المصدر: النهار
الكاتب: جاد فقيه
الجمعة 10 تشرين الأول 2025 07:33:31
منذ عقود، شكّلت محطات السكك الحديد في لبنان رمزا لعصر ذهبيّ من الانفتاح والحركة والاتصال بين المدن من جهة، وبين لبنان والعالم العربي وأوروبا من جهة أخرى. انطلقت الحكاية في صيف 1895 مع تدشين أول خطّ حديد يربط بيروت بدمشق مرورا بسهل البقاع، قبل أن تمتدّ الشبكة لاحقا نحو طرابلس وصيدا. لم تكن هذه المحطات مجرّد مراكز لنقل الركاب والبضائع، بل كانت شرايين نابضة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية، ساهمت في تنشيط التجارة وتبادل الثقافات وربط المناطق اللبنانية بعضها ببعض.
غير أنّ أتون الحرب الأهلية اللبنانية الذي التهم لبنان عام 1975 أوقف العمل تدريجا على الخطوط، وتحوّلت المحطات إلى "أطلال" مهجورة.
اليوم، لا تزال بقايا هذه المحطات، من مار مخايل إلى رياق وطرابلس وصيدا، شاهدة على تاريخ طُوي ولم يُكتب له أن يُستعاد. ورغم الحديث المتكرر عن مشاريع لإحياء السكك الحديد، لا شيء ملموسا بعد.
ومع ذلك، فإن الحديث عن هذه المحطات لم يغب يوما بين اللبنانيين، ولكن أخيرا كثر الحديث عن محاولة إحياء هذا القطاع من جانب المسؤولين أيضا، إذ صرح وزير الأشغال الشهر الماضي لـ"النهار" بأن ثمة دراسات لتشغيل "الترامواي" في بيروت وضواحيها.
وفي حديث إلى "النهار"، أشار رئيس مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك زياد شيا إلى أن "المصلحة تملك العديد من الأراضي التابعة للمصلحة، ونحن اليوم نعمل على رفع التعديات القديمة على هذه الأملاك، ومنع أي تعدّ جديد بهدف المحافظة على الأملاك العامة، أما محطات الركاب فنحاول إعادة ترميمها بمساعدة من شركائنا ودول شقيقة، والهدف من الترميم والاستثمار تشغيل المحطات في مشاريع مختلفة تكاملية مع القطار.
على سبيل المثال، في محطة مار مخايل تُستحدث حدائق ومتحف ومقهى من دون المساس بمسار القطار، وهذا ما يحصل في كل دول العالم".
في المحصلة، فكرة إعادة تشغيل القطارات ليست غائبة عن أذهان المعنيين، لكنها تتطلب تضافرا للجهود بين كل من مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك ووزارة الأشغال العامة والنقل، بالتوازي مع نية واضحة من الحكومة لإعطاء هذا الملف أولوية.