"حزب الله" والأسد... دمى لمشاريع إيران الإقليمية

"حزب الله" والنظام السوري وجهان لعملة واحدة. في سوريا، بشار الأسد أدار آلة القتل بلا رحمة، محولاً بلاده إلى جحيم من الدمار والتهجير. الأسلوب نفسه، العقلية الوحشية نفسها، التي جلبت له دعم إيران، فتحولت سوريا إلى ساحة تجارب لمغامراتها الإقليمية. وعندما كان يحين الوقت، كما في سوريا، أصبح الأسد معلقاً في الهواء أمامه خياران: موت كمصير معمر القذافي أو محاكمة كمصير الرئيس السابق صدام حسين. وعندما حاصرته المعارضة في دمشق، لجأ إلى بوتين، الذي أعطاه "لجوءاً إنسانياً". اليوم، حين يكتب التاريخ نهاية بشار الأسد، سقوطه ليس مجرد نهاية لحاكم دموي، بل هو بداية جديدة للشعوب التي تستحق الحرية والكرامة.

في لبنان، لا يختلف الأمر كثيراً. "حزب الله"، الذي "يزعم" مقاومته، أصبح أداة في يد القوى نفسها التي دعمت الأسد. يستخدم المنطق القمعي نفسه، ويبني سلاحه على أسس من التهديد والتصفية. الحزب الذي يتقن التلاعب بالحقائق، لا يتوانى عن اتهام الآخرين بالعمالة، وهو نفسه، كما الأسد، "عميل" لا يتورع عن تلقي الأوامر والتمويل من طهران.


في بيروت، وقبل سنوات من اغتياله، كتب سمير قصير عن الحرية التي لا تموت. عن تلك القوة الكامنة التي قد تمرض أحياناً، لكنها تبقى أقوى من الطغيان. لم تكن كلماته مجرد رأي في صحيفة، بل كانت تحدّياً مباشراً لنظام يسعى لخنق أي بصيص أمل بالحرية. كان الثمن حياته، لكن الأغرب من كلّ ذلك هو أن الذين قتلوا هؤلاء الشرفاء، هم أنفسهم الذين يرفعون شعار "المقاومة" بينما هم في الحقيقة عملاء لمشروع خارجي.

الاغتيالات التي طالت كمال جنبلاط، جورج حاوي، رفيق الحريري، سمير قصير، لقمان سليم، وكلّ الذين دفعوا الثمن غالياً لمواقفهم، لم تكن مجرد تصفية حسابات شخصية، بل كانت جزءاً من استراتيجية أكبر لإسكات كل صوت حرّ، لتحويل لبنان إلى منصة تخدم حروب إيران ومغامراتها الإقليمية.

ومن بين أولئك الذين دفعوا ثمن مواقفهم، هناك أيضاً شهداء أحياء مثل مي شدياق التي "قاومت" بشجاعة، ومروان حمادة الذي نجا من الاغتيال، لكنه ما زال يسير على درب "المقاومة" للكلمة الحرّة. فالمقاومة الحقيقية، كما قال كمال جنبلاط، ليست في السلاح الذي دمّر أوطاننا، بل في المغامرة من أجل الحرية والديموقراطية.

وما يحدث اليوم في المنطقة يُظهر بوضوح أن إيران، التي لطالما استخدمت وكلاءها كبيادق على رقعة شطرنجها، مستعدة للتضحية بهم متى دعت الحاجة. رأينا ذلك في سوريا، ورأيناه في لبنان. هي رحلة مشتركة للطغاة، الذين ظنوا أن شعوبهم ستظل خاضعة للأبد. لكن عندما أتى وقت انهيارهم، لم يجدوا إلّا الظلام يلاحقهم.