المصدر: النهار
الكاتب: ليلى جرجس
الخميس 23 تشرين الثاني 2023 16:06:42
أثار استشهاد الزميلَين فرح عمر وربيع المعماري حالة غضب واستهجان واسعة، ومعها انطلق النقاش حول مدى أهمية تغطية الخبر من أرض المعركة، وهل هناك جدوى من المخاطرة للحصول على المعلومة أو نقلها؟
بدأ النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما غرّد بعض الصحافيين والعاملين في المهنة متسائلين عما إذا كانت التغطية على الحدود لها منفعة وإفادة صحافياً؟ وهل يساعد التواجد على الحدود في الحصول على المعلومات أو الحقائق التي يتعذر الحصول عليها في منطقة بعيدة عن الاشتباكات؟
توسع النقاش واحتدم أكثر، وانقسم الجمهور كما الصحافيون إلى فريقين، وبدأت حفلة التخوين والتجريح. وبعيداً عن جوهر الفكرة أو الهواجس التي ترافق الزملاء نتيجة ما تتعرض له الطواقم الصحفية في لبنان وغزة، واستشهاد 3 زملاء لنا وهم المصور #عصام عبدالله وفرح عمر وربيع المعماري بالإضافة إلى أكثر من 50 صحافياً شهداء في غزة، هل يتحمل الصحافي أو المؤسسة الإعلامية أو الجيش واليونيفل جزءاً من مسؤولية ما حدث في الجنوب مع الصحافيين؟
يؤكد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري لـ"النهار" أنه يجري التنسيق مع اليونيفل لتحديد نقاط على أرض الواقع بهدف حماية الصحافيين خلال تغطيتهم الميدانية، كما سيجري التنسيق مع المؤسسات الإعلامية للتأكد من اتخاذ كل التدابير الضرورية ومنها التأمين الصحي للمراسلين الذين يغطون الأحداث في الجنوب".
شهدت منصة "إكس" حفلة جنون وتخوين لبعض الصحافيين الذين غردوا حول هذا الموضوع وعلى رأسهم ديما صادق ونانسي السبع ومحمد بركات وجويس عقيقي التي رأت أن المؤسسة تتحمل مسؤولية إرسال المراسلة فرح عمر بعد سنة فقط من عملها في المحطة. في المقابل، خرجت أصوات رافضة لهذا المنطق وأن التغطية الصحافية يجب أن تكون من أرض المعركة وأن المعتدي هو اسرائيل ويجب أن لا نخرج عن هذا السياق.
لن نخوض في غمار الجدل بل في أحقية طرح الفرضيات والتساؤلات التي يعتبر بعضها مشروعاً، وأهمها هل تتحمل المؤسسات الإعلامية مسؤولية في تأمين حماية طاقمها الصحفي، وما دور الجيش واليونيفيل في تحديد نقاط معينة لضمان سلامة المراسلين على الأرض؟
مما لا يتحمل أي تأويل أو تشكيك، تؤكد مديرة البرامج في مؤسسة مهارات ليال بهنام في حديثها لـ"النهار" أن "المعتدي هو الذي يتحمل المسؤولية والمجتمع الدولي يجب ان يعمل على إدانته لانتهاكه المعاهدات والمبادئ الدولية، وعليه الإدانة يجب أن تكون للجهة المعتدية أي إسرائيل وليس للصحافي نفسه. وتنص المعاهدات الدولية على ضرورة تحييد الصحافيين في الحروب وأماكن النزاع".
ورأت أن "من واجب الصحافي أن ينقل الخبر من مكان حدوثه، ويجب أن يكون هناك تنسيق مع القوى الأمنية في الميدان، و مع ذلك نعرف تماماً أن المعتدي أي إسرائيل لا تلتزم بالمبادئ الدولية، ويجب المطالبة بإدانتها وتصويب المطالبة على مكان واحد عوض نقل النقاش إلى مكان آخر. ولا يجب أن ننسى أن واجب الصحافي نقل وجع الناس وقصصهم وهذا جوهر عملهم ولا يمكن غضّ النظر عن هذه النقطة الأساسية".
وأشارت إلى أنها ليست المرة الأولى التي يعتدى فيها على صحافيين في جنوب لبنان برغم من أنهم يرتدون خوذة الصحافة وتواجد السيارات المسجل عليها الوسيلة الإعلامية التي ينتمون إليها. هناك استهداف واضح لهم منذ بداية الحرب، فحتى لو كان الصحافيون مدربين على الحماية إلا أن هذه التدريبات لا تنفع لأنه تم استهدافهم في مناطق ليست مناطق حرب وهم معروفون أنهم صحافيون.
من جهتها، وانطلاقاً من السؤال الأساسي هل التغطية على الحدود ضرورية ومفيدة صحافياً؟ توضح الصحافية والباحثة في مؤسسة سمير قصير وداد جربوع لـ"النهار" أن "هذا الموضوع أصبح محور نقاش بين الصحافيين بعد الاستهدافات التي طالتهم خلال التغطية في الجنوب. ومما لا شك فيه أن تغطية الصحافيين في أماكن النزاع والحروب ضرورية ولها أهميتها بشكل عام ، فهي تساعد على توفير معلومات دقيقة وموثوقة حول ما يحدث في تلك المناطق. وبالتالي الصحافي قادر على نقل كل الاعتداءات والتجاوزات التي تُسجل للجمهور كما قد تساهم في توجيه الرأي العام والتأثير على صنع القرار وتحقيق العدالة".