المصدر: الانباء الكويتية
الأحد 25 آب 2024 00:21:52
في كل مرة ترتفع فيها الأثمان المدفوعة في لبنان جراء المواجهة المفتوحة مع إسرائيل منذ إعلان ««حزب الله» فتح جبهة الإسناد لغزة من الجنوب، يكثر الكلام عن قرع طبول الحرب وتوسعها وخروج الأمور عن الضوابط وبلوغ المنزلق الخطر.
يأتي هذا الكلام مع ارتفاع «الفاتورة» لدى «حزب الله» بسقوط ضحايا من مقاتليه وكوادره، بلغ عددهم ثمانية في يوم واحد، وظهور تفوق إسرائيلي في استهداف المقاتلين في البيوت أو السيارات أو على الدراجات النارية، نتيجة التغطية الجوية الشاملة من الطائرات الإسرائيلية على أنواعها من حربية ومسيرات واستطلاع، وصولا إلى مشاركة الطائرات المروحية من طراز «أباتشي» في العمليات في شكل علني يوم الجمعة.
في الشارع اللبناني كلام عن أن «الحزب» يخسر أكثر وينزف بشريا في استمرار المواجهات على هذا النحو، والتزامه بـ«قواعد الاشتباك» من جانب واحد. في حين انه يرتاح أكثر في حال رفع وتيرة المواجهة واستعمال صواريخه الذكية المتوسطة والبعيدة المدى، ما يلحق ضررا بالجانب الإسرائيلي، في طليعته تهديد مدن بعيدة من الميدان، والتسبب بمزيد من التهجير داخل إسرائيل.
إلا ان «الحزب» يحاذر فتح الجبهة «على الواسع»، ويأخذ في الاعتبار الحشد العسكري الأميركي الهائل في البحر لحماية إسرائيل، على طريقة الجسر الجوي الذي أعانها على الصمود في حرب أكتوبر 1973. ويحسب «الحزب» بدقة خطواته العسكرية، ويحاذر إلحاق ضرر أوسع في الداخل اللبناني، لجهة فرض حرب موسعة على البلاد، والتسبب بتهجير سكان، في طليعتهم أبناء بيئته الحاضنة من الضاحية الجنوبية لبيروت والقرى والبلدات الجنوبية.
ازاء هذا المشهد تبقى الأنظار في الداخل اللبناني على المفاوضات في القاهرة، سعيا للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإمكان انسحابه تاليا على «جبهة الإسناد» اللبنانية.
الا أن معطيات عدة، بينها رسائل ديبلوماسية وإجراءات إسرائيلية في الميدان، تشير إلى فصل جبهة الشمال لدى إسرائيل عن عملياتها في غزة، وبالتالي نظرة إسرائيلية إلى مسارين مختلفين لكل منهما حساباته الخاصة، الأول في غزة حيث أعلنت إسرائيل انها شارفت على تحقيق أهدافها العسكرية، والثاني في لبنان حيث خطر التهديد لإسرائيل لا يزال كبيرا والأصح في بداياته، مع إدراك من قادة الحرب الإسرائيليين أن «الحزب» لم يقل كلمته في الميدان بعد، مع علم مسبق من الإسرائيليين ان «الحزب» مقيد بحسابات داخلية خاصة تحول دون توسيعه الجبهة، في طليعتها تأمين جمهوره المقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت ومحيطها، والذي أخلت الغالبية منه منازلها في الجنوب لمصلحة نازحين من بلدات وقرى المواجهة.
والسؤال المطروح: هل يتحمل «الحزب» تهجير ناسه في حال استهداف الضاحية الجنوبية وتدميرها كما حصل في حرب يوليو 2006؟
توازيا كشف مصدر مطلع لـ«الأنباء» أن لبنان يعوّل على ما ستؤول اليه محادثات القاهرة «التي ستعقد على مستوى رفيع، من أجل تذليل بعض العقبات من خلال تراجع حكومة بنيامين نتنياهو عن بعض الشروط المرفوضة من معظم الأطراف».
