جورج شاهين في وداع جوزف ابو خليل: انعى مناضلا لم تخل الساحة إلا عند سقوط يراعته

"أحار من اي موقع انعى عمو جوزف

من موقعي الشخصي الذي كان شاهدا على اولى خطواتي المهنية

من موقع الرفيق الذي امضينا معا اكثر من خمسة واربعين عاما

من موقع الزميل الذي عانينا واياه مختلف صنوف التعب والإرهاق عندما كنا نصل الليل بالنهار لإصدار عدد يومي من جريدة العمل وتحديدا في تلك الليالي التي اصدرنا بعد وضعك في الإقامة الجبرية عددا أسود بدلا من عدد أحمر

من تلك الغرف في مبنى البيت المركزي التي كانت تهتز جدرانه بقذائف الدبابات من خلفنا

عمو جوزف اقف اليوم امام نعشك المجلل باسم نقيب المحررين جوزف قصيفي وباسم أعضاء مجلس النقابة الذين كلفوني ان انقل تعازيهم الى عائلتيه الصغرى والوطنية والكتائبية الكبرى كما اولوني شرف القاء كلمة حق في وداعك

عمو جوزف يعجز  اللسان عن قول مثل هذه الكلمة واختصار  ما اختصرت في شخصك من قيم ومواهب

زينت جدول نقابة المحررين منذ اقل من نصف قرن بقليل بكل الصفات المهنية  ولم تسع يوما الى منصب او لموقع.

اعطيت لها رونق الصحافي المجاهد الساعي الى الحقيقة التي ادركتها في الكثير من المناسبات والمواقع فكنت صلبا الى جانبها مهما غلا الثمن.

قدمت لوحدتها الكثير من التعب في ثمانينيات القرن الماضي ووقفت إلى جانبها في أصعب الأوقات وأدق الاستحقاقات، دافعا عنها ما تعرضت له من ضغط في زمن الحرب، وإنقسام العاصمة إلى شطرين. وكنت حريصا على القيام بواجباتك حيالها حتى اللحظة الأخيرة، على الرغم من تقادم العمر. 

انا ومن على هذه المنصة وفي مثل هذا اليوم في السابع عشر من كانون الأول استذكرت فقدان والد حنون قبل ستة وثلاثين عاما

وانا ارى نفسي اليوم انعى والدا آخر ومناضلا لم تخل الساحة إلا عند سقوط يراعته التي ما خطت إلا آيات الوفاء لوطن أنجبك، وحزب نشأت فيه وكنت شاهدا على تاريخه ومواكبا له، ومهنة ونقابة إحتضنتهما وإحتضناك، وقامت بينك وبينهما إلفة وتآلف حتى قضى الله أمرا كان مقضيا.

عمو جوزف نم قرير العين في بيت الدين، أميرا من أمراء الصحافة، متقدما على جميع أمرائها.

وداعا عمو جوزف والى اللقاء".