جلسة الغدر بالمنتشرين

سيشكّل انعقاد جلسة التشريع النيابية اليوم إذا ما عُقدت انكشافًا كاملًا للتسلّط الذي مارسه رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس في حق المغتربين في التصويت لـ 128 نائبًا أسوة بالمقيمين فحسب، وإنما في حق الدستور والنظام الداخلي للبرلمان والأعراف المتبعة في لبنان ونظامه البرلماني. وبالتالي، سيشكل حضور من يحضر من النواب هذه الجلسة بمثابة طعنة بمئات الآلاف من اللبنانيين المنتشرين في العالم والذين لم يبخلوا على المقيمين بشيء في زمن الشدائد، فكان جزاؤهم كما قرر بري حرمانهم من حق الاقتراع الدستوري.

وبالتوزاي، جاء الإعلان عن عقد جلسة لمجلس الوزراء غدًا في قصر بعبدا وعلى رأس جدول أعمالها مشروع تعديل قانون الانتخابات الذي رفعه في وقت سابق إلى المجلس وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي بمثابة تعويض عن جلسة الغدر النيابية لو تسنى أن تُعقد اليوم.

"بوانتاج" غير نهائي

وعشية الجلسة النيابية، أفادت المعلومات بأنه حتى مساء أمس بلغ عدد النواب الذين سيوفرون نصابها 69 نائبًا. لكن هذا العدد ما زال خاضعًا للتناقص في حال تراجع عدد من النواب الذين وافقوا على حضور الجلسة عن موقفهم، ما يعني أن باب المفاجآت مفتوح.

وأحصت هذه المعلومات عدد الذين حسموا مقاطعتهم الجلسة لغاية مساء أمس بـ 49 نائبًا وهم ينتمون إلى كتل "الجمهورية القوية" و"الكتائب"  و"تحالف التغيير"  و"تجدد" وعدد من نواب كتلتي "الاعتدال الوطني" و"اللقاء الديمقراطي" إضافة إلى عدد من النواب الغائبين لأسباب مختلفة.

في المقابل، فإن النواب الذين سيحضرون الجلسة بلغ عددهم 69 نائبًا ينتمون إلى كتلتي "أمل" و"حزب الله" ومن سيحضر من كتل "الاعتدال الوطني" و"اللقاء الديمقراطي" و"الوطني المستقل" و"اللقاء النيابي التشاوري" وعدد من المستقلين والتغيريين و"التوافق الوطني". وبقي عدد من النواب لم يحسموا بعد موقفهم وهم من التغييريين.

تسلّط بري على الدستور

وقرأت أوساط سياسية بارزة عبر "نداء الوطن" المشهد النيابي فقالت إن الجلسة التشريعية تحولت إلى منازلة ليس فقط حول موضوع المغتربين على أهميته، بل حول إدارة رئيس مجلس النواب للجلسة. أضافت: "لا مشكل في الخلاف السياسي، لكن المؤسسات تبقى الفيصل في حسم اتجاهات أي خلاف من خلال التصويت. لكن هذا لم يحصل عندما أصرّ بري على مخالفة صريحة للدستور فصادر ولا يزال مشاريع القوانين ووضعها في أدراجه بحجج ساقطة".

وتابعت هذه الأوساط: "ما يحصل هو مخالفة للدستور والنظام الداخلي والأعراف المتبعة الأمر الذي لا يمكن السكوت عنه. نحن أمام مواجهة من طبيعة دستورية حول إدارة الدولة".

ووصفت الأوساط الموقف الذي أعلنه النائب علي حسن خليل باسم الوفد النيابي الذي يمثل ثنائي "أمل" و"حزب الله" بعد زيارته أمس قصر بعبدا بأنه "تهديد للحكومة ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في حال بحثت الحكومة مشروع تعديل قانون الانتخابات وأقرته، لأن بري سيلجأ مجددًا إلى عدم وضع مشروع الحكومة على جدول أعمال جلسة تشريعية مقبلة".

وخلصت هذه الأوساط إلى القول: "ما يحصل هو كارثة كبرى. لا يمكن أن تدار الدولة وفق أهواء أشخاص بل انطلاقًا من الدستور، أي مثلما قال الرئيس فؤاد شهاب انطلاقا من الكتاب. إن المعركة اليوم هي معركة تطبيق الدستور. كما إن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة معنيان بهذه المعركة".