المصدر: Kataeb.org
الأحد 1 أيلول 2024 20:03:24
توجه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للذي يقول لنا: أصبحتم قليلي العدد، بالقول:" قليلو العدد، كثيرو الفعل والإنتاجِ والخدمة العامّة، كثيرو الإشعاعِ عدا عن عامل أساسي وجوهري وهو أَن الدستور اللبناني غير مبني إطلاقًا على العدّ والأرقام".
أضاف:"إنّ كلّ من يتكلَّم بلغة الأعداد، يقول علنًا أنّه يريد تغيير الدستور. إذا كان البعض يريد تعديل الدستور فلا مانع لدينا. فلننتخب رئيسًا للجمهورية أوّلًا، وتبعًا للدستور، وبعدها نحن جاهزون، لا بل ندعو، لطاولة حوار وطنيّة فعلية، مش مزحل متل ما عم يصير هلق، في قصر بعبدا حيث نطرح كلّ شؤوننا وشجوننا الوطنيّة، يتركز النقاش فيها على عنوان أوحد: أي لبنان نريد؟ ونتّفق على أنّنا لن نخرج من هذا الحوار كما خرجنا من كل الحوارات السابقة، فيما البلد يواصل انهياره، ومؤسساته تتآكل، وشعبه يموت ويهاجر، حان الوقت لأن نحسم النقاش حول الأمور الخلافية الأساسيّة التي تمنع قيام دولة فعليّة وتُبقي لبنان ساحة فوضى وفساد وعدم استقرار. وبكافة الأحوال، للذي يحاول تعييرنا بأنّنا قليلو العدد نقول له: إنّ الكِرامَ قليلُ، وما همَّ من كانَ قليلُهُ مثلَنَا، شبابٌ تَسامى للعُلا وكُهولُ."
واعتبر جعجع في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية انه إذا كان البعض يعتقد بأنّه في نهاية الحرب التي نمرّ بها، ومهما كانت نتائجها، فإنّ المجموعة الدولية كما العربية ستفاوض محور الممانعة بخصوص مستقبل لبنان لأنّه الفريق المدجج بالسلاحِ، فهذا البعض هو مخطىء".
وقال:" إنّ أحدًا لن يقبل بأن يعود الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الحرب وأن تستمرّ الدولة في فُقدان قرارها وتفكّكها. الجميع في اليوم التالي للحرب سيتفاوضون مع من يملك مفاتيح اليوم التالي، مفاتيح المستقبل، مع من يملك الرّؤيا والخطّة والإصلاح، لا مع الذي لا رؤية له إلّا الحرب".
أضاف:"إنّ اليوم التالي في لبنان هو لنا، " أمّا محور الممانعة وحلفاؤه، فرأينا ما كانت نتيجة تحكّمه بزمام الأمور، وهو لا يصلح إطلاقًا، لا هو ولا حلفاؤه، لليوم التالي، ولا يتوقَّعنّ أحد أن يكونوا هم عنوان المرحلة المقبلة".
وتابع جعجع:"أوّل شيء يجب فعله في اليوم التالي هو تطبيق الدستور والقوانين لقيام دولة فعلية ومؤسساتها. فلا كيان لا تحفظه دولة، ولا دولة يمكن أن تقوم خارج الدستور والقوانين، وإذا لم تفرض سطوتها على كامل ترابها وحدودها بقواها الشرعية، وإذا لم تمتلك قرار الحرب والسّلم".
ورأى ان كل شيء يجب أن يعاد النظر به في لبنان بعد الحرب ما عدا الحدود ووحدته مشيرا الى ان محور الممانعة يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها، حرب يرفضها اللبنانيون وفُرضت عليهم فرضًا، لا تمُتّ إلى قضاياهم ومصالحهم بصلة ولا تخدم إلّا مشاريع ومخططات خارجيّة، هذه الحرب التي انخرط فيها حزب الله يجب أن تتوقّف وأن تتحوّل إلى حرب كبيرة لا تُبقي ولا تَذَرُ.