كذلك استبعد مصدر مقرب من «الثنائي الشيعي» أي توسع للحرب. وقال: «لو ان إسرائيل قادرة على شن حرب على لبنان لكانت بدأتها منذ الثامن من أكتوبر في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، عندما فتح حزب الله جبهة الإسناد».
وأشار إلى أن «إسرائيل تحاول استغلال قرار عدم الدخول في حرب واسعة من الجانب اللبناني، برفع مستوى استهدافاتها التي تتوسع في بعض الأحيان جغرافيا ونوعيا. وعندما تبالغ إسرائيل في عدوانها، فإن الرد اللبناني (من حزب الله) سيصل إلى عمق الأراضي المحتلة، وعدم الاكتفاء باستهداف المواقع الحدودية».
وأشارت مصادر إلى ان «الهدف من مواجهة العدوان، هو منع إسرائيل من التمادي في سياساتها وفرض هيمنتها».
على صعيد آخر، تناولت مصادر مطلعة «حجم الأضرار الكبيرة التي تسببت بها المواجهات نتيجه فترة الحرب التي تكاد تطوي شهرها الحادي عشر، اذ لم يكن في ذهن أكثر المتشائمين ان تطول إلى هذا المدى». وأشارت «إلى ان هناك نحو 150 الف نازح لبناني من المناطق الحدودية. وتأمين السكن وأسباب العيش لهم يفرض أعباء كبيرة، إضافة إلى عمليات النزوح التي حصلت اخيرا من منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت خشية ان يؤدي الرد على اغتيال المسؤول في الحزب فؤاد شكر إلى استهداف الضاحية».
في المواقف، وجّه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في بيان «دعوة إلى اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة لمواجهة الأمر الواقع ضمن الدستور والقوانين».
وجاء في البيان أنه «مع استمرار الجمود، وعدم انتخاب الرئيس، ومع حكومة تتعسف بلا ميثاقيتها ولا شرعيتها، ومع اقتصاد ينهار وشعب يهاجر، وخطر الحرب المفتوحة يتزايد، ومن دون معاتبة على الماضي وما فات، دعونا نذهب إلى المواجهة ضمن الدستور والقوانين والأهم ضمن الواجب بحماية الوجود لأن الأخطار تتهدد وجودنا ووجود لبنان».
وبين حرب موسعة أو نزف على نطاق محدد، يستمر اللبنانيون في يومياتهم المفتوحة على كل الحسابات.
الحركة في مطار بيروت عادية في قاعة الوصول، الا انها تفتقد السياح العرب والأجانب، بحسب حسين الذي يعمل على سيارته في الشركة المالكة حقوق النقل من المطار.
وقال حسين لـ«الأنباء»: «فقدنا زهاء 80 في المائة من زبائننا، ذلك ان اللبنانيين يختارون وسائل نقل بديلة من شركات خاصة تقدم خدمات بسعر أدنى من تاكسي المطار».
في حين كشف أحمد من المقيمين في ضاحية بيروت الجنوبية تحديدا منطقة عين الدلبة في برج البراجنة، عن «سعي المواطنين إلى تأمين سلة غذائية تموينية لا تتعدى قيمتها الـ 400 دولار أميركي. والبعض استدان من أصدقائه خصوصا أننا في الأيام الأخيرة التي تسبق نهاية الشهر. وكثر الطلب على مبالغ مماثلة، ربما لأن الدائنين يستطيعون ردها وقت قبض رواتبهم».
في الميدان، تعرضت أطراف بلدتي عيترون ومارون الراس في قضاء بنت جبيل لقصف مدفعي متقطع، مصدره مرابض الجيش الإسرائيلي المنصوبة في الجهة المقابلة. واستهدفت مسيرة إسرائيلية بصاروخ موجه، منزلا في بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل.
في حين أعلن «حزب الله» استهداف التجهيزات التجسسية في موقع الراهب بمحلقة انقضاضية. وكذلك تموضع لجنود إسرائيليين في موقع هرمون بمحلقة انقضاضية أخرى. ونعى «الحزب» أمس أحد عناصره قائلا انه توفي متأثرا بجروح أصيب بها في وقت سابق.