المصدر: النهار
الكاتب: رضوان عقيل
الثلاثاء 4 آذار 2025 07:34:50
يعيش الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حالة من القلق الشديد الذي لا يقتصر على لبنان، بل يشمل مستقبل سوريا ومصير الدروز في السويداء، في ظل مخططات إسرائيل للهيمنة على المنطقة وتفكيكها وإرساء أجندة مخططها.
في توقيت حساس، ومع ارتفاع سخونة الملفات في سوريا وتدخل أكثر من جهة في تفاصيلها، يعلن جنبلاط استعداده للتوجه إلى دمشق للقاء الرئيس أحمد الشرع المنتظر منه القيام بسلسلة خطوات لإرساء قواعد دولته المفككة.
زيارته الأولى بعد انهيار نظام الرئيس السابق بشار الأسد، لم يشأ جنبلاط إعطاءها حيزا درزيا، مع تركيزه على مسلّمة أنه مع وحدة سوريا ودعوته القادة العرب إلى تحمل مسؤولياتهم في هذا الإطار. ويُخشى هنا من مسألتين: حصول احتكاك بين الدروز والسنّة، لأن ما حصل في جرمانا في ريف دمشق لا يبعث على الاطمئنان، ثم دخول العامل الإسرائيلي على الخط، طمعا بإنشاء شريط حدودي من جهة الجولان مع سوريا لتشكيل كانتون درزي تحت إدارة إسرائيلية.
ولا يخفى هنا أن الأمر يبدو مقبولا لدى دروز ومشايخ، لجملة من الأسباب والمصالح الخاصة.
ويتلاقى هؤلاء مع طروحات الزعيم الدرزي الروحي في إسرائيل الشيخ موفق طريف الذي يخوض كباشا مع جنبلاط، علما أن غالبية أبناء السويداء وجبل العرب من مشايخ ونخب وقواعد لا تزال تتأثر بأفكار سلطان باشا الأطرش وشكيب أرسلان وما خلّفاه من قواعد عربية وقومية في صفوف مكونهما.
ومن يؤيد المختارة يناشد جنبلاط التواصل سريعا مع الشرع، مع ضرورة تشديده على وحدة سوريا وعدم تقسيمها والعمل لوضع ضوابط تمنع تكرار حادثة جرمانا قبل أيام، وما حصل في إدلب إبان سنوات الحرب.
ولا يرى أصحاب نطرية التلاقي مع الشرع أن ما يقوم به جنبلاط هو تقديم أوراق اعتماد للسلطة الجديدة المنهمكة في أكثر من ملف شائك على طول الخريطة الدرزية، وكيفية تعاملها مع الأقليات التي تخاف على مستقبل مكوناتها. وتكمن الخشية الكبرى في أن يكون ما يخطط لسوريا أكبر من الشرع وكل الطوائف، من هنا لم يتأخر جنبلاط في قرع أبواب كل المعنيين في المنطقة، وهذا ما فعله مع الأتراك، وسيبقى يرفع الصوت خشية ترك الدروز لمصيرهم المجهول.
وفي مقابل المساعي التي يبذلها جنبلاط، يرى البعض أن عليه إجراء اتصالات بواسطة فاعليات درزية من السويداء قبل إتمام زيارته التي ستكون لزوم ما لا يلزم، ما لم يتم التوصل إلى خلاصات نهائية تحدد مقاربة تعامل السلطة الجديدة في دمشق مع مكون أساسي في تاريخ سوريا، في انتظار ما ستتوصل إليه اللجنة الدستورية.
وثمة جهات درزية في السويداء تقول إنها لم تعط جنبلاط تفويضا للقيام بهذه الاتصالات مع الشرع، وإن القفز فوق إرادة من يمثل السويداء لن يؤدي إلا إلى مزيد من الأزمات، علما أن أهلها لا يريدون أي وصاية من خارج جبل العرب رغم كل الدور الذي يؤديه جنبلاط للاهتمام بأبناء طائفته.
ويقول جنبلاط في حلقة ضيقة في معرض قراءته ما يحضّر للمنطقة وهو يشاهد جزءا لا بأس به من بني جلدته في السويداء يسلّم بمخطط إسرائيل: "نصحتهم بعدم التعاون مع الشيخ طريف، وعليهم تحمل مسؤولية ما يقدمون عليه، وإذا لم يسمعوا فسيقلعون أشواكهم بأيديهم".