وسأل:" كيف يسمح حزب الله لنفسه بأخذ اللبنانيين إلى حيث لا يريدون وإلى حيث يريد هو فقط وبما يخدم مشروعه وارتباطاته. من أجاز لحزب الله وأعطاه التفويض لأن يُصادر قرار اللبنانيين وحريّتهم ويحتكر قرار الحرب والسلم، وكأن لا دولة ولا حكومة ولا سلطة ولا مؤسسات ولا شركاء له في البلد، ولا شعب حتى.؟ كيف يُعقل أن يكون لبنان الدولة العربيّة الوحيدة المتورّطة في هذه الحرب؟ لماذا لم تتحرّك جبَهات دول الطوق والجوار وأوّلها الجبهة السوريّة، سوريا الصمود والتصدي، وهي في صلب محور المقاومة؟ لماذا يُزَجّ بلبنان وحده ويُستدرَج إلى التدمير والخَراب وهو العاجز عن تحمّل أدنى أدنى أدنى؟
وقال:"هذه حرب لا يريدها اللبنانيون ولم يكن للحكومة رأي فيها وكلمة. هذه حرب لا تخدم لبنان، ولم تُفد غزّة ولم تُخفّف من مُعاناتها وأوجاعها قَيد أنملة، وأحداث الأشهر العشرة الأخيرة خير دليل على ذلك. ويريدونَك أن تُصفّق لهم وتشُدّ على أيديهم وتقبل صاغرًا بما خططوا له ونفّذوه ضاربين عرض الحائط بالدولة وسلطتها وسيادتها وكلّ المواثيق والأعراف، وإذا لم تفعل تُصبح خائنًا وعميلًا فيما هم يمثّلون قمّة العمالة والارتهان لمصالح دولة ومشروع غير لبنان."
أضاف جعجع: "على مَن تورّط في هذه الحرب من حيث يدري أو لا يدري، وعلى من أخطأ في حساباته أن تكون له شجاعة الخروجِ من هذه الورطة القاتلة، ومن مشاريعه وارتباطاته الاقليمية. هذا أمرٌ ممكن ومُتاح إن توافرت النيّة السياسيّة والحسّ الوطني. هذا أمرٌ سهل، ولا يتطلّب إلّا الالتزام بتنفيذ القرار 1701 بكلّ مندرجاته، ونشر الجيش اللبنانيّ على طُول الحدود الجنوبيّة لحمايتها، وتأمين سيادة الدولة على كامل أراضيها، وحصر قرار الحرب والسّلم بيد الحكومة اللبنانيّة لوحدها."
وطلب جعجع من الحكومة اللبنانية التي هي صاحبة الدار والقرار، أن تدعو حزب الله إلى وقْف هذه الحرب العبثيّة التي لا مبرّر ولا أُفُق لها أمّا إذا أصر على الاستمرار في الحرب والهروب إلى الأمام فإنّ عليه أن يتحمّل لوحده العواقب والمسؤوليّة أمام الله والوطن والشعب والتاريخ.
وقال:"أن يفعلها الحزب متأخرًا خيرٌ من أن لا يفعلها أبدًا لأنّ ما خسِرناه على فداحته قليل مقارنة بما قد نخسرُهُ لاحقًا. على حزب الله أن يتحلَّى بشجاعة اتخاذ الموقف الوطنيّ الصحيحِ لأنّه لا يكفي أن يتحلّى بشجاعة القِتال فقط. أمّا إذا أصر على الاستمرار في الحرب والهروب إلى الأمام فإنّ عليه أن يتحمّل لوحده العواقب والمسؤوليّة أمام الله والوطن والشعب والتاريخ."
وأضاف:"لا يعتقدنّ أحد في لبنان مهما بلغ من فائض قوّة أنّ بإمكانه تغيير هويّة لبنان أو المَسّ بخصائصه وتوازناته أو تزوير تاريخه وأخذَهُ إلى مكان آخر لا يشبهه وإلى دور آخر يتعارض مع دوره التاريخيّ. لبنان كان وسيبقى أرض الحريّة والكرامة والحضارة والتنوّع، الملتزم بالقضايا العربيّة والمواثيق الدّوليّة. لبنانُ كان وسيبقى سيدًا حرًا مستقِلًا وأبواب القذائف والمسيّرات والصواريخِ على أنواعها لن تقوى عليه".
وأكد جعجع ان قراءتنا لعناصر القوّة الوطنية تدفعنا إلى مُصارحة حزب الله بأنّ حُزن وألم عائلات شهدائهم وجرحاهم لا يعني شعور فرحٍ وغبطة لدينا أو لدى لبنانيين آخرين. بل على العكس، نحن نحزن لسقوط لبنانيين إخوة لنا وشركاء في الوطن، ولِما يَحُلّ فينا جميعًا من دمار وخَراب، ولِما يُصيب أهلنا من مآس وحروب حاولنا كثيرًا بمواقفنا وعملنا السياسي والنيابي تجنيبهم إيّاها.
