حان أوان تقاعد السلاح غير الشرعي

لبنان على موعد اليوم مع جلسة يعقدها مجلس الوزراء، ينتظر أن تكون تاريخية لجهة القرارات التي يمكن أن تصدر عنها، ولا سيما أن موضوع سلاح "حزب الله" قد يكون في صدد بلوغ مرحلة "التقاعد". بمعنى آخر، المنتظر من جلسة مجلس الوزراء التي دعا إليها الرئيس نواف سلام، ثم أعقبها خطاب الرئيس جوزف عون لمناسبة عيد الجيش، أن تكون رحلة سلاح الحزب المذكور قد شارفت الانتهاء بداية اليوم مع إصدار قرار فحواه سحب شرعية السلاح وطيّ صفحة ما كان يسمى جوازا "مقاومة"، في حين أن الحزب المذكور كان على الدوام قوة مسلحة مرتبطة بوظيفة إقليمية تديرها طهران عن بعد.

أما الوظيفة الداخلية، وما كانت معزولة عن الوظيفة الخارجية، فقد تمحورت حول السيطرة الشاملة على لبنان وتحويله إلى منصة، وضرب التوازنات الداخلية الدقيقة، فضلا عن العمل المنهجي على نسف التوازن الديموغرافي، والمعادلة العقارية، وتغيير الصيغة والنظام، بما كان يفترض أن يحقق غلبة حاسمة ودائمة للحزب وبيئته ومشروعه السياسي والعسكري والثقافي والروحي، بهدف دفع مزيد من أبناء البيئات الأخرى إلى الهجرة الدائمة. والحقيقة أن مغامرة "حرب الإسناد" أتت لتقلب الطاولة رأسا على عقب، فنسفت المشروع من خلال تلقي "حزب الله" ضربة عسكرية قاصمة، فأطيح المشروع وكل عناصره بمن فيهم الرئيس نبيه بري وحركة "أمل".

ولكن هل زال خطر "حزب الله"؟ بالطبع لا. فمن الصعب التنبؤ كيف ستمضي جلسة مجلس الوزراء اليوم، وإلام ستفضي. المطلوب دوليا وعربيا ومحليا واضح وضوح الشمس. والملاحظ أن الحزب المذكور ومعه الرئيس بري يحاولان المراوغة والالتفاف حول قضية السلاح وربطها بمطلب التوازي في الخطوات مع إسرائيل. هذا المسعى لن ينجح. فقد تبين أن واشنطن رفضت التوازي على قاعدة الإصرار على اتخاذ قرار نزع السلاح في كل لبنان وتقديم إطار زمني قصير لا يتجاوز ثلاثة أشهر، مع تواريخ محددة لكل مرحلة من المراحل التي ستتضمنها الخطة اللبنانية. وإذا ما فشلت الحكومة في تحقيق المطلوب منها فسيكون لبنان على موعد مع أحداث دراماتيكية.

ما تقدم ليس تهويلا كما تزعم "الممانعة". إنه حقيقة تماما مثل الحقيقة والأمانة التي تميزت بها مناشداتنا منذ ٨ تشرين الأول 2023، عندما تورط الحزب بغباء وتهور في "حرب الإسناد"، فدعونا عشرات المرات المتهورين إلى الخروج من الورطة قبل أن يتدرج الوضع نحو حرب واسعة ومدمرة. وكان ما كان، فتحطمت قوة الحزب العسكرية، وأصيب أبناء بيئته بخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. لكن المستغرب هنا أن هؤلاء الذين رفضوا الاستماع إلى صوت العقل يغامرون مرة جديدة، ليس بحرب جديدة، بل بالتسبب بانقسام كبير في الداخل اللبناني. فالغالبية العظمى من اللبنانيين ترفض السلاح والمغامرات العسكرية التي لا نهاية لها.

انتهت مرحلة التعاطف مع قوة متهورة وغيرعاقلة ومعتدية على أبسط حقوق اللبنانيين في العيش بسلام. لقد طفح الكيل من هذا الحزب الذي شكل ويشكل أكبر خطر على لبنان واللبنانيين!