المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الاثنين 6 كانون الثاني 2025 08:26:42
على أبواب التسوية الرئاسية المفترضة، يبدو أن التسوية نضجت أيضاً بين فريقي جمعية المصارف اللذين اختلفا على إعادة تشكيل التمثيل في مجلس إدارتها، ليضمّ عدد أكبر من المصارف الصغيرة التي يطمح بعض أعضائها لترؤس الجمعية.
استعار الخلاف وتصاعده، أوقف تداول السلطة وتجديدها، في جمعية باتت موزعة بين فريق غالبيته من المصارف الكبرى ممثلة في مجلس إدارة الجمعية، وتحوز الأكثرية المطلقة فيها، وفريق آخر، معظمه من المصارف الصغرى والمتوسطة، يصبو إلى التمثل بعدد أكبر في مجلس إدارة الجمعية، ولا يخفي طموحه إلى رئاستها، ويسعى إلى انتزاع حضور جدي ومباشر له في إدارة الجمعية، ولتعزيز دوره وشراكته في صناعة قراراتها، وتحديد مصير القطاع المأزوم برمّته.
ما أوحت به التسريبات المصرفية، أن طبخة التسوية نضجت، وبات مصرفيو لبنان في أجواء حلّ مرتقب وقريب، إذ بعدما نجح ممثلو المصارف الصغرى والمتوسطة في تعطيل جلسة انتخابات جمعية مصارف لبنان في 10 تموز الماضي، وتأجيل إجرائها، تعددت محاولات رأب الصدع، لإعادة الانتظام الإداري والقانوني إلى عمل الجمعية، ولإبعاد "الثقافة" اللبنانية المستجدة، في التأقلم والتعود على الشغور، عن واحدة من أكثر المؤسسات حساسية في الدور والوظيفة المالية والاقتصادية. فمروحة الاتصالات الواسعة أفضت إلى اتفاق يفتح الباب أمام إجراء انتخاب مجلس جديد للجمعية، يتمثل فيه الجميع، على قاعدة لا استبعاد للأقلية، ولا استعداء للأكثرية.
وقضت التسوية بأن تقر الجمعية العمومية غير العادية لمصارف لبنان، التي ستنعقد في 8 الجاري، تعديلين على النظام الداخلي للجمعية، الأول يقضي برفع عدد أعضاء مجلس إدارتها من 12 عضواً إلى 14، والتعديل الثاني، يسمح للرئيس المنتهية ولايتاه القانونيتان، بالترشّح لولاية ثالثة، على أن تكون مفاعيل التعديلين لمرة واحدة فقط، تنتهي فور انتهاء الولاية القانونية للمجلس ولرئيسه، لتعود بعدها مفاعيل البندين المعدلين كما كانا قبل التعديل.
الحل الوسط الذي نال رضى المعارضين، سيسمح بدخول عضوين إضافيين إلى مجلس الإدارة، ما سيتيح للمعارضين التمثل في المجلس، والمشاركة في القرار. كذلك سيفتح المجال أمام سليم صفير للترشح إلى ولاية ثالثة، وأن يترأس الجمعية لـ3 دورات متتالية بدل دورتين. اللهم إلا إذا دخل عنصر المفاجأة في اللحظات الأخيرة وأخرج المعارضون له لائحة جديدة تضم اسم عضو ماروني مرشح للرئاسة.
هاتان الخطوتان ستعالجان مسألتين كانتا في صلب الخلاف الذي عقّد الأمور في الجمعية. المسألة الأولى، هي الأخذ في الاعتبار بمطالب المصارف الصغرى والمتوسطة، بتمثيلها في الجمعية، خصوصاً بعد تنامي الخوف لديها، من المشاريع ومقترحات القوانين التي تحضر لهيكلة المصارف، حيث يرى غالبيتهم أنها قد تضرّ بمصالح مصارفهم، وتفضي دون مبرر إلى إخراجهم من السوق.
المسألة الثانية، تعالج مأزق عدم وجود رغبة لدى أيّ من الأعضاء الموارنة، للترشّح إلى رئاسة الجمعية، ما سيتيح لسليم صفير الترشح مجدداً، علماً بأن القانون لا يمنع أو يقيّد ترشح عضو مسيحي غير ماروني.
وإذا تم التوافق على هذين الطرحين وتعديل النظام الداخلي، فستحدد جلسة الانتخاب في 29 الجاري.
وفيما كانت المصارف الصغرى تصر على التمثل بعضوين إضافيين في مجلس الجمعية، حددت اسميهما مسبقاً (مروان خير الدين ورائد خوري)، تؤكد مصادر في الجمعية، أنه مع تحديد موعد للانتخابات، ليس شرطاً أن تبقى المعادلة والأسماء كما كانت، وقد يُنتخب أعضاء آخرون بعد ارتفاع عدد المرشحين والمقاعد، وتالياً فإن ما كان مطروحاً من أسماء، قد يتبدل لدى كل من المصارف الكبرى، والمصارف الصغرى، فريقَي التسوية.
المعلوم أن صفير تولى رئاسة جمعية المصارف في دورتين متتاليتين، الأولى عام 2019 قبل اندلاع الأزمة المالية، والثانية عام 2021. بعدها وتحت وطأة ظروف المصارف القاسية، تم التمديد للمجلس استثنائياً عاماً واحداً، انتهى في تموز الماضي، بيد أنه لا يزال يمارس دوره ووظيفته، انطلاقاً من مبدأ استمرارية عمل المرفق، ومن واقع لا يمكن معه ترك القطاع المصرفي دون مرجعية، وشاغر الإدارة.
ولكن السؤال: هل هذه التعديلات التسووية قانونية؟ يؤكد محامي الجمعية أكرم عازوري في اتصال مع "النهار" أن جمعية المصارف هي سيدة نفسها، وتالياً يمنح القانون للجمعية العمومية في حال اكتمال نصابها القانوني، وإذا حظي الاتفاق "التسوية" بأصوات غالبية أعضائها، أن تعدل نظامها الداخلي ليتلاءم مع التعديلات المطروحة، ليعود الوضع إلى طبيعته السابقة كما كانت قبل تعديل النظام الداخلي، إذا أرفق التعديل بعبارة "لمرة واحدة فقط". وتعديل النظام الداخلي يستلزم تصويت غالبية الأعضاء، أي 75% منهم، باعتبار الجمعية العمومية غير عادية.