وشدد على ان ما يصيب أيّ طرف لبناني يصيبنا نحن أيضًا، ومن غير الصّحيحِ أنّنا نُراهن على هذا العامل أو ذاك الاستحقاق أيّا وأنّى يكُن. وقال:" رهانُنا الوحيد كان وسيبقى على أنفسنا ووعي اللبنانيين الآخرين. ولَنا مِثال حيّ على ذلك في مصالحة الجبل التاريخية، التي نتمسّك بها ونَحميها برُموش عيوننا كلّ الوقت، ونتطلَّع إلى أن تكون مثالًا يُحتذى، وكبُقعة الزيت تمتدّ تِباعًا جَنوبًا وشمالًا وشرقًا لتشمُل كلّ الجُغرافيا اللبنانيّة قاطِبَة."
وأكد ان سلاح حزب الله يَمَسّ جوهر التعايش اللبناني، وجوهر مفهوم الدولة وليس هناك أيّ منطق يقبل بمعادلة قِيام دولة إلى جانب الدولة، ولا يُمكن التعايش بينهما.
وقال:"فلنَترُك للدولة حصرية السلاحِ حسب القوانين والدستور ولا نعبث بمستقبل وطننا خدمةً لمشاريع إقليميّة لا طائل منها."
وتوجه الى حزب الله بالقول:" سلاحك لا يَحمي الطائفة الشيعية، كما أنّ أيّ سلاحٍ لا يحمي طائفة في لبنان. وإن كانَ هناك من حماية فهي حتمًا في كَنف الدولة الفعليّة العادلة القادرة، فالضمانات من مسؤوليّتها، وطمأنة بعضنا البعض من مسؤوليتنا جميعًا."
وشدد على ان انتخاب رئيس الجمهورية يجب ألّا يكون موضع مساومة بل يجب أن يبقى مستندًا إلى قواعد دستورية واضحة لا لُبْسَ فيها ولا تخضع لأي اجتهاد.
وقال: "نحنُ لن نقبل وتحت أيّ ظرف من الظروف بأن يَفرضَ فريق لبنانيّ موقفه ومرشّحه على كلّ الآخرين، وأن يَضع يدَهُ على رئاسة الجمهوريّة وأَن يُمعن في التّعطيل والتزوير" مؤكدا ان الطريق إلى قصر بعبدا لا تمُرّ في حارة حريك، والدخول إلى قصرِ بعبدا لا يكون من بوابة عين التينة ووفقَ شُروطها وحوارها المُفتَعَل. الطريق إلى قصرِ بعبدا تمرّ فقط في ساحة النّجمة ومن خلال صندوق الاقتراع.
وعن الحوار، قال:"عندما يعجزون عن فرض مرشّحهم والرئيس الذي يريدون، يطرحون الحوار للتّحايُل على الواقعِ وليُحقّقوا عن طريقه ما لم يستطيعوا تحقيقه عن طريق القواعد والآليّات الدستوريّة والديمقراطيّة. وعندما يريدون التفرّد بقرار الحرب وسَوْق لبنان واللبنانيين إلى أتون حربٍ لا قدرة ولا طاقة لهم عليها، يرفضون الحوار ويتجاهلون الدعوات النيابيّة الملحّة والمُحقّة لمناقشة الحكومة في مجلس النواب حول الحرب. هُنا يَحضُرُني قولُ سماحة الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر: "أنا لا أنكِرُ وجودَ ظالِم ومظلوم. ولَكِن لا نريدُ أن نُحوّل المظلوم إلى ظالم، والظالم إلى مظلوم".
ودعا اللبنانيين المُخلِصين، وهُم كُثُر، إلى المشاركة جميعنا في خارطة طريق لوقف الدوران في هذه الحلقة الجهنّمية، والخروجِ منها إلى حلقة بناء وطن فعلي بدولة فعليّة مشيرا الى ان أوّل خطوة على هذا الطريق هي تضافر كل النوايا الحسنة الموجودة في المجلس النيابي والذَّهاب، غدًا، وبحُكم المسؤوليّة التي حمّلها الدستور للنّواب بالذّات في هذا المجال، الذَّهاب إلى المجلس النيابيّ وانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وختم بالقول:"للآخرين أقول: راجعوا حساباتكُم، أدرسوا قُدراتكم، قُدراتكم أنتم الفعليّة، واقرأوا التاريخ... بوَجه أيّ تهديد، بوجهِ أيّ محاولة إخضاع، بوجه أيّ مُحاولة سيطرة، سنرفض، سنتحدّى، سنُقاومُ... وسَنبقى".