حركة رئاسية جيدة لكن النتائج غير مضمونة.. ولقاء هوكشتاين ولودريان لم يتناول الرئاسة

‏إتّضح من لقاءات سفراء المجموعة الخماسية العربية الدولية التي استؤنفت أمس في اتجاه الكتل النيابية والقوى السياسية في شأن الإستحقاق الرئاسي أنها أطلقت نقاشات مسيرة غير انقضاضية على رئيس للجمهورية، بمعنى أنها لم تبعث على التفاؤل في إمكان نجاحها في تحقيق التوافق المطلوب على انتخاب هذا الرئيس، ما يعني أن الحركة الخماسية ما تزال بلا بركة رئاسية حتى اشعار آخر، وأن البعض كان وما زال يجزم في أن الإستحقاق الدستوري اللبناني لن ينجز قبل توقّف الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة وعلى الجبهة الجنوبية اللبنانية.

بمشهديةٍ جديدة لا تشبه سابقاتها، استأنفت أمس مجموعة سفراء الخماسية العربية والدولية نشاطها وتحركها عل خط الاستحقاق الرئاسي من حيث الشكل، امّا المضمون فبقي هو نفسه مع تغيّرات طفيفة انطلقت من ازدياد الرغبة بالإسراع في انتخاب رئيس ورفع مستوى الإيجابية والانفتاح... وعدا ذلك لا يمكن الحديث عن تسجيل أي اختراق او تسويق مبادرة جديدة من نوعها يعوّل عليها لإحداث خرق في جدار الانسداد...

من حيث الشكل هي المرة الأولى التي تفتح فيها أبواب سفارة من سفارات دول المجموعة الخماسية لحضور الكتل النيابية اليها وتلبية دعوة السفراء بالإضافة إلى توسيع رقعة التشاور لتشمل كل الكتل النيابية والنواب المستقلين من دون ان يستثنى أحد... في صورة كادت ان تشبه المشاورات النيابية غير الملزمة لولا أنها انقسمت إلى من أتى إلى الخماسية ولقاءات أخرى ذهبت الخماسية اليها...

نتائج غير مضمونة

واكد مصدر سياسي رفيع لـ«الجمهورية» انّ ملف الرئاسة وملف الجنوب منفصلان تماماً، وان السفيرة الاميركية ليزا جونسون في لقاءاتها كانت واضحة جدا في هذا الخصوص حيث أكدت ان لقاء الموفد الفرنسي جان ايف لودريان بالمبعوث الاميركي اموس هوكستين في واشنطن لا علاقة له بالرئاسة...

وقَلّل المصدر من إمكانية إحداث تقدّم كبير في الانتخابات الرئاسية قائلاً: «لو كانت هناك خطوة جدية لَما أخذ السفراء الخمسة عطلة أعياد دامت نحو شهر، فالطبخة إذا كانت على نار حامية لا تُترَك كل هذه المدة. وما يحصل اليوم، ومشكورون السفراء عليه، هو محاولات وسعي جدي وصادق، لكن هذا لا يعني ان يكون على الطريقة اللبنانية شراء وقت ليس إلّا... خصوصاً من جانب بعض القوى السياسية في لبنان والتي أصبحت صاحبة اختصاص في عملية تضييع الوقت»... واضاف المصدر: «يجب ان نكون واقعيين، صحيح انّ الجميع يعلن ويؤكد ويحاول فصل الحرب في غزة وفي لبنان عن الرئاسة لكن شئنا أم أبينا أصبح الملفّان على ارتباط وثيق... فالحركة جيدة لكن النتائج غير مضمونة».

السفير المصري

وقال السفير المصري علاء موسى لـ«الجمهورية»، في ختام اليوم الخماسي أمس «انّ اجتماعات اليوم (امس) في واقع الحال هي استئناف لما بدأناه ‏من جولة على مختلف الكتل السياسية قبل العيد. ولدينا في المقبل من الأيام عدد من الاجتماعات ومع نهاية الأسبوع نكون قد أنهيناها كلها. ما أستطيع تأكيده هو اننا في لقاءاتنا، واليوم على سبيل المثال، مع الكتل السياسية نستمع إلى أفكار إيجابية ونفسٍ مهم سيساعدنا كثيراً». واضاف: «مرة أخرى أقول ما نستمع إليه ليس بالضرورة كله على النغمة نفسها. هناك تفاوت بالتأكيد لكن النقطة المشتركة هي إدراك الجميع وإحساسهم لأهمية الانتهاء من هذا الاستحقاق في أقرب وقت ممكن، وسنبني على هذه النقطة من أجل الإتيان بجميع الافرقاء معاً والخروج بشيء يحظى بقبول الجميع».

