المصدر: الراي الكويتية

The official website of the Kataeb Party leader
الاثنين 10 شباط 2025 23:02:52
رغم الارتياح الكبير لقفْل بيروت، في «التوقيت المُناسِب» وبـ «الأشخاص المُناسِبين»، أبوابَ ريحٍ كان يمكن أن تجعلها تخسر الفرصة الأخيرة لتغيير مسارِ ملاطَمة الأمواج العاتية مالياً ومصارعة «التنين الهائج» الإسرائيلي الذي زُجّت البلاد في فمه، فإنّ اكتمالَ دفة قيادة السلطة التنفيذية بولادة الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزف عون، لم يبدّد كلياً المَخاوفَ من عواصف تتراكم نُذُرها في سماء المنطقة التي لم تهدأ بعد التحولات الجيو – سياسية التي هبّت عليها وكانت «حرب لبنان الثالثة» ونتائجها أحد مفاتيحها الرئيسية.
وفي الوقت الذي تدشّن الحكومةُ الجديدةُ اليوم اجتماعاتها في القصر الجمهوري بعد التقاط الصورة التذكارية على أن ينطلق بالتوازي قطار صوغ البيان الوزاري الذي يَنتظره الخارج لـ«يُبنى على الشيء مقتضاه» في ما خصّ حجم الانعطافة الإصلاحية - السياسية – السيادية التي سيُعبَّر عنها ولا سيما في عنوان «المقاومة»، وهو الاسم الحَرَكي لسلاح «حزب الله»، فإنّ المسرحَ الإقليمي بدا محفوفاً بألغام تَشي بإمكانِ تحريك ما بقي خامداً على خطّ الزلازل الذي اهتزّت صفائح ساخنة فيه بقوةٍ... من غزة التي «أبيدت» ويُراد الآن تحويلها «ملكية عقارية» أميركية أو متعدّدة الجنسية «تُدفن» تحتها «الدولة الفلسطينية» مع «توزيع» شعبها على «شتات جديد»، مروراً بحرب لبنان التي تعرَّض فيها الحزب لخسائر كبيرة وعُلّقتْ على اتفاقِ وقف نارٍ يُمتحن مجدداً في 18 الجاري، وصولاً إلى سورية التي انقلبتْ على نظام الأسد وتسعى لتثبيت أقدامها خارج المحور الإيراني بـ «أجنحته المتكسّرة».
الحريري
وإذ ستأخذ من وهج أسبوع العمل الأول حكومياً مشهديةُ ساحة الشهداء في وسط بيروت (يوم الجمعة) التي سيَزحف إليها مناصرو «تيار المستقبل» تحت عنوان «بالعشرين عالساحة راجعين» في ذكرى عقديْن على اغتيال الرئيس رفيق الحريري في تحرُّكٍ - استفتاء يُراد أن يمهّد لعودة الرئيس سعد الحريري ومن الباب الشعبي العريض عن قرار تعليقِ تياره المشاركة في الحياة السياسية الذي اتخذه قبل 3 أعوام، فإنّ أوساطاً مطلعة تَعتبر أن لبنان وبمزيجٍ من «العناية العربية - الدولية» والوعي المستعاد للقوى الوازنة ولو بقوةِ ما أفرزتْه الحرب من وقائع جديدة، تَجاوَز قطوعاً خطيراً كان سيشكّله مواجهتُه بلا رأسٍ للجمهورية ولا حكومةٍ مكتملة الصلاحيات استحقاقَ انتهاءِ مهلة الهدنة الممدَّدة مع إسرائيل الثلاثاء المقبل، و«الأفكار المجنونة» للإدارة الأميركية الترامبية حيال غزة والتي زادَها هستيريا بنيامين نتنياهو بتجرئه على تحدّي المملكة العربية السعودية بما ومَن تمثّل خليجياً وعربياً وإسلامياً وإقليمياً.
ورقة ضغط
وفيما دان لبنان الرسمي موقف نتنياهو وهو ما عبّر عنه الرئيس نواف سلام واضعاً دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي «إلى إقامةِ دولةٍ فلسطينية على أرض السعودية» في خانة «الاعتداء المستمر على الدول العربية والتدخل بشؤونها»، وفي ظل خشيةٍ مما يُخطَّط للقضية الفلسطينية والسعي لتصفيتها وما قد يُحْدِثه ذلك من ارتداداتٍ في أكثر من اتجاه ودولة، فإنّ القلقَ يسود من أن المنحى الذي يَفوق كل تصور الذي تنتهجه تل أبيب متفيئة الإدارة الأميركية الجديدة يُرجَّح أن يَحكم تَعاطي إسرائيل مع موعد 18 الجاري في ظلّ تقارير عن محاولة جديدة للحصول على غطاء من واشنطن لتمديد البقاء في أراضٍ لبنانية وهذه المَرة في 5 تلال إستراتيجية تطلّ على الجليل الأعلى وربما لفترة طويلة، فتكون بمثابة «بوليصة تأمين» لمستعمراتٍ شمالية وفي الوقت نفسه ورقة ضغط لضمان تنفيذ اتفاق وقف النار وفق مفهومها لجهة إنهاء أي وجود مسلّح لـ «حزب الله» في كل لبنان.
