المصدر: النهار
الخميس 12 أيلول 2024 08:09:31
تكتسب زيارة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل للبنان، أهمية خاصة، ولاسيما أن اسمه ودوره وحضوره ارتبطت بملف النازحين السوريين، وبالتالي كان له صولات وجولات في هذا الإطار، لا بل كان من أكثر المتشددين في بقائهم حيث هم، إلى حين تنضج الظروف. وقد قال هذا الكلام لأكثر من مسؤول لبناني، وفي إحدى المرات أشار إلى أن المفوضية الأوروبية تقوم بواجباتها على أكمل وجه حيال النازحين مالياً وصحياً وتربوياً واجتماعياً وإنسانياً، والظروف لم تنضج بعد في سوريا لعودتهم، لذا يجب أن يبقوا في لبنان إلى أن تحل القضية السورية وتتوقف الحرب وتتاح ظروف العودة.
بمعنى آخر، بدا بوريل متشدداً في هذه المسألة، لكنه في شق الحرب التي تخوضها إسرائيل من غزة إلى الجنوب، كان له موقف مغاير عن الكثير من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين، إذ دان الغطرسة الإسرائيلية المتمادية، وحذر قبل أيام من قيام إسرائيل بشن حرب على لبنان، علما أن هذه المواقف تركت استياء عارماً لدى قادة اسرائيل وفي طليعتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قال كلاماً كبيراً عن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
ووفق المتابعين والمطلعين على بواطن الأمور، ستكون زيارة بوريل لبيروت وداعية، إذ سيتم انتخاب بديل منه في الاتحاد الأوروبي بعد نحو شهر، وعليه، ستتناول لقاءاته تبعا للمعلومات شقين أساسيين: موضوع النازحين وكل ما يتصل بهذه القضية بصلة، ولاسيما أنه مطلع على تفاصيلها، إضافة إلى الوضع في الجنوب ودعوته إلى وقف التصعيد وتجنب الحرب، على أن تكون له سلسلة محطات واتصالات ولقاءات مع المعنيين أميركياً وأوروبياً من أجل لجم إسرائيل عن أي عدوان على لبنان. وسبق أن نقل في أحد لقاءاته أن لديه معطيات عن تحضيرات إسرائيلية لشن حرب على الحدود الشمالية، وأنه حذر المسؤولين الإسرائيليين من مغبة ذلك، باعتبار أن هذه الحرب ستجر المنطقة إلى ويلات وكوارث ليس في استطاعة أي طرف تحملها، لذا فترة الشهر المتبقية في المفوضية الأوروبية ستساعده على إجراء مزيد من الاتصالات، سواء على صعيد النازحين السوريين في المنطقة وتحديداً في لبنان، أو على صعيد الحرب في غزة والجنوب، على أن يتبلور الوضع، وهذا ما وعد به من التقاهم في بيروت، وكان واضحاً جداً عندما تحدث عن ظروفٍ صعبة ستشهدها المنطقة وخصوصا لبنان، ودعا المسؤولين إلى التوافق على رئيس للجمهورية، لأن هناك أمدا طويلا لحل مشاكل المنطقة.
وفي ملف النازحين السوريين الذي طرح مع أكثر من مسؤول، أشار إلى الشق الإنساني، مؤكدا أنه يتواصل مع المعنيين ويقوم بدوره على أكمل وجه، ولكن تبين بما لا يقبل الشك أن ليس هناك خطة جديدة لعودتهم إلى ديارهم، وأن الأمور لا تزال في حلقةٍ مفرغة، حتى إن البعض رأى أنها في حاجة إلى توافق سياسي، وهو ما لمح إليه بوريل عندما تحدث عن ضرورة التوافق السياسي اللبناني حول الموضوع، وكذلك على الصعيدين الدولي والإقليمي. لكنه لفت في أحد لقاءاته، إلى أن التقارب العربي ولاسيما الخليجي مع سوريا، وإعادة إعمارها ودعمها من دول الخليج، يساهمان في عودة النازحين، والرئيس السوري بشار الأسد سبق أن قال إن هناك خرابا ودمارا، والبنى لا يمكنها أن تستوعب العائدين، ما يعني أن العودة يلزمها وقت طويل، وهو ما تحدث عنه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي.
أحد أبرز المسؤولين المهتمين بالعلاقة اللبنانية-السورية، ومن يواكبون الوضع في ملف النازحين وسواه من الملفات، يؤكد أن بوريل لم يزر سوريا، وبالتالي يرسل دائماً مسؤول ملف النازحين، "وكان من الأجدى أن يزور دمشق للاطلاع على كل الأوضاع. وتفيد معلومات أن الدول الإسكندينافية، إضافة إلى هولندا وإيطاليا وغيرهما، بدأت تحرك هذا الملف، وهناك مناطق آمنة في دمشق وضواحيها وصولاً إلى الساحل السوري، يجب عودة النازحين إليها. وثمة ضغط على المفوضية الأوروبية التي لا تتحرك في هذا المجال، وهذا ما لا نعرفه، وربما هناك ضغوط أميركية وأمور مرتبطة بقانون قيصر، ولا سيما أن إيطاليا أعادت فتح سفارتها إلى الدول الخليجية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، بما يترك تساؤلات حول هذه المسألة، لكن تدريجاً بدأ الملف يتحرك على غير مستوى وصعيد".