المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم بيرم
الأربعاء 4 كانون الاول 2024 07:39:09
ما إن توقفت الأعمال العسكرية في الجنوب إنفاذاً للاتفاق المبنيّ على أساس الورقة الأميركية، حتى انطلق "حزب الله" في رحلة شاقة عنوانها وضع إحصاء دقيق ورسمي لخسائره البشرية وخصوصاً خسائر الجسم العسكري فيه، التي يمكن وصفها بالضخمة قياساً بخسارته المماثلة في حرب تمّوز 2006 التي عُدّت يومها متواضعة.
ولأن المواجهات في الحرب اتسمت بالضراوة، وكانت طويلة زمنياً إذ تعدّت 14 شهراً، سيكون أمام الحزب وقت ليس بالقصير لكي يقدّم ثبتاً نهائياً ودقيقاً لعديد خسائره البشرية منذ الثامن من تشرين الأول في العام الماضي.
ومع ذلك ثمة إحصاءات أولية توفرت من أكثر من مصدر على صلة بالحزب تشير إلى أن العدد التقريبي للعناصر الحزبية التي خسرها يُقدّر بما بين 3500 عنصر في الحد الأدنى إلى 4000 عنصر حداً أقصى، وهو رقم يُعدّ ضخماً إذا ما قورن بخسائرالحزب في حرب تموز التي أعلن أنها بلغت نحو 260، فيما يقدّر المصابون والجرحى بأكثر من عشرة آلاف.
ولكن هذا العدد على ضخامته يمتلك قابلية التغيّر والتعديل، خصوصاً أنه لا يمكن اعتبار كل هؤلاء منتمين إلى الجسم العسكري المحترف والمتفرغ في الحزب، إذ إن الحزب اعتاد أن ينعى المقاتلين الذين سقطوا كما التقنيون وخبراء الاتصالات وشؤون الهندسة إلى الأطباء والممرّضين (خسر الحزب نحو 9 أطبّاء كانوا متطوّعين أو متفرّغين).
فضلاً عن ذلك فإن لوائح الحزب الأولية ذكرت أن هناك ما لا يقل عن 500 عنصر يُدرجون في خانة "مفقودي الأثر" أي إنهم إما أشلاء يصعب حسم هويتهم قبل إجراء فحوص الـ"دي إن إيه" أو هم "متبخرون". واللافت أن هذا المصطلح الجديد شاع في الأشهر الأخيرة بعدما استحال العثور على جثث نحو 60 عنصراً أو أشلاء تعود لهم، ويبدو أنها تبددت وتبخرت من جراء استخدام إسرائيل أنواعاً متطورة جداً من الصواريخ والقنابل ذات القوة التدميرية العالية وربما كانت وفق تقديرات خبراء تظهر للمرة الأولى.
وحسب المعلومات المستقاة من مصادر على صلة فإن الحزب كلف منذ وقف الأعمال الحربية فرقاً متخصصة مهمتها البحث عن جثث مقاتلين تحت الأنقاض والركام في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. ولكن هذه المهمة لن تكتمل، وبالتالي تصير اللوائح النهائية جاهزة، قبل أن تنسحب القوات الإسرائيلية من القرى التي تسيطر عليها في الحافة الأمامية.
وفوق ذلك فإن جهات معنية في الحزب كلفت بمهمة إجراء فحوص الـ"دي إن إيه" لأشلاء أكثر من 150 عنصراً عُثر عليهم بالتدريج، ولن يكون بمقدورها إنهاء مهمتها قبل فترة غير محددة بانتظار الجلاء الإسرائيلي التام عن كل البلدات الجنوبية التي تفرض سلطتها عليها.
ووفق المصادر نفسها فإن الحزب كان قد خسر إلى ما قبل بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع بعيد اغتيال الأمين العام للحزب في 27 أيلول الماضي، نحو 560 عنصراً وهو كان ينعاهم رسمياً. أما العدد الباقي (المقدّر بنحو 3500 عنصر) فإنهم سقطوا في مواجهات الشهرين الأخيرين. وثمة معلومات تتحدّث عن أن العدد الأكبر من خسائر الحزب البشرية سقط في مواجهات البلدات الأمامية وتحديداً في الخيام إذ قيل إن الحزب خسر في مواجهات تلك البلدة ما يقرب من مئة عنصر، إلى آخرين في شمع والناقورة في القطاع الغربي وعيتا الشعب وعيترون وميس الجبل في القطاع الأوسط.
والمعلوم أن الجسم المقاتل في الحزب خسر هذا العدد الكبير في معارك البلدات لأنه كان ينفذ أمر عمليات من قيادة الحزب المركزية تقضي بمنع الإسرائيليين من التقدّم مهما كانت الأثمان، لذا كان قتال استشراس.
ويؤكد خبير عسكري فضّل عدم الكشف عن اسمه أن العدد النهائي لخسائر الحزب البشرية سيظهر جلياً عندما يقدّم الحزب "لوائح شهداء المقاومة" إلى قيادة الجيش إنفاذاً لقانون أقرّ في مجلس النواب قبل فترة طويلة، وستحوّل مديرية المخابرات هذه اللوائح بعد درسها إلى مجلس الجنوب حيث ستستفيد عائلة كل عنصر من مرتب "جندي ممتاز" ونفقات استشفاء لعائلته.
ومما يُذكر أن الحزب احتاج إلى مهلة ثلاثة أشهر بعيد حرب تموز لكي ينهي تقديم لوائحه.