حراك لمنع حزب الله من فرض شروطه في الترسيم والرئاسة

كتب منير الربيع في الجريدة الكويتية: 

لم يغب لبنان عن مداولات اللقاءات السعودية ـ الأميركية، فما أشار إليه البيان السعودي ـ الأميركي الختامي لتلك اللقاءات، يؤكد أن الدولتين ذات التأثير الواسع على الساحة اللبنانية تتمسكان بثوابتهما، والتي تتلخص في ثلاث نقاط واضحة: الإصلاحات، التزام القرارات الدولية، حصر السلاح بيد الدولة، وهي عناوين تعتبر منصة انطلاق لأي حل لأزمات لبنان.

وعبّر البيان عن دعم الدولتين لـ «سيادة لبنان وأمنه واستقراره» وللجيش اللبناني، وشدد على أهمية «تشكيل حكومة جديدة، وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة، تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهابيين، أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها»، مؤكدا ضرورة «بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا تكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها».

تنطبق هذه الشروط على استحقاقين أساسيين، الأول ملف ترسيم الحدود وضرورة إعلاء كلمة الدولة اللبنانية في المفاوضات وعدم الاستسلام لمواقف حزب الله وتصعيده وشروطه التي من شأنها تعقيد المفاوضات، والثاني يفترض ترجمته في الانتخابات الرئاسية المقبلة من خلال اختيار رئيس متوازن قادر على التواصل مع مختلف الأفرقاء، واستعادة علاقات لبنان الخارجية عربيا ودوليا لإخراجه من العزلة.


وهذه المواصفات تفترض ألا يكون الرئيس العتيد حليفا لحزب الله أو للمحور الإيراني، إلا أن انتخاب رئيس بالمواصفات المطلوبة سيبقى مرتبطا بتطورات الأوضاع في المنطقة، سواء ما يتعلق بتداعيات قمة جدة العربية ـ الأميركية، أو بملف إيران، حيث ستكون عودة طهران للمفاوضات عاملا مساعدا للوصول إلى تسوية في لبنان، أما في حال تعثرت المفاوضات فإن منطق المواجهة سيكون سائدا.

ومن هنا يمكن قراءة المواقف التصعيدية للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على أنها خطوة استباقية ترتبط بملفي «الترسيم» والانتخابات الرئاسية، ففي الترسيم سعى نصرالله إلى فرض شروطه وإلزام الدولة اللبنانية بها، أما رئاسيا فإنه بتحديده شهر سبتمبر، موعد بدء إسرائيل استخراج النفط والغاز، سقفا زمنيا للوصول إلى حل حول ترسيم الحدود، يكون قد فرض ضمنا شروطه على مواصفات الرئيس الذي سيدعمه، بمعنى أن الرئيس الجديد يفترض أن يكون ملتزما بسقف الحزب التصعيدي، وأن يلتزم بشروط الحزب في الترسيم وحماية «السلاح».

وفي مواجهة هذا المسعى، يبرز تحركان، الأول يتمثل في مساعي واشنطن المكثفة للوصول إلى حل لترسيم الحدود وسحب ورقة التصعيد من يد حزب الله، بفصل موقفه عن موقف الدولة، والثاني تحرك داخلي من خلال تطويق أي مسعى لحزب الله لفرض مرشحه الرئاسي، سواء كان سليمان فرنجية، الذي يبدو أن أسهمه ترتفع لدى الحزب، أو جبران باسيل الذي لا يزال يسعى إلى تحسين شروطه، وما تشهده الساحة الداخلية من لقاءات واتصالات بين كتل نيابية معارضة لحزب الله يهدف إلى توحيد الجهود لمنع الحزب من تكرار تجربة انتخاب ميشال عون، والمجيء بشخصية متحالفة معه.