وفي حين كان نتنياهو يعلن أن «مقتل السيد حسن نصرالله صدّع محور الشرّ الإيراني وتَسبّب في سقوط الأسد وتمكنّا من السيطرة على الجولان»، فإنّ الواقع العسكري لحزب الله، الذي يستعدّ لتشييعٍ «طوفاني» جماهيرياً لأمينه العام في 23 الجاري، بات «يحوم» فوق التطورات التي تتدحرج في ريف حمص (قرب القصير) وبلداته على الحدود السورية مع لبنان في البقاع وصولاً إلى الشمال (عكار) في ضوء المواجهات بين قوات الإدارة السورية وعشائر لبنانية موالية للحزب والتي لم يعُد خافياً أن لها أبعاداً تتجاوز التصدي لمسألة تهريب المخدرات والسلاح لتطلّ على خلفيات إستراتيجية تتّصل بإكمال «كمّاشة» قطْع خطوط إمداد حزب الله بالمخزون العسكري من إيران عبر العراق، من ضمن القرار الكبير بإنهاء وضعيته خارج الدولة اللبنانية.
الحدود
وإذ استكمل الجيش اللبناني،انتشاره في المنطقة الحدودية الشمالية لمدينة الهرمل مع سورية بعد انسحاب مقاتلي أبناء العشائر خلف الحدود التي ينتشر فيها الجيش، أكد مدير أمن الحدود في حمص نديم مدخنة للعربية/الحدث الترحيب بانتشار الجيش اللبناني على الحدود، موضحاً أن التنسيق بين إدارة العمليات العسكرية والجيش اللبناني مستمرّ وكذلك العمليات الأمنية على طول الحدود، وكاشفاً أن «مرحلة التمشيط اقتربت من الانتهاء».
وفي الوقت الذي دهمت وحدات من الجيش اللبناني تؤازر كلاً منها دورية من مديرية المخابرات منازل مطلوبين في بلدَتي القصر- الهرمل والعصفورية - عكار وضبطت كمية كبيرة من القذائف الصاروخية والرمانات اليدوية والأسلحة الحربية والذخائر، برزت التقارير عن ضبْط إدارة أمن الحدود في سورية على نقطةٍ لصيقة بالحدود مع لبنان معملاً كبيراً لتزوير العملة.
ولم يقلّ دلالة أن هذه المواجهات باتت «تحت الرصد» الإسرائيلي وفق ما جاء في تقرير لـ«معاريف» نقل عن الباحث الإسرائيلي أميتسيا برعام إن «حزب الله الذي يحاول النهوض من بين الأنقاض» يَعتبر الحدود السورية اللبنانية «المكان الأكثر أهمية بالنسبة له لأن المعدات والأسلحة الآتية من إيران تأتي عبر معابر عند تلك الحدود». ورأى «أن حزب الله عازم على الاستيلاء على كل المعابر الحدودية بما في ذلك على الجانب السوري كي يتمكن من نقل الذخائر والموارد الأخرى بسهولة»، مشيراً إلى أن «التهديد الذي يشكّله تهريب الأسلحة من جانب الحزب لا يتم إحباطه فقط من الجيش السوري الجديد. فبالتوازي مع الاشتباكات على الحدود، نفذ الجيش الإسرائيلي موجة واسعة النطاق من الهجمات في عمق لبنان رداً على انتهاكات حزب الله، والتي شملت محاولات تهريب الأسلحة من سورية وإنشاء البنية التحتية العسكرية».
ومعلوم أن منطقة القصير وريفها وامتدادها اللبناني خصوصاً مع بلدتي الهرمل والقصر وصولاً إلى بعلبك والتي تركّزت فيها المواجهات منذ الخميس تُعدّ موقعاً إستراتيجياً لـ«حزب الله»، الذي كان «قبض» عليها منذ العام 2013 إلى أن باتت أشبه بـ«غرفة عمليات» عسكرية ولوجستية، وسط تقارير سبق أن تحدثت عن أنها منطقة لتجميع الصواريخ والمسيّرات التي تصل من إيران إلى جانب نقْل المقاتلين وتدريب مجموعات.