حزب الله جاهز لتسوية داخلية وإلا "الصبر والصمود"

يتوسع الإنقسام في المقاربات السياسية الداخلية. بين من يراهن على تدويل الأزمة أو على حلّ ياتي من الخارج، وبين من يصرّ على رفض ذلك والذهاب إلى البحث عن تسوية داخلية على قاعدة الحوار.
في ظل هذا الإنقسام القائم، تتسارع وتيرة التطورات، خصوصاً من خلال الدخول القضائي الأوروبي على خطين أساسيين، خط التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، إلى جانب خط التحقيق في المسائل المالية والمصرفية على خلفية دعاوى رفعت في عدد من الدول الأوروبية ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. يأتي ذلك على وقع تصعيد أهالي ضحايا تفجير المرفأ لتحركاتهم، احتجاجاً على عرقلة التحقيقات وعلى السعي لتعيين قاض رديف للقاضي طارق البيطار. أما التحقيقات المالية المستمرة فإن أكثر من يعول عليها هو التيار الوطني الحرّ والذي قال رئيسه إن من يحاول التهرب من التحقيقات الداخلية سيبقى ملاحقاً بالتحقيقات الخارجية.

اهتمام دولي 
في المقابل، ثمة رهانات سياسية أخرى على اهتمام دولي بالأزمة السياسية القائمة، وانتظار لما يمكن أن تؤدي إليه لقاءات الخارج بين عدد من الدول المعنية بالملف اللبناني، لاسيما في ظل انتظار انعقاد اجتماع الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، المملكة العربية السعودية ودولة قطر في العاصمة الفرنسية للبحث في الملف اللبناني. هناك من يعتبر أن هذا الإجتماع قد يكون منتجاً، في مقابل عدم تعويل قوى أخرى عليه على قاعدة أن الدول لديها أولويات مختلفة ومتقدمة على الملف اللبناني.

رفض حزب الله 
يرفض حزب الله بشكل قطعي تدويل الأزمة اللبنانية، وهذا يظهر من خلال مواقف مسؤوليه، ويتوج بما أعلنه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من بيروت إذ قال إن إيران ترفض التدخل بالشأن اللبناني، وتعتبر ان القوى والتيارات السياسية اللبنانية قادرة على الذهاب لإنجاز التسوية على قاعدة الحوار فيما بينها. هو موقف يندرج في سياق التوكيل الإيراني المطلق لحزب الله بشأن إدارة الملفات السياسية الداخلية. وتؤكد المصادر القريبة من الحزب الرفض الكامل لمبدأ التدويل. كما أن الحزب يشدد على ضرورة الإسراع في إنجاز تسوية داخلية.

 هنا لا بد من التوقف أمام كلام أساسي لرئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين والذي قال:" إن الذي لا يكون قويًا ومتجذرًا في أرضه، ولا يكون حاضرًا، فسوف تأتي معادلات الخارج لتحقق مصالحه، وسوف تنتهي حينئذٍ مصلحة لبنان أمام مصالح الخارج." أضاف "حينما نقول تعالوا إلى العلاج السريع في الالتقاء والحوار والنقاش الواضح، فذلك من أجل أن نصمد ويصمد بلدنا أمام كل المتغيرات التي تحصل في المنطقة، وإلاّ سوف يُسلم زمام الأمر إلى الخارج، ونحن نعلم إلى أين سيأخذ الخارج هذا البلد والشعب ومستقبل لبنان". وختم صفي الدين داعيًا البعض "ليُخرِجوا الأوهام من ذهنهم ومن برامجهم وحياتهم، وأن يأتوا إلى الواقع لمعالجة الأزمات سويًا، لنكون مجتمعين ومتضامنين ومتكافلين، فهذه هي الحكمة والمصلحة والدعوة التي ندعوها بشكل دائم انطلاقًا من حرصنا على بلدنا ومستقبله".

هذا الكلام تعلق عليه مصادر قريبة من حزب الله بالقول:" إن الحزب يريد الوصول إلى تسوية، وهو جاهز لحصولها ولا يمانع تقديم تنازلات لترتيب الأوضاع الداخلية." ويرفع المقربون من الحزب شعار:" إما التسوية أو الصبر والصمود." وتضيف المصادر "إن بيئة الحزب وجمهوره هم الأكثر قدرة على الصبر والصمود بخلاف واقع القوى السياسية الأخرى والبنى الطائفية والإجتماعية المختلفة". ويعتبر المقربون من الحزب أن الواقعية يجب أن تفرض الذهاب إلى البحث عن الحل وتقديم التنازلات المتبادلة، دون ذلك فإن الوضع سيبقى معلقاً لفترة طويلة، ولا يمكن للخصوم الرهان على حسابات الخارج وتطوراته لأن ذلك قد لا يصب في صالحهم.