حركة الاتصالات الحكوميّة.. هل فات الأوان على الديبلوماسية؟

إن كانت ساعات اليوم الطويل أمس توزّعت بين حركة ديبلوماسية وسياسية على خطّي عين التينة والسرايا الحكومية وحركة إغاثية لاستكمال معالجة جرحى المجزرة الاسرائيلية بعدما قارب عدد الإصابات بانفجار أجهزة "البيجر" ثلاثة آلاف إصابة في صفوف "حزب الله" ومواطنين، فإن الأنظار ستكون مشدودة أكثر اليوم نحو كلمة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله المرتقبة عصراً، لما ستحمله من تحديد لمعالم المرحلة المقبلة.

في الحركة السياسية، لفتت زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لعين التينة حيث كان له لقاء مع رئيس المجلس نبيه بري لتنسيق المواقف في ما يتعلق بالموقف الرسمي للحكومة وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، علماً بأن التطوّر الأمني الأخير جاء بالتزامن مع استعداد الخارجية اللبنانية لطلب جلسة مشاورات حول الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمدنيين. وقد جاءت مجزرة "البيجر" لتعزز هذا التوجّه، خصوصاً أن الإصابات تجاوزت عناصر أو كوادر الحزب الحاملين للجهاز لتطال مواطنين موجودين في محيطهم.

وفي الوقت الذي تداعت فيه أكثر من جهة عربية أو دولية لتقديم الدعم والتضامن مع لبنان، وقد وجّه ميقاتي شكره في هذا الإطار إلى كل من مصر والعراق وتركيا وسوريا وإيران، تابع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب من جهته اتصالاته معلناً تلقيه اتصالاً في وقت متأخر من مساء الثلثاء من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، حيث نبّه بو حبيب المسؤول الأوروبي إلى خطورة التصعيد الذي يمكن أن يؤدّي إلى جرّ المنطقة كلها إلى حافة الهاوية. وقد تبلّغ بو حبيب من بوريل عزمه على إجراء مشاورات مع دول الاتحاد للبحث في ما يمكن اتخاذه من خطوات أو مواقف تسهم في لجم التصعيد والانزلاق إلى حرب موسعة.

وهذا الموضوع كان مدار بحث في اللقاء مع المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هنيس-بلاسخارت، حيث جدّد بو حبيب التحذير من دخول المنطقة في دوّامة أكبر من العنف، تنذر بنشوب نزاع أوسع، داعياً الأمم المتحدة الى ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل للجمها عن التصعيد ووضع حدّ لاعتداءاتها على لبنان ودفعها الى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها.

وفيما تستمر حركة الاتصالات عبر القنوات غير المعلنة لتبيّن ما يمكن لبنان القيام به تجنباً للذهاب إلى المحظور، أبرزت مؤشرات الأيام القليلة الماضية، على جبهة الجنوب كما بالاستهداف الداخلي أول من أمس، أن منحى المواجهات بدأ يتخذ مساراً خطيراً جداً لا عودة عنه مهما تكن الجهود الديبلوماسية المبذولة، وهي كما ظهر من الحراك الدولي عموماً والأميركي خصوصاً، لم تؤدِّ إلى أي نتيجة، لا في غزة ولا في لبنان. وجاء امتناع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين عن زيارة بيروت بعد زيارته تل ابيب ليؤكد أن المساعي السياسية وصلت إلى خواتيمها، وتحتاج إلى مزيد من التفعيل إن كانت هناك نيّة دولية جدية للجم التصعيد.

ومع تراجع حظوظ الجهود السياسية، تترقب الأوساط السياسية كلمة نصرالله اليوم لتبيّن السقف الذي سيعتمده في الرد على العملية الإسرائيلية، والذي في رأي الأوساط، لا بدّ من أن يأتي أكبر حجماً من ردّه على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر قبل شهر تقريباً، نظراً إلى حجم الخسائر التي طالت عمق الحزب في بيئته وكوادره وعناصره.

ومهما تكن المفاصل التي سيتناولها نصرالله اليوم، والاستراتيجية التي سيعتمدها، فإن ثمة شبه إجماع لدى الأوساط السياسية المتابعة على أن الأمين العام لن يتجاوز السقوف التي تستدرجه إلى رحاب الحرب الأوسع.