"حزب الله" يعطّل الحلّ رئاسياً واقتصادياً...

أكد الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، في إطلالته الأخيرة، أنّ «أيّ اعتداء على أي إنسان متواجد على الأراضي اللبنانية، سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً أو من جنسية أخرى... سنردّ عليه رداً قاطعاً وسريعاً». هذا الردّ مع ما يستجلبه للبنان من دمار، أمرٌ محسوم لدى نصرالله ولا يستدعي أي نقاش أو حوار، ولا يتطلّب حتى قراراً من الحكومة اللبنانية. كذلك قرّر «حزب الله» مع حركة «أمل» أنّ رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية مرشح «توافقي» لرئاسة الجمهورية. المعارضة المسيحية شبه الشاملة لانتخاب فرنجية، ورفض قوى خارجية مؤثرة لأي مرشح من محور «الممانعة»، غير مهمّين بالنسبة الى «حزب الله»، ويريد حواراً رئاسياً لإقناع الآخرين بـ»التوافق» على فرنجية أي التوصُل الى تسوية تأتي بمرشحه رئيساً مقابل «مكاسب» و»مناصب» أخرى للمعارضين. أمّا الحوار على اسم آخر رئاسياً فلن يخوضه «الحزب» الآن.

وفي حين أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي هو المدخل الأساس لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية وللجم السعر السياسي لليرة، وإجراء الإصلاحات المطلوبة للخروج من الانهيار، يدعو نصرالله القوى السياسية إلى طاولة حوار للإنقاذ الاقتصادي. وهذا يعني، بحسب جهات سياسية معارضة، أنّ نصرالله يُمعن باعتماد منطق التحدي وابتزاز الأفرقاء الآخرين، وكأنّه يقول إنّ الفراغ الرئاسي سيطول إلى أن تقتنعوا بفرنجية أو تتوافر ظروف انتخابه. واستثماراً للوقت، يدعو إلى حوارات أو يُشجّعها، وآخرها الحوار الاقتصادي، علماً أنّ هذا الحوار لا يغيّر في واقع الانهيار بغياب رئيسٍ للجمهورية وحكومة أصيلة.

لذلك تعتبر جهات معارضة أنّ هناك فريقاً سياسياً يريد أن يسيّر الدولة بطريقته من دون العودة إلى الدستور. وتسأل: «لماذا لا يدعو نصرالله إلى حوار حول الرد على أي اعتداء؟ وبأي حق يرد؟ ومن كلّفه بالرد؟». وترى أنّ نصرالله يعتبر أنّ «هذه مهمة إلهية مُكلف بها، وغير قابلة للنقاش، وهو المرجعية الوحيدة لاتخاذ القرار فيها. في المقابل، الملفات التي لا يضع يده عليها بقوة السلاح، بدلاً من تطبيق الدستور لحلّها عبر الذهاب إلى انتخابات رئاسية بجلسات متتالية، يريد حواراً حولها، لأنّه قرّر أنّها تتقرّر بالحوار، فيما من المعلوم كيف تبدأ جلسات الحوار وكيف تنتهي، إذ إنّ وجهة نظر كلّ فريق معروفة. فهو يريد رئيساً يحمي ظهر المقاومة والفريق الآخر يريد رئيساً سيادياً إصلاحياً».

وبالتالي، إنّ نصرالله يعلم أنّ الحوار لن يؤتي أي ثمار، ويهدف منه، بحسب الجهات المعارضة نفسها، الى رمي مسؤولية الشغور على طاولة الحوار وأن يرفع المسؤولية عن رئيس مجلس النواب والنواب الذين يعرقلون عقد جلسات انتخاب متتالية. وفي الوقت نفسه يأخذ «الحزب» من طاولة الحوار مشروعية سياسية لجهة أنّه يجلس مع القوى الأخرى ويبحث عن حلّ، ما يعطيه براءة ذمة على هذا المستوى، فيما أنّه واقعياً هو من يعطّل الحلّ.

ما يسري على الحوار رئاسياً ينسحب على الحوار اقتصادياً، بحسب المصادر إيّاها، فـ»حزب الله» لا يملك الحلّ الاقتصادي بل هو مسبّب الأزمة الاقتصادية التي لا تحلّ بحوار بل بانتخابات رئاسية تعيد الانتظام المؤسساتي وتفتح الباب أمام خطوات اصلاحية في سياق مسار دستوري ومؤسساتي يؤدّي إلى استقرار ثم فرملة الانهيار تباعاً وتدريجاً.