‏ وقال موسى: «نحن كلجنة خماسية لا نقف عند التفاصيل مثل مَن سيترأس الحوار وشكله، وماذا سنسمّيه، حوار او تشاور وما إلى ذلك، نحن نبحث عن سبل الوصول إلى عناوين رئيسية يتّفق عليها الجميع لأنه عند الوصول إليها يمكن التغلّب على التفاصيل. وإذا ما توافرت الإرادة والرغبة الحقيقية والالتزام يمكن التغلّب على الإشكاليات، والرغبة التي نلمسها من الجميع أمامنا هي رغبة جيدة وحقيقية، امّا صدقها فيترجمه الالتزام والتنفيذ على الأرض، أننا في الحقيقة في مرحلة التأكد من الرغبة وعندما يُعبّر الجميع عن هذه الرغبة ننتظر منهم الالتزام، لأنّ الالتزام هو ترجمة الأمور وعندها سيظهر كل فريق موقفه الحقيقي»... ولفت الى انّ «إحدى المشكلات الموجودة بين الكتل السياسية هي أنّ مساحة الثقة ليست كبيرة، ودورنا هو العمل على توسيع هذه المساحة، فإذا كانت أي كتلة لديها شكوك نحن كخماسية يمكن أن نتدخّل لتأمين الضمان بشكل أو بآخر... ‏انّ خمس دول وازنة بحجم مصر والسعودية وقطر وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية يجب ان تكون لديها القدرة على تأمين ضمانات عالية».

لقاءات «دوحة الحص»

وكانت اللجنة الخماسية قد دعت الى التحرك المكثف، فاجتمع سفراؤها الخمسة في بيروت امس في دارة السفير المصري علاء موسى في دوحة الحص ـ عرمون، قبل ان يباشروا لقاءاتهم مع بعض الكتل النيابية.

وعقد بعد ظهر امس، في دارة السفير المصري لقاء لسفراء دول اللجنة الخماسية في بيروت: سفير المملكة العربية السعودية وليد بن عبدالله بخاري، سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، سفير قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن فيصل ثاني آل ثاني، وسفيرة الولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون، مع كتلة «التوافق الوطني» الذي ضَم النواب فيصل كرامي وحسن مراد وطه ناجي وعدنان طرابلسي ومحمد يحيى.

وقال كرامي بعد الاجتماع: «لمسنا دفعاً من «الخماسية» تجاه الحلّ في لبنان لجهة انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً انّ لبنان يمرّ في مرحلة تعتبر الاخطر من اي وقت مضى، ومن الواضح أن لا خلاص ولا حلّ إلا بالحوار، وواضح أيضاً أن ثقة الخماسية بالرئيس نبيه بري كبيرة جداً، لكن لا جديد لديها وإنما فقط استمزاج للآراء». وختم: «معروف الإسم الذي نؤيّده ونحن مستعدّون للدفاع عنه حتى النهاية».

وقالت مصادر كتلة «التوافق» لـ«الجمهورية» انّ السفراء الخمسة «يعملون على جمع النقاط المشتركة بين الكتل النيابية للخروج بصيغة نهائية توافقية تعرض للحل». واشارت الى «ان السفراء حذّروا خلال اللقاءات من انّ وضع لبنان لم يعد يسمح بمزيد من التأخيرفي انتخاب رئيس، ودعوا جميع الاطراف الى الالتزام بانتخاب الرئيس لأنه بات حاجة مُلحّة للجميع».

وفي المعلومات، انّ كرامي رحّب بفكرة الحوار للتوافق على انتخاب رئيس، وقال: «ان مبدأ الحوار ليس جديداً وسبق ان ذهبنا الى الحوار في «اتفاق الطائف» وفي «اتفاق الدوحة» وفي كل محطات الحوار في القصر الجمهوري والمجلس النيابي». واكد «اننا مع المواصفات التي حَدّدتها اللجنة (الخماسية) ولا سيما منها السعودية بانتخاب رئيس اصلاحي يكافح الفساد ويساهم في اعادة بناء مؤسسات الدولة».

«تجدد» و«الطاشناق»

والتقى السفراء الخمسة ايضا نواب كتلة «تجدد»، التي اكدت «انه لم يتم (خلال اللقاء) طرح أسماء ولكن المواصفات التي عُرضت ترضينا، ونحن بدورنا طرحنا تخريجة لا تتعارض مع الدستور. ولن نقبل برئيس من العهد السابق».

ولاحقاً، أعلنت «تجدد»، في بيان، «توضيحاً لما نشرته بعض وسائل الإعلام تفسيراً لكلام احد نوابها عن مبادرة لها تضمنت دعوة النواب الى عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وفي حال عدم الانتخاب في الدورة الأولى ينتقل النواب إلى حوار ونقاش يترأسه رئيس المجلس النيابي، ان النائب كان يتحدث عن مجرد التشاور بين الجلسات». وأكدت أنّ «ما ورد لجهة قبولها بطاولة حوار يترأسها الرئيس نبيه بري لم تطرحه ولا يمثّل موقفها المنسجم مع القناعات والثوابت المعلنة في بياناتها الأسبوعية، والذي ينص على التمسّك بالدستور ورفض الأعراف الهجينة، وعلى الدعوة الى جلسات بدورات متتالية وغير مشروطة لانتخاب الرئيس، والذي يتم تنسيقه بالتشاور مع قوى المعارضة، فاقتضى التصويب تلافياً لأي اجتهاد».

كذلك التقى السفراء الخمسة ايضاً ستة نواب من مجموعة «التغيير»، ونواب حزب «الطاشناق».