"حزب الله" استنجد بـ"حماس" لإطلاق مقاتليه الأسرى

في أحد البيانات الأولية التي أصدرها الجانب الفلسطيني عن مندرجات تنفيذ اتفاق الهدنة في غزة، ورد أن المرحلة الثانية منه ستتضمّن إطلاق مقاتلين من "حزب الله" كانت إسرائيل قد أسرتهم في المواجهات الميدانية التي شهدتها بلدات الحافة الأمامية من الجنوب، وذلك في إطار صفقة التبادل بين "حماس" والإسرائيليين التي تعد جزءاً أساسياً من الاتفاق نفسه الذي نص على أن يطلق الجانب الفلسطيني الرهائن الإسرائيليين الذين أسرهم إبان عملية "طوفان الأقصى"، في مقابل أن تفرج إسرائيل عن مئات من آلاف المعتقلين الفلسطينيين في سجونها.

لكن سرعان ما سُحب هذا النبأ من دائرة التداول، ولا سيما أن الأطراف الثلاثة المعنية به أي الحزب و"حماس" والجانب الإسرائيلي لم تبادر إلى تأكيده أو نفيه. وهكذا ظل مصير هؤلاء الأسرى محاطاً بستار من الالتباس والغموض، إذ من المعلوم أن إسرائيل بادرت بعد نحو شهر من هجومها البري الأخير على الجنوب إلى الكشف عن أسرها عدداً من مقاتلي الحزب وُجدوا متحصّنين في مواقع وأنفاق على الخطوط الأمامية وخصوصاً في قطاع بنت جبيل.
واللافت حينها أن إسرائيل ركزت على أن الأسرى لديها هم من عناصر "قوة الرضوان" في الحزب، التي كان الإسرائيليون يقدّمونها على أنها الوحدة النخبوية الأساسية التي أعدّها الحزب لاقتحام مناطق الجليل الأعلى.

وقد ظل عديد هؤلاء غير محسوم، ففيما ذكر الإعلام العبري في بعض المراحل أن عددهم يصل إلى حدود 11 أسيراً فإن مصادر على صلة بالحزب أوردت بعد فترة أن عديدهم لا يتجاوز سبعة عناصر.

واللافت أيضاً أن اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان خلا من أي إشارة إلى مصير هؤلاء.

وقد تبدّى لاحقاً أن الحزب لم يكن في وضع يسمح له بفرض شروط إذ كان مستعجلاً وقف النار بأي ثمن، كما لم تكن لديه أيّ مادة يستطيع أن يحوّلها إلى ورقة تفاوض ويحسّن فيها شروطه، على غرار تجربته في حرب تموز عام 2006 حيث استخدم ورقة الجنديين الإسرائليين اللذين أسرهما في عملية خلة وردة في خراج عيتا الشعب وهي العملية التي دفعت إسرائيل إلى شنّ حربها على لبنان طوال 33 يوماً.

وبناءً على هذه الوقائع بدا جلياً أن الحزب امتنع عن الحديث عن مصير أسراه أخيراً، فلا هو ذكر عديدهم بالضبط ولاهو فتح باب النقاش حول السبل التي سيسلكها لاستردادهم.

وظل الأمر في عتمة النسيان إلى أن ظهر لاحقاً أن الحزب لجأ إلى حركة "حماس" طالباً منها العمل لاسترداد أسراه عبر إدراج أسمائهم في لوائح التبادل في إطار جولات المفاوضات التي كانت تجري بينها وبين الإسرائيليين، وقد لبّت "حماس" طلب الحزب.

ومع ذلك فإن النتيجة لم تكن حاسمة، بحيث إن "حماس" والحزب لم يكن عندهما الخبر اليقين، فيما لم يعط الجانب الإسرائيلي جواباً حاسماً وواعداً إذ بقيت هذه الورقة طيّ الكتمان عند الإسرائيلي.

وثمة من يذكر أن سبباً آخر يجبر الحزب على هذا الأداء الغامض وهو أنه لا يملك فعلاً أي أرقام ثابتة عن عدد أسراه إذ إن هناك العشرات من مفقودي الأثر من عناصره حيث لا يمكنه نعيهم على أساس أنهم "شهداء" أو أنهم جثث ضائعة لا يستطيع سحبها أو أنهم أسرى.