروبيين يعتقدون أن في حال نجحت روسيا في هذه العملية، يصبح الخطر عليهم، خاصة البلطيق. هناك قوة دفع في اوروبا بالاتجاه المعاكس. فكيف سيقنع الاوروبيين؟ أعتقد ان ترامب نفسه لا يعرف، لكنه كان دائماً يقول بأنهم يحترمونه ولهذا يسمعون له ويوقفون الحرب. وهذا كلام غير منطقي.

ويتابع: "إذا على ترامب أولاً إقناع الاوروبيين بمبدأ الارض مقابل السلام، وثانياً إقناع زيلينسكي، وثالثاً عليه ان بحث عن الحدّ الأدنى الذي يقبل به بوتين، لأن الرئيس الروسي "استشرس"، فهو يتقدّم في الميدان ويرى ان الاوروبيين تضعضعوا والولايات المتحدة الاميركية أصبحت تميل له أكثر من لاوروبا. لذلك لا اعرف الى أي مدى سيتنازل في هذه العملية. وبالتالي، نحن أمام عملية شدّ حبال قوية ستواجه ترامب لأنه مضطر للسير في  السلام. لكن عليه ان يواجه سياسات معاكسة وصعوبات إن من "الناتو" الذي يخشى على وجوده، أو من بوتين الذي استشرس، فكيف سيحقق مبدأ الارض مقابل السلام؟

ويعتبر طبارة "ان المشكلة الثانية التي يواجهها ترامب هي مع الصين، لكن الأكيد أنه سيتفادى الدخول في حروب ولذلك لن يدخلها مع الصين مهما حصل. سلاحه الاساسي الذي يتكل عليه هو العقوبات، لكنه لن يضع عقوبات على الصين بل سيزيد، على حدّ قوله، الضرائب على البضائع الصينية، ويمكنه ان يرفعها مئة في المئة، لكنني لا أعتقد أن هذا الامر مبالغ به. إلا ان سلاحه هو العقوبات من جهة ورفع الضرائب والتجارة الخارجية من جهة أخرى، وهذا ما يمكن ان يلجأ إليه، لكنه لن يدخل بحرب ولا حتى بمناوشات، لأنها ستكون ضد كل ما قاله في حملته الانتخابية".

عن الشرق الاوسط، يقول طبارة: "لا أحد يعلم مصير المنطقة. وإذا اتكلنا على الماضي، نجد ان ترامب لم تكن لديه مشكلة في ضم الأراضي. فقد قبل بضمّ الجولان والقدس، وليس لديه مشكلة بأن تضم اسرائيل أراضٍ ولو كانت ضد القانون الدولي. فهل يا ترى سيذهب في هذا الاتجاه؟ لكنه في هذه الحالة يواجه أيضاً ضغوطات من طرفين، من جهة اسرائيل واللوبي الاسرائيلي ومن جهة أخرى السعودية. ترامب لديه مصالح كبيرة وتعامل بشكل مباشر مع السعودية خاصة صهره جاريد كوشنير الذي حصل على استثمارات ضخمة فيها. لذلك أعتقد ان السعودية لها كلمتها في هذا الموضوع وكذلك الخليج، كما ان للوبي الاسرائيلي كلمته في الداخل الاميركي. فكيف سيوفق بين طرفين يشدّ كل منهما الحبل إلى جهته. الأمر يتوقف على مدى ضغط كل طرف. اسرائيل ستعطيه حالياً "شهر عسل" يمتد لشهرين او ثلاثة. لن تضغط عليه بشكل كبير حتى يكون قد رتّب أموره. لكن في النهاية كيف سيوفق بين الاثنين؟ لذلك كلامه بأنه سينهي الحروب لأنهم يحبونه ويحترمونه وبأنه سينهي الامور قبل استلامه المهام التنفيذية، يبقى كلام انتخابات، والحقيقة على الأرض مغايرة، والمشاكل الثلاث التي يواجهها ترامب وكانت الاساس في حملته الانتخابية معقدة بشكل أنها تحتاج إلى وقت طويل لحلّها. لديه أفكار وحلول سيوضحها للرأي العام، لكنها ليست للغد، بل مسألة طويلة الأمد. كيف ستتطور الامور لا أحد يعلم. حتى ترامب نفسه ".